تاريخ البحرين الحديث يمكن تحديده مع بداية تقلد جلالة الملك المفدى حمد بن عيسى آل خليفة مقاليد الحكم العام 1999، حيث تحدث جلالته حينها بمجلس الشورى بشهر ديسمبر عن الوطن الذي ينشده والرؤية الملكية التي يتطلع إليها، فقد أعاد جلالته خلال السنوات العشرين الماضية رسم الهوية البحرينية بتعزيز الثوابت الوطنية والقيم والاخلاق، ومن خلال مجموعة من المبادرات والفعاليات التي ان تتبوأ البحرين المكانة المرموقة، وأبرزها ظاهرة التواصل والتزاور في شهر رمضان المبارك، وهي ظاهرة فريدة بالمنطقة وتستحق الدراسة، حيث تفتح مجالس البحرين الأهلية أبوابها وتستقبل زوارها بحفاوة وكرم، في مدنها وقراها، لتعزيز اللحمة الوطنية والنسيج الاجتماعي. ويأتي استقبال جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة في هذا الشهر الكريم للفعاليات المجتمعية بمختلف توجهاتها ليثري الساحة البحرينية بمزيد من التواصل المجتمعي، وقد شهد قصر الصخير العامر أبناء المحافظات الأربع (العاصمة، المحرق، الجنوبية، والشمالية) وهم في معية جلالة الملك المفدى، لتقديم التهاني والتبريكات بمناسبة الشهر الكريم، ويستمعوا إلى توجيهاته السديدة. وقد استقبل جلالته مجلس الأمناء لمركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي الذي يسعى لتدشين مجموعة من الفعاليات داخل البحرين وخارجها لتعزيز القيم والمبادئ الانسانية، والتي تندرج ضمن حماية الحريات الدينية واحترام التنوع الفكري والثقافي في البحرين، ولعل شهر رمضان لأكبر شاهد على العلاقات البحرينية المتميزة، ويمكن مشاهدة ذلك في المجالس الأهلية التي تشهدها البحرين في هذا الشهر الكريم، ورؤية العلاقات الاجتماعية في أحلى صورها. لقد أشاد جلالة الملك المفدى بالجهود التي قامت بها جمعية (هذه هي البحرين)، وكيف أنها استطاعت نقل الصورة المشرفة للبحرين في زيارتها الأخيرة للمملكة المتحدة، والالتقاء بالأمير أندرو دوق يورك، بل وعكست العلاقات الاجتماعية الجميلة في البحرين التي تربط أهلها بمختلف دياناتهم ومذاهبهم وثقافاتهم حتى أصبحت مبعث السرور والفخر لجلالة المفدى. إن المهام والمسؤوليات التي يتحملها مركز الملك حمد العالمي للتعايش السلمي تأتي لنشر قيم التعايش والتسامح والحوار بين مختلف الثقافات والأديان، وهذا ما أكد عليه الأمير أندرو حين زاره وفد من جمعية (هذه هي البحرين)، حيث قال في كلمته الترحيبية بأنه (يجب علينا جميعًا أن نتعلم من النموذج البحريني للتعايش والسلام، والذي نجح في تقديم تجربة يحتذى بها على مستوى العالم). وفعلًا البحرين اليوم تفخر بهذا المكسب الإنساني (التعايش) في ظل أجواء إقليمية متوترة بسبب ظهور جماعات التطرف ومليشيات الإرهاب، فالبحرين اليوم تشهد حالة التعايش الطبيعي، فالتعايش والتسامح في البحرين (ليس هدفًا وإنما واقع حقيقي يعيشه الجميع على أرض المملكة، بشكل يومي، وبانسجام تام، كعائلة واحدة) كما جاء على لسان الامير أندرو. وقد جاءت شهادة الأمير أندرو من واقع المشاهدة الحية حين زار البحرين في الشهر الماضي حين أقيم سباق الفورملا واحد، والتقى باتباع الديانات والمذاهب والثقافات، وتحدث معهم مباشرة دون قيود، وقد خلص إلى هذه النتيجة، وهي أن التعايش في البحرين حالة طبيعية ومتأصلة بالمجتمع البحريني، وذلك يعود (للسياسة الحكيمة والنظرة الثاقبة لحكام آل خليفة الكرام منذ 200 عام، وبأنهـم اتجهوا للشراكة والتعاون مع بريطانيـا، دون غيرها من دول العالم الأخرى.
مشاركة :