الكتب العربية المسموعة تجتاح الأسواق

  • 5/1/2019
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

لطالما كانت الجماهير الناطقة باللغة العربية متحمسة للتجارب الصوتية في المحتوى العربي، وقد تجلت تجارب العرب السابقة في ثقافة الحكواتي وإذاعات الراديو المصرية في ثمانينات القرن الماضي، التي كانت تشمل برامج تتمثل في سرد المقدّم لمختلف الكتب. لا عجب في اجتياح الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا لسوق الكتب العربية المسموعة. قال أحمد المالكي، المدير التنفيذي لـ”اقرأ لي”، وهو تطبيق تم تنزيله أكثر من مليون مرة “إن الكتب المسموعة هي التطور الطبيعي للكتب”. وأوضح أن حركة المرور الهائلة بين المدن العربية تجعل من الكتب المسموعة حلا مثاليا للأشخاص الذين يريدون قراءة المزيد من الكتب أثناء تنقلهم. وأضاف أن الهدف الرئيسي لتطبيق “اقرأ لي” يقوم على السعي إلى الاستفادة من الوقت الضائع والمهدور بسبب الاكتظاظ ومواكبة حركة النشر في العالم العربي. ويتضمن هذا التطبيق كتبا مختلفة ومقالات رأي جمّعت من صحف مصرية وعربية. وهناك عدد قليل من الشركات المختصة في إنتاج الكتب المسموعة، سواء الإقليمية أو الأوروبية، التي تقدم تسجيلا صوتيا احترافيا للأدب الإقليمي والدولي باللغة العربية. كما قال رائد الأعمال اللبناني طارق البلبل، وهو الشريك المؤسس والرئيس التنفيذي في شركة “بوكلافا” في دبي والذي قاد عدّة مشاريع في مجالات التسويق والمبيعات والعمليات التجارية والاستراتيجية في أكثر من 30 سوقا دولية، إن سوق الكتب المسموعة ضخم ويبلغ مستخدموه 75 مليون فرد. وأضاف أن القسم العربي مازال في بداية طريقه في هذا السوق مقدرا عائدات تصل إلى 500 ألف دولار سنويا. وتتراوح تكاليف إنتاج كتاب يتكون من 200 صفحة بين 1600 دولار و5 آلاف دولار. ويمكن أن يستقطب إنتاج الكتب المسموعة دور نشر أكثر لأن التسجيل الصوتي يتم مرة واحدة فقط، ويمكن أن ينشر إلى عدة مشتركين ليصبح مربحا أكثر من الكتب المطبوعة التقليدية. ومع سهولة الدفع عبر الإنترنت، تعد المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة الأسواق الرئيسية لهذه الشركات الناشئة. ولأنها كانت تعتمد في بناء اسمها على مبيعات الكتب المطبوعة، كانت العديد من دور النشر مترددة في البداية، لكن ولكي يصل السوق إلى نقطة انعطاف، اشتدت الحاجة إلى زيادة الوعي من جانب الناشرين. وقال عمار مرداوي، مدير “ستوريتل أرابيا” التي تتخذ من السويد مقرا لها، “يستثمر عدد قليل من ناشري الكتب العربية في إنشاء إصدارات مسموعة من منشوراتهم”. وأكد أنه لكي يحقق السوق إمكاناته الكاملة، ينبغي على الناشرين المشاركة أكثر في إنتاج كتب صوتية وتوزيعها من خلال المنصات المتاحة على الإنترنت. وتستجيب دور النشر للمؤلفين الذين يطالبون بأن تصل أعمالهم إلى جماهير أوسع. ومع تزايد الطلب على كتالوجات الكتب الكبيرة، لاسيما من جيل الألفية الرقمية، تقوم دور النشر بإعداد عملياتها بعناية لاختيار عناوين الكتب وتوظيف قراء مختصين لسردها. وقال البلبل “الكتب الكلاسيكية والروايات الحديثة وكتب المساعدة الذاتية والتنمية الشخصية هي الأكثر شعبية”. وأضاف “نحن نحرص على وجود توازن كاف بين العناوين المطلوبة دائما مثل الكتب الكلاسيكية وأحدث الكتب مبيعا. نحن نأخذ نقد الكتب والجوائز وتوصيات محررينا على محمل الجد قبل البدء في إنتاج الصوت”.ولضمان تسجيلات صوتية عالية الجودة، قامت شركات الصوت بإنشاء وظائف في سوق فني غير متوقع: مع ممثلين محترفين، ومذيعي راديو، وفي بعض الأحيان تتعاون مع فنانين مشهورين. وتقول الفلسطينية آلاء أحمد، معلقة صوتية محترفة ومتخصصة في إنتاج الكتب المسموعة، والتي طورت موهبتها من خلال دورات عبر الإنترنت، “إلى جانب وجود صوت السرد الواضح ومهارات جيدة في التمثيل، فإن الجزء الأكثر أهمية هو إظهار المشاعر المناسبة والسرد مع الانتباه إلى القواعد”، مضيفة أن “العرب يهتمون كثيرا باللغة”. وتعتبر متطلبات اللغة مشكلة أخرى لأن 95 بالمئة من الكتب العربية دون إعراب ويحتاج الكثير منها إلى طابع محلي، بما في ذلك اللهجات المستخدمة في القصة. فعلى سبيل المثال، يحتاج كتاب شعر من الإمارات العربية المتحدة إلى قارئ بلهجة إماراتية. ولتلبية هذه الاحتياجات، طورت شركة “مسموع” وهي أول مكتبة عربية صوتية عامة في الأردن دورة فردية لتعزيز المهارات مثل قواعد اللغة العربية والتمثيل الصوتي. وتهدف بذلك إلى تدريب المزيد من الرواة المحترفين بمساعدة مهندسي الصوت في استوديوهات التسجيل الاحترافية. وقالت آلاء آلاء سليمان، المؤسسة المشاركة لـ”مسموع”، “نحن نعتقد أنه لا يوجد ما يكفي من المواهب الصوتية اللازمة لتغطية السوق بأكملها”. وأوضحت أن “التدريب الذي نوفره يمنح الفرصة لأي شخص يعمل في مجال الإعلام أو الفن أن يصبح ممثلا صوتيا محترفا”. وتحاول الشركات الناشئة بوضوح ترك بصمتها. وقال بلبل “نريد أن نجعل المعرفة في متناول العرب في جميع أنحاء العالم وأن نوفر للأشخاص ذوي الإعاقات البصرية إمكانية الوصول إلى الكتب”. وتزداد المنافسة بسرعة كبيرة في هذا السوق بين شركة “ضاد” للكتب الصوتية التي تتخذ من السعودية مقرا لها، وشركة “كتاب صوتي” السويدية سريعة النمو. ومن الواضح أن صناعة الكتب المسموعة العربية في مراحلها الأولى وما قد يزيد من شعبيتها هو الاستثمار الإضافي في الإنتاج والتسويق.

مشاركة :