بعد أربع محاولات لم يكتمل فيها نصابه، نجح البرلمان العراقي أمس الأربعاء في عقد جلسة حضرها 172 نائباً أقر خلالها تعديل قانون انتخابات مجلس النواب، وإحالة أعضاء المفوضية المستقلة للانتخابات إلى هيئة النزاهة والتقاعد، على خلفية «خروقات» شابت اقتراع الشهر الماضي. وقرر البرلمان انتداب 9 قضاة بدلاً من أعضاء المفوضية الحاليين، لتولي العد والفرز اليدوي لكل الصناديق، بدلاً من اقتراح أولي بشمول ربعها فقط، بحسب النائبة الكردية سروة عبد الواحد التي قالت لـ«الشرق الأوسط» إن «البرلمان صوّت بالأغلبية على إعادة العد والفرز في كل الصناديق في عموم العراق، مع إلغاء تصويت الخارج والحركة السكانية والمشروط» في مخيمات النازحين ببعض المحافظات. وعما إذا كان ذلك سيغير النتائج، قالت عبد الواحد: «أعتقد أن التغيير بشكل عام سيكون جزئياً لكنه سيكشف في الوقت نفسه أن هناك من استغل موقعه أو ما يملكه من أموال ونفوذ للقيام بعملية التزوير». وتضمنت فقرات تعديل قانون الانتخابات «إعادة العد والفرز اليدوي لمجمل نتائج الانتخابات، وإيقاف عمل مجلس المفوضين ومديري مكاتب المفوضية في المحافظات واستبدالهم من خلال تسعة قضاة»، إضافة إلى «تشكيل لجنة لتقصي الحقائق بشأن الانتخابات والخروقات التي رافقتها». وتأتي قرارات البرلمان غداة توصيات لجنة التحقيق الوزارية الخاصة التي أكدت وقوع خروقات كبيرة، وأوصت بنقاط عدة، أهمها إلغاء نتائج الخارج وإعادة العد اليدوي لجزء من النتائج، فضلاً عن منع مسؤولي المفوضية من السفر إلى الخارج إلى حين إتمام التحقيقات وثبوت عدم تورطهم في التلاعب بالنتائج أو التزوير. وكان رئيس البرلمان سليم الجبوري أكد خلال الجلسة الافتتاحية أن الهدف من عقد هذه الجلسة الاستثنائية «هو تصويب العملية الانتخابية». وعما إذا كان القانون يسري بأثر رجعي، أكد الخبير القانوني أحمد العبادي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «طبقاً للدستور العراقي فإن القوانين لا تسن بأثر رجعي... عملية إعادة العد والفرز اليدوي التي أقرها البرلمان تحتاج إلى تعديل هذه الفقرة، لأن القانون الذي كان البرلمان صوّت عليه عام 2013 أقر العد والفرز إلكترونياً، وبالتالي فلا بد من حل مثل هذه الالتباسات». لكن نائباً عن «ائتلاف دولة القانون» الذي يقوده نوري المالكي اعتبر أن «القوانين يمكن أن تسري بأثر رجعي ما لم يترتب على ذلك جنبة مالية»، مشيرا إلى أن «السؤال هنا هو عما إذا كان موضوع إعادة الفرز والعد اليدوي الذي أقر بهذا التعديل يحتاج إلى أموال، لأن ذلك يتطلب مفاتحة الحكومة». واعتبر مصدر نيابي طلب عدم الإشارة إلى اسمه أن «أكبر مستفيدين من هذه العملية هما رئيسا البرلمان سليم الجبوري والحكومة حيدر العبادي». وأوضح لـ«الشرق الأوسط» أن «الجبوري يرى أنه ظلم كثيراً في هذه الانتخابات، وتقول مصادره المقربة إن هناك من دفع نحو 5 ملايين دولار كي لا يفوز الجبوري بهذه الدورة بسبب خلافات حادة مع أطراف سنية، لا سيما في الأنبار وبغداد». أما العبادي، فهو بحسب المصدر: «شعر بالإحباط وبأن النتائج لم تكن لصالحه، سواء على صعيد الأصوات التي حصل عليها بصفة شخصية وبلغت أكثر قليلاً من 55 ألف صوت، أو من جراء النتائج العامة إذ كان يتوقع حصوله على المركز الأول، وهو الذي هزم تنظيم داعش وتمكن من عبور الأزمة الاقتصادية الصعبة خلال السنوات الأربع الماضية». ويرى النائب التركماني عن محافظة كركوك حسن توران أن «نسبة الحضور العالية خلال جلسة البرلمان أكدت بما لا يقبل الشك أن كل الكتل السياسية، بما فيها الفائزة، تريد أن تنأى بنفسها عن المزورين». وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «ما صدر من قرارات وتعديل قانون يعد أمراً مهماً في هذه المرحلة، خصوصاً أن الحكومة والبرلمان كلاهما طعن في الانتخابات». أما النائب مشعان الجبوري فيقول لـ«الشرق الأوسط» إن «ما تم التصويت عليه داخل البرلمان يهيئ الأرضية القانونية التي يحتاجها القضاء للتحرك، وقمنا بذلك والآن الكرة في ملعب القضاء». وأضاف أن «ما يقرره القضاء عبر كل مفاصل العملية الانتخابية سنقبل به، إذ كان القضاء يقول لنا دائما إنه تنقصه التشريعات كي يتحرك».
مشاركة :