نحن والمناصحة - د. هيا عبد العزيز المنيع

  • 12/6/2014
  • 00:00
  • 20
  • 0
  • 0
news-picture

المناصحه سلوك راق ويفترض أنه ينقل الإنسان من حالة الخطأ أو التردد إلى الموقف الايجابي أو الحاسم.... في مجتمعنا باتت المناصحة جزءاً من منظومة الكثير من المؤسسات ولعل برنامج المناصحة الذي اتبعته وزارة الداخلية كان النموذج الذي تم استنساخه عدة مرات في بقية المؤسسات الحكومية الأخرى وعلى رأسها وزارة الشؤون الإسلامية ووزارة الشؤون الاجتماعية.. ولكن للأسف عملية المناصحة تلك لم تعد مجدية بل إن بعضها بات يسيء لأهداف تلك المؤسسات. مثلاً وزارة الشؤون الاجتماعية تقوم بمناصحة بعض أولياء الأمور المعتدين على نسائهم بكل أشكال العنف.. حيث يقوم الأخ أو الزوج وأحياناً الأب بضرب المرأة التي اعتادت التحمل والصبر ضمن ثقافة عامة تحجب الكثير من حقوق المرأة بما فيها إنسانيتها وسلامتها.. وبعد أن ينفد الصبر وتحاول المرأة التخلص من هذا العذاب بإبلاغ الجهات المختصة نجد تلك الجهات تقوم فعلاً بمساعدتها بعد التأكد من صحة شكواها.. وبعد جلسة مناصحة واعتذار بارد يتم إعادة الضحية للجلاد يستلمها أكثر ضعفاً وأكثر خوفاً.. والمؤكد أنه سيعمل على محاصرتها أكثر ليصعب عليها التفكير برفع شكوى عليه والنتيجة إما موتها غيظاً أو انتحارها أو هروبها ليتنوع نوع ظلمها وسحق إنسانيتها. ومناصحة وزارة الشؤون الإسلامية لبعض الأئمة المخالفين وأصحاب الفكر المتشدد أيضاً باتت لا تؤتي أُكلها في كل المواقف ولعل صمت بعض الأئمة في تحريم الأعمال الإرهابيه تكشف أن المناصحة غير مجدية مع فكر تغلغل لسنوات في قلوب وعقول هؤلاء. المناصحة أيضاً تسكن بيت الأمن ممثلاً في برنامج المناصحة الخاص بأصحاب الفكر المتطرف.. لا أحد ينكر تحقيقه بعض النجاح وخاصة في بداياته ولكن في الوقت الحالي حان الوقت لمراجعته فقد تسرب هؤلاء من بوابة الأمن مدعين القناعة بتلبسهم رداء القناعة والعودة لطريق الاستقامة والفكر المعتدل ليعودوا لنفس الباب الأمني ولكن بعد أن ارتكبوا جرائمهم الإرهابية.. حيث تمثلت قناعاتهم الكامنة في عقولهم وليس على أطراف اللسان في مواقف علنية بضرب حزامنا الأمني على الحدود في الحد الجنوبي.. وحاولوا اختراق وحدتنا الاجتماعية الوطنية في عملية الدالوة.. ولكن ولله الحمد وبفضل الله ثم يقظة رجال الأمن تم القبض عليهم قبل نجاحهم في تحقيق مخططهم الإرهابي.. نسبة من هؤلاء الإرهابيين كانت ممن خرجوا من برنامج المناصحة.. مما يعني معه ضرورة إعادة النظر وبقوة في محتوى المناصحة وفريق العمل أيضاً والذي عجز عن إحلال فكر سليم مكان فكرهم المنحرف..، ناهيك عن حاجة البرنامج لمتخصصين مهرة في العلاج النفسي والاجتماعي.. لا يحملون فكراً متطرفاً أو مقارباً لهذا الفكر أي غير متماه معه بأي درجة.. لأن ضعف القناعة بالفكر البديل يسبب عجزاً في إيصال البدائل الفكرية لهؤلاء.. ولعل إضافة مرحلة متابعة لبرنامج المناصحة باتت ضرورة والمتابعة تكون ضمن مؤسسة مختصة لا علاقة لفريق العمل فيها بفريق المناصحة وأن يكون ضمن برنامج العمل برامج تدريب وإعادة تأهيل مقننة تضيف مهارات عمل ومهارات ممارسات اجتماعية، وأيضاً تكشف حقيقة التغير الفكري لدى هؤلاء مع ملاحظة ضرورة متابعتهم بعد خروجهم عبر أساور إلكترونية تتيح متابعة كامل تحركاتهم، فالأمر يرتبط بأمن الوطن والمواطن بشكل عام وسلامة وحدتنا ومقدراتنا الوطنية وثرواتنا البشرية والمالية. المناصحة عمل عالي الكرم الإنساني ولكن لا يصلح مع الجميع والأهم لا يصلح في كل المواقف.. لمراسلة الكاتب: halmanee@alriyadh.net

مشاركة :