انطلق العد العكسي لقمة سنغافورة، التي ستجمع الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون غداً، في أول لقاء من نوعه بعد عقود من الحرب، ثم انعدام الثقة والتوترات بين البلدين. وبغض النظر عن نتائج القمة، التي يشكك بها خصوم الرئيس الأميركي، سيدخل ترامب وكيم التاريخ بمجرد أن يلتقيا على جزيرة سنتوسا غداً. فالعداء قائم بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية منذ الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953 ولم يسبق أن اجتمع رئيس أميركي بزعيم كوري شمالي قط أو تحدثا حتى عبر الهاتف. ووصل زعيم كوريا الشمالية مرتديا بذلته الداكنة المميزة، إلى مطار شانغي في سنغافورة أمس، على متن طائرة تابعة لشركة «الخطوط الجوية الصينية» وتم نقله إلى فندق «سانت ريغيس»، حيث يقيم وفده. وكان في استقباله وزير خارجية سنغافورة فيفيان بالاكريشنان الذي نشر صورة له على «تويتر» وهو يصافح كيم وكتب: «رحبنا بالزعيم كيم جونغ أون الذي وصل للتو إلى سنغافورة». وعقد رئيس وزراء سنغافورة، لي هسين لونغ، اجتماعاً منفصلاً مع كيم، أمس، بينما سيجتمع اليوم مع ترامب، الذي وصل سنغافورة في وقت لاحق آتياً من قمة عاصفة في كندا. وعرض ترامب على بيونغ يانغ الخميس إمكانية تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة بل وزيارة كيم للبيت الأبيض إذا ما تخلى عن ترسانته النووية. وقال إنه قد يصل إلى حد توقيع اتفاقية مع كيم لإنهاء الحرب الكورية التي انتهت بهدنة لا بمعاهدة سلام. وسيلتقي ترامب وكيم غداً الساعة التاسعة صباحاً بالتوقيت المحلي (0100 بتوقيت غرينتش) في «فندق كابيلا» الفاخر على جزيرة سنتوسا في سنغافورة. «فرصة فريدة» وفي وقت سابق، أعلن ترامب تفاؤله في شأن اجتماعه مع الزعيم الكوري الشمالي، معتبراً أنها «فرصة فريدة» لتسوية المشكلة النووية الكورية الشمالية، التي اخفق كل الرؤساء السابقين في تسويتها. وقال الرئيس الأميركي في مؤتمر صحافي في مالبي في كندا حيث عقدت قمة مجموعة الدول الصناعية السبع الكبرى: «لدي انطباع بأن كيم جونغ أون يريد أن يفعل شيئاً مهماً لشعبه (...) إنها فرصة لمرة واحدة لن تتكرر أبداً». وأوضح: «إنني في مهمة سلام (...) وعلينا التوصل الى نزع أسلحة. يجب أن نبدأ شيئاً ما ونعتقد فعلاً أن كوريا الشمالية ستصبح مكاناً رائعاً في وقت قريب جداً». أضاف: «كم نحتاج من الوقت لنرى ان كانوا جادين أو لا؟ أعتقد أن هذا سيحدث من الدقيقة الأولى». وتابع الملياردير، إنه «أسلوبي الشخصي، شعوري، هذا ما أفعله». لكن ترامب حاول خفض سقف التوقعات. وقال: «من يعلم؟ قد لا تسير الأمور على ما يرام. هناك احتمال كبير ألا تسير الأمور على ما يرام واحتمال أكبر أن يستغرق الأمر وقتاً. ستكون عملية». وتابع: «لكن على الأقل سنكون قد التقينا ورأينا بعضنا وقدر أحدنا الآخر وأننا سنبدأ عملية». وأثارت استراتيجية التفاوض للرئيس الخامس والأربعين للولايات المتحدة تساؤلات كبيرة في واشنطن، بعدما أوضح بنفسه أنه لا يحتاج إلى استعدادات كبيرة. واستقل ترامب بعد ذلك طائرته الرئاسية، التي أقلعت في رحلة تستمر أكثر من عشرين ساعة متوجهة إلى سنغافورة حيث حط مساء أمس. ويفترض أن تحطّ الطائرة الرئاسية الاميركية «اير فورس وان» في سنغافورة عند الساعة 20.30 (12.30 ت غ)، وعلى متنها أول رئيس أميركي يمارس مهامه يفاوض مباشرة وريث أسرة كيم الحاكمة. وأبعد من الصورة التي سيلتقطها ترامب البالغ 71 عاماً وكيم الذي يصغره بأكثر من 30 عاماً، والتي لم يكن من الممكن تصوّرها منذ أشهر عندما كانا لا يزالان في خضمّ تصعيدهما الكلامي، تُطرح أسئلة كبيرة حول نتيجة هذه القمة، التي سيراقبها العالم بأسره عن كثب. وتطالب واشنطن بنزع الأسلحة النووية الكورية الشمالية «بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه» في حين تبرر بيونغ يانغ برنامجها النووي بضرورة مواجهة التهديد الأميركي. وتعهدت كوريا الشمالية مرات عدة بجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الأسلحة النووية، لكن هذه العبارة تحمل عدة تفسيرات، ولم يكشف يوماً ما يمكن أن تكون عليه التنازلات. إجراءات أمنية «لم يسبق لها مثيل» تنحصر الأولوية القصوى للمسؤولين الكوريين الشماليين المسافرين إلى سنغافورة في حماية زعيمهم. ويقول خبراء ومحللون، إن من المتوقع اتخاذ إجراءات مشددة جداً لتأمين كيم في أول اجتماع يعقده مع ترامب، مرجحين أن تفوق التدابير ما اتخذ من إجراءات في القمة التي عقدتها الكوريتان في 27 أبريل الماضي. وقال كيم دو-هيون، أستاذ سياسات الحماية في «جامعة كوريا الرياضية الوطنية»: «بما أن مكان انعقاد القمة وتوقيتها معلنان فسيكون أمن كيم جونغ أون مشدداً أكثر منه لأي شخصية مهمة أخرى». وذكر تشاي كيو تشير، الرئيس التنفيذي لشركة «توب غارد»، وهي من شركات الأمن والحماية البارزة في كوريا الجنوبية، «سنشهد على الأرجح مستوى غير مسبوق من الحماية في البر والبحر والجو لأن هذه القمة هي أكبر حدث في العالم الآن». قمة بـ 15 مليون دولار... ومدافع زهور قال رئيس وزراء سنغافورة لي هسين لونغ، إن القمة بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون ستكلف سنغافورة نحو 20 مليون دولار سنغافوري (15 مليون دولار أميركي)، ووصفها بأنها «تكلفة نحن على استعداد لدفعها». وأضاف ان «تكاليف الأمن تمثل نحو نصف التكلفة التي تم تقديرها، والتي ستتحملها حكومة سنغافورة بالكامل». ومع تكثيف الاستعدادات الأمنية قبيل القمة، يرحب البعض بزعيمي البلدين بطريقة رائعة عبر وضع باقات من الزهور في مدافع من الحقبة الاستعمارية في جزيرة سنتوسا التي تعقد بها القمة التاريخية. وتم وضع باقات الزهور، التي تضم الزنابق البيضاء وزهور الغربيرا والزيتون، أمس، في مواسير نحو 60 مدفعا على حواف الجزيرة. طائرة «الزعيم» تناور ذكرت وكالة «يونهاب» الكورية الجنوبية أن طائرة تابعة لشركة طيران «آر تشاينا»، يتوقع أن يكون على متنها الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، غيرت مسارها ورقم رحلتها أثناء تحليقها. وذكرت الوكالة أن طائرة «بوينغ 747»، انطلقت من بيونغ يانغ فجر أمس، وفقاً لمسار الرحلة رقم CA122 إلى بكين، لكنها خلال التحليق، غيّرت رقم الرحلة إلى CA61 متوجهة إلى سنغافورة. طعام كيم وسيارته يسبقانه غادرت طائرة شحن كانت رافقت الزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون خلال الزيارة، التي قام بها للصين في الآونة الأخيرة، بيونغ يانغ، في طريقها إلى سنغافورة. وكتبت صحيفة «ستريتس تايمز» ان شاحنات تبريد ستكون في الانتظار في مطار تشانغي في سنغافورة، لاستقبال طائرة الشحن، موضحة أنه من المعتقد أن الطائرة تحمل مواد غذائية، إضافة إلى عدة سيارات فاخرة لمرافقة الزعيم الكوري الشمالي. كما ذكرت الصحيفة التي تصدر في سنغافورة أن «الطعام سيتم نقله من مطار شانغي إلى مقر إقامة الزعيم الكوري الشمالي في سيارات مبردة مخصصة لنقل البضائع القابلة للتلف».
مشاركة :