طرابلس (لبنان) - لم تهنأ طرابلس وأسواقها في موسم العيد خلال السنوات السابقة، كما هي حالها اليوم. فخلال الأعوام السابقة عانت ما عانته جراء الوضع الأمني من جهة وجراء انفلات الضوابط في الأسواق من جهة أخرى، أمر طالما انعكس على الحركة التجارية في النصف الثاني من شهر رمضان. وعبثا طالب التجار الذين يعانون من الأوضاع السيئة وتراكم الديون، بوضع حد لمعضلة البسطات العشوائية والتعديات في كل الأسواق التي لطالما أعاقت المواسم التي تنشط فيها الحركة التجارية. مع بداية شهر رمضان الحالي، تحرك الجيش الذي يعمل على حفظ الأمن في المدينة، عبر خطة فاعلة في أسواقها منفذا حملة أزال خلالها البسطات غير المرخصة والتي سبق أن اشتكى منها التجار على مدى سنوات، إذ أنها من ابرز أسباب المنافسة غير المنطقية للمؤسسات التجارية في المنطقة. يقول مازن أحد أصحاب المحلات “نلمس بوادر الاستقرار والأمان في السوق منتظرين إعادة الحيوية لمحلاتنا”، مضيفا “أن أبناء المناطق الشمالية صاروا يرتادون أسواق المدينة والتجوال يوميا حتى ساعات السحور خاصة في النصف الثاني من شهر الصيام”. وأشار إلى “أنها المرة الأولى منذ سنوات التي نشعر بها أن هذا العيد فرصة لتعويض خسائرنا وكساد بضاعتنا الذي تسببت به الإحداث السابقة”. وعمل الجيش وفق خطة استمرت أسبوعين، مستفيدا من رغبة حقيقية لدى تجار السوق بحياة أفضل للتجارة المحلية، فأزيلت البسطات مع ما كان يستتبعها من ظروف قاسية للحركة التجارية ومن مضايقات سببها المشرفون على البسطات، وبذلك أصبحت الأسواق تعيش أفضل أوقاتها مع التحضيرات للعيد في الأسواق التي تأهلت أخيرا على يد جمعية العزم والسعادة وبرزت جمالية الجوانب التراثية. وأضفت الإنارة المتناسقة التي زينت المحال والمؤسسات رونقا وجمالا، فبدت أسواق طرابلس كما كانت أصلا عروسا للتسوق في مواسم الأعياد وغيرها. وقد زارها العشرات من خارج المدينة فأثنوا على ما رأوه ولاحظوه من تغيرات إيجابية ومفيدة. تجار المدينة اعتبروا أن الأجواء التي عمّت المناطق التي تمت فيها عملية تزيين أسواق المدينة تعد دافعا نحو حركة اقتصادية أفضل مطالبين بتعميم هذا العمل على كل شوارع المدينة خلال المواسم والأعياد. وفي رمضان تقفل المدينة قبل الإفطار، ثم تعاود فتح أبوابها بعد الإفطار بساعة أو أكثر بقليل، وذلك كي يتمكن الناس من التسوق وخاصة في النصف الثاني من شهر الصيام. الجيش اللبناني تحرك منذ بداية رمضان في أسواق مدينة طرابلس لتنفيذ حملة، أزال خلالها البسطات غير المرخصة والتي سبق أن اشتكى منها التجار على مدى سنوات. ودعا رئيس جمعية تجار لبنان الشمالي أسعد الحريري الناس في طرابلس والشمال وكل لبنان عشية عيد الفطر إلى أن يتوجهوا إلى أسواق طرابلس ليشاركوا في إحيائها ونشاطها، إذ “أننا أمام أسواق مختلفة تماما، لا بل أمام دفعة أولى من استثمار حقيقي لواقع وأسواق وميزات طرابلس، لكننا نتطلع إلى تتمة مفيدة ومنتجة بشكل أفضل وهذه مسؤولية الجميع″. وتعتبر الأسواق الشعبية في مدينة طرابلس متنفسا لعامة الناس نظرا للأسعار المتدنية ولجودة المنتوجات، وهي نقطة لقاء بين كافة الطبقات الاجتماعية. كانت أسواق طرابلس قبل نحو نصف قرن تعج بالمتسوقين في شهر رمضان، وذلك لأن معظم اللبنانيين الذين يسكنون مدينة طرابلس كانوا يفضلون خياطة الملابس والقمصان بدلاً من شرائها جاهزة كما هو الحال الآن. لذا كنت ترى خياطي الجوخ والقمصان يصلون الليل بالنهار منذ منتصف رمضان ليستطيعوا تأمين طلبات الزبائن، وكذلك الأمر بالنسبة لخياطات المنازل. ويزداد ازدحام الأسواق في الأسبوع الأخير من رمضان وخاصة في محلات تجهيزات العرائس حيث يجمع معظم المخطوبين على إقامة حفل الزفاف في أحد أيام العيد. تقول فاطمة إنها تأتي من مكان بعيد لشراء ثياب العيد لأطفالها من السوق كون الأسعار متدنية جدا، والمنافسة واضحة في هذه الأسواق، حيث تعلو أصوات الباعة لشد الزبائن، وفي سوق العطارين زحمة خانقة، فيما يعجّ سوق الذهب بالمارّة. وعلى الرغم من اتفاق أغلب التجار على أن البضائع وخاصة في ما يتعلق بالثياب والهدايا معتدلة الأسعار إلا أن الزبائن وجدوا أن الأسعار مرتفعة ومتفاوتة بين مكان وآخر، متمنين أن تراعي بعض هذه المحلات أوضاع الفقراء.
مشاركة :