واصلت سلة خام أوبك تراجعها وسجلت أمس 66.27 دولار للبرميل مقابل 67.31 دولار للبرميل في اليوم السابق لتواصل بذلك مسلسل التراجعات السعرية التي بدأت منذ حزيران (يونيو) الماضي وأدت إلى تراجع سعر السلة بقيمة تصل إلى 40 في المائة. وقال بيان أمس لمنظمة الدول المصدرة للبترول "أوبك"، إن السلة التي تضم 12 خاما من خامات النفط في الدول الأعضاء واصلت نزيف الأسعار، خاصة مع قرار "أوبك" في 27 تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي بتثبيت الإنتاج عند 30 مليون برميل يوميا. وكان سعر السلة قد سجل في بداية تعاملات شهر كانون الأول (ديسمبر) الجاري 66.44 دولار للبرميل ثم ارتفعت ليوم واحد فقط، حيث سجل اليوم التالي 68.13 دولار للبرميل ثم عادت الأسعار لتستأنف مسلسل الهبوط التدريجي. وبحسب بورصة نيويورك التجارية تمت تجارة العقود الآجلة للنفط الخام في يناير على 50ر66 دولار للبرميل وانخفض بنسبة 0.46 في المائة. كما تمت المتاجرة مسبقا على جلسة انخفاض 66.45 دولار للبرميل، ومن المعروف أن النفط الخام قد يجد نقاط الدعم على 63.72 دولار والمقاومة على 96.54 دولار. في الوقت نفسه على نايمكس، هبط سعر نفط برنت لشهر كانون الثاني (يناير) بنسبة 0.41 في المائة لتتم المتاجرة به على 69.23 دولار للبرميل، بينما فرق النقاط "السبريد" بين عقود نفط برنت والنفط الخام يقف عند 2.73 دولار للبرميل. على جانب آخر، تراجعت عقود النفط الخام الأمريكي في السوق الآسيوية أمس، وانخفضت عقود برنت لتواصل الأسعار موجة الخسائر لليوم الرابع على التوالي في ظل وفرة الإمدادات العالمية وضعف الطلب ووجود صراع بين منتجي النفط على الحصص السوقية، وفي هذا الإطار خفضت السعودية أسعار الخام إلى آسيا. وأنهى النفط الخام تعاملات أمس منخفضا بنسبة 1.0 في المائة في ثالث خسارة يومية على التوالي وتراجعت عقود برنت بنسبة 0.8 في المائة، وتداول النفط الخام الأمريكي حول مستوى 66.25 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 66.75 دولار وسجل أعلى مستوى 66.80 دولار وأدنى مستوى 66.20 دولار. وتداول خام برنت حول 69.05 دولار للبرميل من مستوى الافتتاح 69.37 دولار وسجل أعلى مستوى 69.47 دولار وأدنى مستوى 69.02 دولار، ومن المعروف أن «أرامكو» خفضت مبيعات الخام العربي الخفيف إلى آسيا بنحو 2 دولار للبرميل ليصل سعر خام التصدير إلى أدنى مستوى في 14 عاماً. وكانت السعودية قد خفضت أسعار الخام إلى الولايات المتحدة الشهر الماضي في إطار سعي أكبر منتجي النفط في منظمة "أوبك" للمحافظة على حصصه السوقية في ظل الطفرة الهائلة للنفط الصخري الأمريكي وارتفاع الإنتاج الروسي لأعلى مستوياته. وفقدت أسعار النفط العالمية نحو 40 في المائة منذ حزيران (يونيو) الماضي في ظل ارتفاع الإنتاج العالمي وتراجع السوق بدرجة أكبر الأسبوع الماضي بعد أن قررت "أوبك" عدم خفض الإنتاج لدعم الحصص السوقية بدلا من الأسعار. ومن جانبه، قال حسين الوائلي المحلل العراقي لـ"الاقتصادية"، إن طفرة النفط الصخري ستتراجع قريبا وتعود الأسعار إلى التعافي، مشيرا إلى أن النفط الصخري عالي التكلفة وتصل تكلفة البرميل من النفط الصخري في الولايات المتحدة لقرابة 75 دولارا، وهو ما يعني أن الأسعار الحالية تسبب خسائر فادحة للاستثمارات القائمة على النفط الصخري، مشيرا إلى أن آبارا لشركات كثيرة توقفت في الولايات المتحدة. وأشار إلى أن نفط "أوبك" رغم أنه لا يلبي إلا أقل من نصف احتياجات العالم من الطاقة إلا أنه يتمتع بالكثير من الميزات النسبية، ومنها انخفاض التكلفة، التي تصل لأقل من 12 دولارا للبرميل إلى جانب أن ارتفاع الجودة واستثماراته أقل تكلفة من خامات أخرى في أمريكا وروسيا. وأضاف الوائلي أن احتياجات العالم من النفط الخام تصل إلى 90 مليون برميل يوميا، حيث تتحكم أوبك في 40 في المائة من إنتاج النفط العالمي وضخت نحو 30.560 مليون برميل في الشهر الماضي، وهو أقل بنحو 424 ألف برميل عن إنتاج شهر تشرين الأول (أكتوبر) الماضي. وأوضح الوائلي أن واشنطن وموسكو هما المحركان الرئيسيان للأسعار، خاصة بعد طفرة النفط الصخري في الولايات المتحدة ولجوئها للتلاعب في الأسعار من أجل خدمة أغراض سياسية خاصة الصراع الدائر حاليا في أوكرانيا، مشيداً بحرص "أوبك" على الحفاظ على حصتها في الأسواق ووعيها بهذا التلاعب في السوق. وقال الوائلي إن الاقتصاديات الخليجية قوية وعلى رأسها الاقتصاد السعودي، لأن لديه القدرة على امتصاص المتغيرات فلديه احتياطات وفوائض مالية تمكنه من حسن التعامل مع أزمة تراجع الأسعار. ومن جانبها، تقول بيتيا إيشيفا المحللة البلغارية لـ"الاقتصادية"، إن فائض المعروض من النفط في السوق يمكن من الاستفادة من إيجابياته كدعم للاستثمارات الصناعية في الدول المستهلكة، وخفض تكلفة الوقود في التدفئة والمحروقات، مشيرة إلى أهمية أن يبقى السعر في الحدود المقبولة والعادلة للمنتجين والمستهلكين، لأن الارتفاع أو الانخفاض المبالغ فيه يمثل ضررا للاقتصاد العالمي ككل. وتعتقد إيشيفا أن السوق يشهد فائضا يتراوح بين 1.5 مليون ومليوني برميل يوميا عند المستويات الحالية لإنتاج "أوبك" من الخام وهي في الحدود المقبولة رغم تراجع الأسعار، الذي أثر في بعض اقتصاديات دول داخل وخارج "أوبك". وأضافت المحللة البلغارية أن عودة العراق وليبيا لتصدير المزيد من النفط يحول وقتيا دون تعافي أسعار الخام خاصة بعد هبوطه بنحو 13 في المائة في الأسبوع الماضي وحده، مشيرة إلى احتمال حدوث خلاف بين المنتجين على حصص السوق في العام المقبل عندما يبدأ العراق في تصدير المزيد من النفط بعد أن توصلت بغداد إلى اتفاق مؤقت مع حكومة إقليم كردستان. وذكرت إيشيفا أنه مع استئناف ليبيا تشغيل حقل الشرارة وهو أكبر حقولها النفطية فور إنهاء غلق خط أنابيب سيزيد المعروض أيضا في السوق، وأن المؤشرات الدولية تشير إلى تنامي إمدادات الطاقة في العالم، وهو ما سيجعل تحسن الأسعار بطيئا خاصة بعد نتائج تقرير إدارة معلومات الطاقة الأمريكية، الذي أشار إلى أن الاحتياطيات المؤكدة من النفط الخام والمكثفات زادت بنسبة 9.3 في المائة إلى 36.5 مليار برميل في 2013 من 33.4 مليار برميل في 2012. وأشار كريستيان شونبور، مختص الطاقة النمساوي لـ"الاقتصادية"، إلى أن الاقتصاد الأوروبي لا شك أنه ينعم بفترة مزدهرة اقتصاديا، لأنه يتمتع الآن بوفرة في إمدادات الطاقة، إضافة إلى جانب انخفاض الأسعار، ولكن علينا أن نعي أن ازدهار الاقتصاد الدولي لن يتحقق لطرف على حساب طرف آخر، وعلى الجميع التعاون معا للوصول للأسعار العادلة والحفاظ عليها. وشدد مختص الطاقة النمساوي على أهمية الحوار والتعاون بين جميع الأطراف، موضحا أن الاتحاد الأوروبي يولي أهمية خاصة للتقارب والتعاون مع القوى الإقليمية المنتجة للطاقة، مؤكداً أن الأزمة في أوكرانيا لها تداعياتها على التعاون الأوروبي الروسي في مجال الطاقة إلا أن بعض الدول الأوروبية أبدت رغبتها ودعمها الكامل لمشروع خط الأنابيب الذي تنفذه شركة "جازبروم" الروسية وذلك نظراً لاعتماد تلك الدول بشكل كامل على إمدادات الطاقة الروسية.
مشاركة :