لبنان: جدل بشأن مرسوم تجنيس أشخاص بينهم مقربون من الأسد

  • 6/6/2018
  • 00:00
  • 4
  • 0
  • 0
news-picture

تشهد الساحة اللبنانية جدلا سياسيا واجتماعيا واسعا بسبب مرسوم أصدره الرئيس ميشال عون يمنح بموجبه الجنسية اللبنانية لنحو 300 شخص، ويشمل عددا من المتمولين السوريين المقربين من الرئيس بشار الأسد. وعلى الرغم من كون إصدار مرسوم من هذا النوع يعد من صلاحيات الرئيس اللبناني، إلا أنه يتعرض لانتقادات واسعة من سياسيين ومواطنين من عدة تيارات. أثار مرسوم أصدره الرئيس اللبناني ميشال عون، يمنح بموجبه الجنسية اللبنانية لعشرات الأشخاص، بينهم متمولون سوريون مقربون من الرئيس بشار الأسد، جدلا واسعا في لبنان وغضبا في الشارع وفي أوساط السياسيين. وتنتقد حملة ما يوصف بـ"السرية" التي تحيط بالمرسوم الذي لم يتم نشر أسماء المستفيدين منه رسميا حتى الآن، في وقت لا يزال آلاف الأشخاص الذين يعيشون منذ عشرات السنين في لبنان ويعتبرون أنهم يستحقون الجنسية، محرومين منها. وصدر مرسوم التجنيس في 11 أيار/مايو بعدما وقعه الرئيس اللبناني ميشال عون، لكن لم يعرف عنه شيء إلى أن بدأت قبل أيام التسريبات في وسائل الإعلام التي تحدثت عن لائحة قد تتخطى 300 شخص من جنسيات مختلفة بينهم سوريون وفلسطينيون وعراقيون. وتحت ضغط عاصفة الانتقادات، وعلى الرغم من صدور المرسوم واعتباره نافذا، أحالت رئاسة الجمهورية الملف إلى المديرية العامة للأمن العام للتحقق من أحقية الأشخاص الواردة أسمائهم بالحصول على الهوية اللبنانية. وطلب رئيس الجمهورية في بيان "من كل من يملك معلومات أكيدة بشأن أي شخص مشمول بالمرسوم ولا يستحق الجنسية اللبنانية، التوجه بمعلوماته هذه إلى وزارة الداخلية - المديرية العامة للأمن العام للاستثبات". ويملك رئيس الجمهورية صلاحية منح الجنسية اللبنانية وحده بموجب مرسوم يشترك معه في التوقيع عليه رئيس الحكومة ووزير الداخلية. ونشرت وسائل إعلام عدة لوائح بينها أسماء رجال أعمال معروفين منهم سوريون من الدائرة المقربة من النظام. ومن هؤلاء خلدون الزعبي، نائب رئيس مجلس إدارة شركة "أمان القابضة"، ومازن مرتضى ابن وزير تعليم سابق. وجراء عدم نشر السلطات لنص المرسوم، لم يتسن تأكيد الأسماء المسربة كافة. وردا على الانتقادات، دافع وزير الخارجية جبران باسيل، صهر عون، عن المعايير المعتمدة في مرسوم التجنيس الجديد، وقال الاثنين في مؤتمر صحافي إن الجنسية يمكن أن تعطى "لكل أحد مفيد للدولة، إن كان صاحب أعمال أو مستثمرا أو صاحب سمعة جيدة، وللبنان مصلحة بإعطائه الجنسية". رجال أعمال ومستثمرون ولا يسمح القانون اللبناني لرجال أعمال أجانب بالاستثمار من دون شركاء لبنانيين. وأكد رجل الأعمال السوري المعروف فاروق جود، وهو صاحب شركات ومعامل عدة في قطاعات الأغذية والفولاذ والمطاحن، ما ذكرته التقارير عن تجنيس أبنائه الثلاثة، مشيرا إلى أن الهدف من طلبهم الجنسية "تسهيل أعمالهم"، ونفى أن يكون هناك أي خلفية سياسية لذلك. وقال لوكالة الأنباء الفرنسية في بيروت عبر الهاتف "أعمالنا الصناعية في سوريا تتطلب مواد تمر عبر لبنان وأخرى مستوردة من لبنان، ولذلك لجأ اولادي الذين يتنقلون بشكل شبه أسبوعي تقريبا بين البلدين، إلى طلب الجنسية". وتابع "لدينا مواد كثيرة تشحن عبر المرافئ اللبنانية وتحتاج إلى متابعة وتحميل، وهذا بالأصل مفيد للبنان... إنها إضافة للاقتصاد اللبناني". ومن شأن حصول أبناء جود على الجنسية تسهيل فتح شركة للعائلة في لبنان، وفق ما يقول، موضحا "ليست لدينا استثمارات حاليا في لبنان لسبب بسيط هو أننا لا نريد أن نتشارك مع أحد، نريد شركة نملكها نحن". ولم تقنع هذه الاعتبارات معارضي المرسوم من الأطراف السياسية، وأبرزهم الحزب التقدمي الاشتراكي (درزي) وحزبا القوات اللبنانية والكتائب اللبنانية (مسيحيان) وآلاف اللبنانيين الذين علقوا بالتهكم على مواقع التواصل الاجتماعي. وقال النائب وائل أبو فاعور من الحزب الاشتراكي المناهض للنظام السوري الأحد "هذا المرسوم لن يمر مرور الكرام، ولا يمكن القبول بتحويل الجنسية اللبنانية إلى سلعة تباع مقابل الأموال ولمن؟ للقتلة ولكبار معاوني القتلة"، في إشارة إلى النظام السوري الذي يعارضه الحزب بقوة. وكتب الناشط فراس بو حاطوم على حسابه على فيس بوك ساخرا "مشروع التجنيس مشروع تجاري لتعبئة الجياب. وأكثر من ذلك، مشروع بيع البلد للنظام السوري. لبناني منذ أكثر من عشرة مليون دولار". وطالما شكل التجنيس قضية إشكالية في لبنان، خصوصا أن كثيرين يربطونه بمساعٍ لتغيير الميزان الطائفي في البلد الصغير ذي التركيبة الهشة. وأعاد الأمر إلى الأذهان مرسوم صدر في العام 1994 في ظل الهيمنة السورية على لبنان لتجنيس آلاف الأشخاص، وتبين لاحقا أن غالبيتهم من المسلمين السنة، وبينهم سوريون وفلسطينيون. لكن لم تعرف بعد بالتأكيد الطوائف التي ينتمي إليها المستفيدون من المرسوم الأخير. مكتومو القيد وأبناء اللبنانيات وتوقف كثيرون عند قيام فريق عون بالدفاع عن المرسوم، في وقت قدم أعضاؤه أنفسهم لسنوات طويلة على أنهم "أبطال" رفض مرسوم التجنيس السابق منعا لجعل "التوطين" أمرا واقعا. وأكثر ما أثار غضب ناشطين حقوقيين هو تجاهل المرسوم لآلاف الأشخاص من مكتومي القيد، وآلاف الأمهات اللبنانيات المتزوجات من أجانب والممنوعات من نقل الجنسية لأولادهن. وليس هناك إحصاء رسمي لمكتومي القيد، وهم أشخاص غير مسجلين، يعملون بشكل غير رسمي ولا يملكون حق التملك، ولا يحملون سوى ورقة تعريف من المختار برغم أنهم يعيشون منذ عشرات السنين في لبنان. ويتراوح عددهم، وفق دراسة أجرتها جمعية "رواد الحقوق" المختصة بقضايا مكتومي القيد، بين 40 و60 ألفا يعيش معظمهم في مناطق فقيرة نائية. وتقول سميرة طراد من الجمعية "قانونيا هم أشخاص غير موجودين، نكرة، لا وجودك مسجل ولا موتك مسجل"، مضيفة "قبل أن نجنس الناس من الخارج، يجد أن تأخذ الدولة قرارا للحد من ظاهرة مكتومي القيد وهم أكثر من لهم أحقية بالجنسية". وتعيش ناتالي مجدلاني (42 عاما)، وهي من أب فرنسي وأم لبنانية، في لبنان منذ 38 عاما من دون أن تحصل على الجنسية. وتقول لوكالة الأنباء الفرنسية "تربيت وكبرت ودرست هنا، لكن لا يمكنني أن أحصل على الجنسية". وتضيف "كل ثلاث سنوات أجدد إقامتي. فقدت الأمل في الحصول على الجنسية، ثم أجد اليوم أن آخرين لا يعيشون حتى هنا حصلوا عليها. لماذا؟ لأنهم يملكون المال؟ من هم هؤلاء ولماذا تحق لهم بالجنسية وليس أنا؟". فرانس24/أ ف ب نشرت في : 06/06/2018

مشاركة :