برلين - قلّل ماتياس دوبفنر الرئيس التنفيذي لدار أكسل شبرنغر الألمانية للنشر من أهمية مخاوف الصحافيين على وظائهم مستقبلا، قائلا إن استخدام الصحافة الآلية، وهي إنتاج مقالات باستخدام الذكاء الصناعي، لا يمثل تهديدا للوظائف. وصرح دوبفنر، الأربعاء، في كلمة بمؤتمر نوا للتكنولوجيا “هل ستأخذ الوظائف من الصحافيين؟ ما نراه هو العكس تماما. نستطيع الآن القيام بأشياء لم نقدر على فعلها في الماضي عندما كنا نعتمد على مجموعات كبيرة من الصحافيين”. وتستخدم شبرنغر التي تنشر صحيفتي بيلد وفيلت الألمانيتين الكبيرتين الصحافة الآلية لتغطية مباريات من بطولات الدوري الأدنى في كرة القدم المحلية. وقال دوبفنر “ما نقدمه أكثر الآن. إنه يجذب المزيد من القراء ولا يقضي على وظائف الصحافيين الحاليين بل يرسخها”. وسجلت شبرنغر، التي تجمع أربعة أخماس أرباحها الأساسية من المجال الرقمي، زيادة في خانة العشرات بالربع الأول. وأعلنت الشركة أن العدد الإجمالي لموظفيها بلغ 2867 صحافيا في 2017 مقارنة مع 2888 في 2016. وتجري كثير من شركات الإعلام الكبرى ومنها تومسون رويترز تجارب على استخدام الذكاء الصناعي في إنتاج بعض المقالات المثقلة بالبيانات. وبدأ الصحافيون التفكير في مستقبل الأداء المهني لهم مع ثورة الروبوتات واتجاه غرف الأخبار الحديثة إلى توظيف الروبوتات في الممارسة المهنية، بشكل لا يمكن التمييز بين القصة الخبرية التي أعدها الروبوت في وقت قياسي والتي أنتجها المحرر الصحافي. استخدام وكالة "الأسوشيتد برس" تقنيات الذكاء الاصطناعي ساهم في إنجاز أكثر من 3000 تقرير اقتصادي بدلا من 300 تقرير كان يستغرق من الصحافيين الكثير من الوقت والمجهود وتعتبر وكالة “الأسوشيتد برس” من أوائل المؤسسات الإعلامية التي استخدمت تقنيات الذكاء الاصطناعي في العمل الصحافي، فقد وظفت هذه التقنيات في إنتاج تقارير اقتصادية ربع سنوية عن الدخول المالية والنتيجة كانت إيجابية جدا على مستوى الكم والكيف معا، فقد ساهمت التقنية الجديدة في إنجاز أكثر من 3000 تقرير اقتصادي بدلا من 300 تقرير كان يستغرق من الصحافيين الكثير من الوقت والمجهود، كما تضمنت تلك التقارير نصائح الخبراء، والأرقام والحقائق الواردة فيها دقيقة، وفق ما ذكرت أسماء قنديل في موقع شبكة الصحافيين الدوليين. أما في صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية فقد استطاع “هيليوغراف” وهو الروبوت المراسل للصحيفة خلال عام واحد (منتصف 2016-2017) أن ينجز 850 موضوعا صحافيا، كانت بدايتها 300 تقرير حول “أوليمبياد ريو دي جانيرو”، وبعد هذه التجربة الناجحة استخدمت الجريدة “الروبوت” في تغطية سباق الانتخابات الأميركية يوم الانتخابات، ودوري كرة القدم للمدارس الثانوية في واشنطن، إلى جانب إنتاج العديد من القصص والتغريدات المختلفة. بدورها، وظفت صحيفة “نيويورك تايمز” الذكاء الاصطناعي بطريقتين، تقوم الطريقة الأولى على تبسيط العملية الصحافية من خلال استخدام الرموز فقد تعلم الكمبيوتر التعرف على الكلمات المفتاحية الدالة على الملامح الرئيسية في النص، والتي تساعد المستخدمين في سرعة عمليات البحث، واستخراج المعلومات والتحقق من الأخبار. وتعتمد الطريقة الثانية على استخدام الذكاء الاصطناعي في إدارة تعليقات القراء، لأن قسم “تعليقات القرّاء” تتم إدارته بواسطة فريق عمل مكون من 14 محررا الذين يتولون مسؤولية مراجعة حوالي 11 ألف تعليق يوميا. ولكن التقنية الجديدة مكنت من إدارة وتنظيم تعليقات القرّاء بفعالية، وبالتالي تمكن المستخدمون من قراءة تعليقات القراء بواسطة تمرير شريط من اليسار إلى اليمين، ويدل الجزء الأيمن من الشريط على الموضوعات التي تنطوي على تعليقات سلبية، وهذه طريقة جيدة للمستخدمين للقراءة والتفاعل مع التعليقات التي تروق لهم وتجنب التعليقات التي تحمل وجهات نظر عدائية. ماتياس دوبفنر: ما نقدمه الآن في الصحافة الآلية أكثر، إنه يجذب المزيد من القراء ماتياس دوبفنر: ما نقدمه الآن في الصحافة الآلية أكثر، إنه يجذب المزيد من القراء ويقول إيهاب الزلاقي رئيس التحرير التنفيذي لصحيفة “المصري اليوم” “لن يكون مستقبل صحافة الروبوت مقتصرا على الرياضة أو الاقتصاد أو تغطية الانتخابات كما تفعل اليوم الأسوشيتد برس، ورويترز، والغارديان ولوموند، ففي الوقت الحالي تعتمد برمجيات الكتابة الآلية على قاعدة بيانات من النصوص المُعدة سابقا وعدد محدود من الجمل يتم الانتقاء منها، ولكن هذا الوضع سيصبح من الحفريات خلال السنوات القليلة المقبلة، فتقنيات تعليم الآلة كيفية معالجة وإنتاج اللغات المختلفة مما سيجعلها تقوم بإنتاج نصوص أكثر تطورا بمراحل”. وأضاف بأن استخدام تلك التقنيات في العمل الصحافي لا زال في مرحلة مبكرة للغاية للحكم عليها، كما يظل الحديث عن استبدال الصحافي بالأجهزة الذكية داخل غرف الأخبار مبكرا للغاية أيضا. من جهته يرى الكاتب الصحافي ياسر خليل، مؤسس موقع “صحافي أونلاين”، أن “تجربة وكالة رويترز، تعد واحدة من التجارب المُلهمة في هذا المجال، لأن المؤسسة أسست أداة قادرة على تتبع الأحداث بسرعة وعلى نطاق واسع، والتحقق تلقائيا من الأخبار العاجلة في تويتر لتقديم تقرير عن الأحداث بدقة وبسرعة أكبر وذلك من خلال تحديد موقع وهوية الشخص الذي كتب التغريدة، وكيفية انتشار التغريدات”. وتحلل هذه الأداة التغريدة المنشورة في الوقت الحقيقي، وتصفي الرسائل غير المرغوب فيها وتصنف التغريدات المماثلة إلى “مجموعات” على أساس كلمات مماثلة. وأضاف خليل “يُستخدم الذكاء الاصطناعي في تسريع عمليات البحث، وكتابة التقارير التي تعتمد في الغالب على بيانات معدة مسبقا مثل ملفات الإكسل، وتكون في معظم الأحيان تقارير اقتصادية أو متعلقة بإحصائيات معينة، وكذلك التقارير الخاصة بالتنبؤات الجوية وما إلى ذلك”. ويؤكد أننا “ما زالنا في مصر بعيدين عن هذا المجال بمسافة كبيرة، ولكنني قمت بتدريب مجموعة من الصحافيين على مبادئ الذكاء الاصطناعي لإزالة المخاوف الشائعة لدى قطاعات واسعة منهم بأن الذكاء الاصطناعي سيأخذ فرصهم الوظيفية، فالتجارب العملية أثبتت أن فن رواية القصة يصعب أن يتم عن طريق البرمجيات. والجيد في الأمر أن هناك الكثير من الشباب في العالم العربي يجيد لغة البرمجة المستخدمة في الذكاء الاصطناعي، كما أن هناك مراكز متخصصة في تعليم هذه اللغات، ومتاحة على الإنترنت أيضا”.
مشاركة :