نجح المنتخب الألماني في تحقيق مفاجأة أكبر من مفاجأة أوروجواي قبل أربع سنوات حين فاز باللقب في سويسرا، مُنهياً كما أورد موقع الفيفا السجل الكبير للمجر بدون أية خسارة في 31 مباراة في نهائي أصبح يُعرف باسم مُعجزة بيرن، حيث قلب المنتخب الألماني تخلفه بهدفين ليحقق الفوز بنتيجة 3-2 على نفس الخصم الذي خسر أمامه بنتيجة 8-3 قبل أسبوعين ليقدّم جول ريميه، رئيس الفيفا في ذلك الوقت الكأس إلى فريتز فالتر ليتعلّم الجميع درساً مهماً وهو: "لا تستبعدوا الألمان أبدا من حساباتكم". بوشكاش "الرائد القوي" دخل منتخب المجر إلى نهائيات 1954 وهو يحمل اللقب غير الرسمي كأفضل فريق في العالم بعدما توجوا بذهبية الألعاب الأوليمبية 1952 وسطّروا 23 فوزاً و4 تعادلات على التوالي قبل وصولهم إلى سويسرا، بما في ذلك الانتصار التاريخي على إنجلترا 6-3 في نوفمبر 1953 ليصبح منتخب المجر أول منتخب من خارج بريطانيا يُسقط الإنجليز في "ويمبلي". وكان نجم المنتخب المجري في ذلك الوقت هو فيرينك بوشكاش الذي كان يحمل لقب "الرائد القوي"، حيث كان يلعب حينها مع فريق الجيش هونفيد وكان يتميز بتسديداته القوية بقدمه اليسرى. وضمّ فريق المدرب جوستاف شيبيش أيضاً ترسانة من اللاعبين الكبار، مثل زميلي بوشكاش في خط الهجوم ساندور كوتشيش وناندور هيديكوتي ولاعب الوسط جوزيف بوتشيك، مما جعل الفريق يتميز بأسلوبه الهجومي الخاص معتمداً في معظم الأحيان على تشكيلة 4-2-4 التي شهدت لعب بوشكاش وكوتشيش كرأسي الحربة ومن خلفهما هيديكوتي. واستعد المنتخب المجري للبطولة بسحقه للمنتخب الإنجليزي بنتيجة 7-1 في بودابيست قبل أن يسجل الفريق 17 هدفاً في أول انتصارين في الدور الأول من البطولة حيث فاز بنتيجة 9-0 على كوريا الشمالية و8-3 على ألمانيا الغربية. إلا أن النتيجة الأخيرة لم تكن مهمة كما بدا. وكان نظام البطولة يقضي بأن يلعب المنتخبان المصنفان في كل مجموعة مع الفريقين غير المصنفين والعكس. لذلك دخل مدرب المنتخب الألماني سيب هيربرجر مباراة المجر وهو يعلم بأن فريقه سيخسر المباراة ولكنه سيتأهل على الرغم من ذلك في المركز الثاني بفوزه في مباراة التصفية أمام الفريق الآخر في التصنيف منتخب تركيا، والذي كان قد فاز عليه مسبقاً بنتيجة 4-1. لذلك أجرى هيربرجر سبعة تغييرات على تشكيلة الفريق وهو ما أسقط فريقه بنتيجة قاسية قبل أن يُشرك تشكيلة قوية فاز بها بنتيجة 7-2 على تركيا في مباراة فاصلة ضمنت للفريق التأهل إلى ربع النهائي. فيضان من الأهداف لم يكن مفاجئاً أن نهائيات سويسرا هي أكثر نهائيات كأس العالم FIFA تهديفاً خصوصاً مع تسجيل 41 هدفاً في هذه المجموعة فقط، حيث شهدت النهائيات تسجيل 140 هدفاً في 26 مباراة بمعدل خمس أهداف في المباراة الواحدة. وكانت موقعة ربع النهائي بين النمسا وسويسرا المضيفة الأكثر تهديفاً، حيث شهدت اثني عشر هدفاً بعدما تقدم أصحاب الأرض بنتيجة 3-0 في أول 19 دقيقة قبل أن يتلقى المنتخب السويسري خمسة أهداف في عشر دقائق قبل الاستراحة ليخسر المباراة بنتيجة 7-5. وعلى الرغم من غزارة الأهداف، إلا أن الوافدين الجديدين كوريا الجنوبية واسكتلندا فشلا في إيجاد طريقهما إلى الشباك ليودعا البطولة في ذيل ترتيب مجموعتيهما. وكان منتخب اسكتلندا قد خسر بنتيجة 7-0 أمام منتخب أوروجواي حامل اللقب والذي حقق الثنائية بفوزه على فريق بريطاني آخر هو منتخب انجلترا في دور الثمانية في مباراة شهدت مشاركة لاعبين في التاسعة والثلاثين من العمر، حيث شارك أوبدوليو فاريلا مع أوروجواي وستانلي ماثيوز مع منتخب إنجلترا. وعلى الرغم من محاولات الأخير، إلا أن منتخب أوروجواي حسم المباراة بنتيجة 4-2 بعدما سجل فاريلا والمهاجم النجم خوان شيافينو، الذي سجل هدفاً في نهائي البطولة السابقة، هدفين من الأهداف الأربعة. وكان الخصم التالي لأوروجواي الفريق الفائز من مواجهة ربع النهائي الأخرى بين المجر والبرازيل في المباراة التي ارتدى فيها لاعبو البرازيل قمصاناً صفراء للمرة الأولى كانت من تصميم أحد الفائزين بمسابقة أطلقتها إحدى الصحف المحلية. إلا أن آمال المنتخب البرازيلي انتهت في المباراة القوية التي عرفت فيما بعد باسم معركة بيرن. وسجل الفائز بالحذاء الذهبي كوتشيش هدفين من أهدافه الاحد عشر في البطولة ليقود المجر إلى الفوز بنتيجة 4-2 ولكن المباراة شهدت طرد بوتشيك من المجر ونيلتون سانتوس وهومبرتو من البرازيل قبل أن تمتد المواجهة إلى غرف الملابس بعد نهاية المباراة. وكرّر المنتخب المجري نتيجة هذه المباراة في مواجهة نصف النهائي أمام أوروجواي حيث نجح منتخب أوروجواي في قلب تخلفه في المباراة بنتيجة 2-0 بفضل ثنائية خوان هولبيرج قبل أن يتعرض لخسارته الأولى في نهائيات كأس العالم . وبينما واجه المنتخب المجري اختبارين قويين، تأهل منتخب ألمانيا الغربية إلى النهائي بكل سهولة بعد فوزه على يوغوسلافيا بنتيجة 2-0 قبل أن يُقصي جاره المنتخب النمساوي بنتيجة 6-1 في المباراة التي شهدت تسجيل الشقيقين فريتز و أوتمار فالتر هدفين في المباراة. المناخ المثالي لفريتز فالتر أقيم النهائي في 4 يوليو على ملعب وانكدورف في بيرن في جو ممطر كان إيجابياً للمنتخب الألماني الذي كان معروف أن قائده فريتز فالتر يُعاني في الطقس الحار بسبب ذكرياته الأليمة مع مرض الملاريا الذي ألم به خلال سنوات الحرب. وكانت هذه الأجواء مثالية حيث أصبحت تُعرف لدى الجماهير الألمانية بأنها كانت "المناخ المثالي لفريتز فالتر". في المقابل كان هناك بعض المخاوف حول إمكانية مشاركة بوشكاش الذي غاب عن آخر مباراتين بعد ضربة على كاحله من فيرنر ليبريخ في المباراة الأولى بين المنتخبين. وعلى الرغم من عدم تعافيه بشكل كامل، إلا أن بوشكاش افتتح التسجيل في المباراة بعد مرور ست دقائق وبعد دقيقتين فقط عزز المنتخب المجري تقدمه بنتيجة 2-0 بعدما أوقع الحارس الألماني توني توريك الكرة أمام زولتان تشيبور الذي سجل الهدف الثاني. إلا أن المنتخب الألماني نجح في تعديل النتيجة بحلول الدقيقة الثامنة عشر حيث سجل مورلوك هدف تقليص الفارق بتسديدة في الزاوية البعيدة قبل أن يسجل ران هدف التعادل بعد ركنية من فريتز فالتر. ومع ازدياد هطول الأمطار، ارتفعت حدة المباراة وحرمت العارضة هيديكوتي من التسجيل. ولكن قبل نهاية المباراة بست دقائق، حصل ران على الكرة على حافة منطقة الجزاء قبل أن يسدد كرة قوية بيسراه في الزاوية البعيدة لمرمى المنتخب المجري. وبقي بعض الوقت لبوشكاش ليسجل هدف التعادل ولكن الهدف ألغي بداعي التسلل قبل أن تنطلق صافرة النهاية معلنةً حقيقة لا بد منها: خسر منتخب المجر، وولدت قوة عظمى جديدة. مونديال 1954.. خيبة أمل مجرية وولادة المعجزة الألمانية#البيان_الرياضيpic.twitter.com/xs3yW02l5c — صحيفة البيان (@AlBayanNews) ٧ يونيو ٢٠١٨
مشاركة :