مثقفون: على المثقف أن يكون خارج منظومة «البشوت» و «المباخر»

  • 9/9/2013
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

ما يزال مؤتمر الأدباء السعوديين الرابع حاضراً بتداعياته وبردود فعل المثقفين حول فعالياته وما حدث فيه خلال حفلة الافتتاح من معاملة يرى البعض أنها لا تليق بالمثقف السعودي، خصوصاً في مؤتمرات وندوات يفترض أنها أقيمت خصيصاً لتطارح هموم الثقافة وقضايا المثقفين. فأن يطلب من المثقفين ترك مقاعدهم للموظفين في إمارة هذه المنطقة أو تلك، فهذا أمر رأى فيه كتاب وأدباء إذلالاً للمثقف وسلباً لمكانته وعدم الاعتراف بأهميته في المشهد بكامله، فالخطاب الذي وجهه الكاتب زهير كتبي إلى أمير منطقة المدينة المنورة يشكو فيه من المعاملة التي اعتبرها «سيئة» وغير «لائقة» أثار جملة من الاستفهامات حول المثقف ومكانته، كما أن الفعاليات وعدم تفعيل التوصيات حظيا بنصيب كبير في نقاشات المثقفين واهتماماتهم. القاص والكاتب محمد المنصور الشقحاء قال لـ«الحياة» إن زهير كتبي «لم يكن الوحيد. كان هناك آخر روى حالته ونحن نشرب الشاي أثناء استراحة بين ندوتين في اليوم الثاني». وأوضح الشقحاء أن ما حدث «ارتباك في التنظيم، إذ يفترض حجز مقاعد للمشاركين في مؤتمر الأدباء والمدعوين من المدن الأخرى»، مشيراً إلى أن هناك قلة يرون أن من حقهم الجلوس في الصف الأول، «حتى يكون أمام نظر الراعي للحفلة، وتسنح الفرصة للسلام وتقديم معروض بطلب خاص». وأكد أن الأديب الحقيقي «عفيف، فإذا استجاب لدعوة فلا يعنيه المكان، والأقزام اجتماعياً يرون المظهر أقوى أثراً من الجوهر، فترى صخب الأقزام وغثاء أنصاف الكتاب يشتعل في كل مناسبة لإثبات الوجود، ومن حضوري لحفلة افتتاح مؤتمر الأدباء بالمدينة المنورة كانت نصف مقاعد الصالة فارغة». فيما أكد الشاعر مسفر الغامدي أن المثقف الحقيقي «لن يبحث عن مكان ليس له. هو يعرف أنه لم يخلق لحفلات التدشين والتكريم والوداع والاستقبال، ولكن ليقرأ ويفكر ويبدع ويتساءل ويشكك ويَقلَق ويُقلِق. ولفت إلى أن «المثقف الحقيقي - إن كان هناك من مثقف حقيقي - يجب أن يكون حذراً جداً حين يتعلق الأمر بهذه التفاصيل التي تقف في منطقة مضادة للثقافة والإبداع، وعليه أن يكون خارج إطار الصورة التقليدية وخارج منظومة البشوت والمباخر ودهن العود، وإلا كانت ثقافته مجرد وهم يضاف إلى كثير من الأوهام التي نحيا بها». ويرى الكاتب أحمد آل مجثل أن المسؤولية المباشرة تقع على عاتق «مسؤولي الأندية الأدبية في المقام الأول، حين يستجدون المسؤول رعاية أو حضوراً للمناسبات الثقافية، أمّا المسؤولية الأخرى فهي تنصب على المثقف الذي ينهار حين يجد ذلك المسؤول في مقدم الحضور». وقال إن المثقفين «يشدُّهم العوز والحاجة وقِلَّة ذات اليد، وليست لهم مزايا، ولا سند يقف معهم عند حاجتهم، ولا هيئة يمكن أن يعولوا عليها عند كربهم أو مصيبتهم، لذا يلجأون إلى وضع أنفسهم في المكان الخطأ، ويتركون الفرصة الأدبية والثقافية لمن لا علاقة لهم بها»، مضيفاً أن المثقفين منذ عقود «ونحن نطالب بصندوق الأدباء والمثقفين والفنانين، ويندرج تحت هذا الطلب الكتاب والإعلاميون ومن اتخذ القلم والكتابة حرفته، طالب مَن كان قبلنا ونحن مِن بعدهم نطالب ولكن ما هي النتيجة؟ الأديب والمثقف حين لا تضطره الحاجة للتسول وكسر عينه بهبات أو مزايا أو نظرة إشفاق من الآخرين، سيكون صادقاً ناصحاً أميناً مع حرفه وحرفته، وسيكون في المكان اللائق به قيمة ومُقاماً». وقال إن الأمة المتحضرة «هي التي تحتفي بأدبائها ومثقفيها ومفكريها وتضعهم في مقدم الصفوف». ويرى الكاتب علي النحوي أن المثقفين يتعرضون أحياناً «إلى ما يمكن أن يعتبر إهانة أو تقليل شأن». وقال إن المثقف «يستبشر بمن يشاركه العطاء، ويسانده فيما يرفع من الشأن الثقافي السعودي من دون أن يستشعر بالضيق ممن قد يسير معه للهدف ذاته، لكنه أيضاً يستاء ممن يزاحمه من دون أن يشاركه أو يقصيه بحجة أو أخرى، ما يجعله مجرد ورقة بيضاء ليست ذات أهمية للملتقى أو المهرجان أو المؤتمر. إننا ندعو لحماية حق المثقف ابتداء من المكان الذي يجلس فيه، وإلى إعطائه الفرصة التي تليق به في المناسبة المدعو إليها». وأضاف: «إنني هنا لن أنطلق من موقف ما، لكنني أؤكد على دعوة طالما أكدها خادم الحرمين الشريفين وهي أن يوضع العلماء والمثقفون في المكان الذي يليق بهم، لأن الأمم التي تكرم علماءها ومبدعيها أمم نابضة بالحياة، ويبقى السؤال قائماً: ماذا لو بقي المثقف منزوياً أو مبتعداً عن المشهد الثقافي بحجة الحفاظ على مكانته وكرامته؟ أظننا حينها سنشعر بغياب جزء عزيز من الوطن في مناسباتنا الوطنية المختلفة، لذا أرانا متفائلين بأن يجد المثقف كل ما يسره ويليق به في الملتقيات الوطنية الثقافية، راجياً أن يتفهم صوت المثقفين كل من له علاقة بهذه الملتقيات التي تمثلنا بالنتيجة جميعاً».

مشاركة :