بقي الذين حاولوا وما زالوا يحاولون تعكير صفو العلاقات بين بعض الدول الخليجية، السعودية والإمارات تحديداً، وبين الأردن، على تسويق كذبة تم إعدادها في غرفة عمليات "إلكترونية" في دمشق، يشرف عليها خبراء إيرانيون، ومعهم آخرون من سورية نفسها، ومن لبنان من حزب الله تحديداً، تتحدث عن ضغط سعودي – إماراتي ضد الأردن، لقبول "صفقة القرن"، التي كان أعلنها الرئيس الأميركي دونالد ترامب بدون أي تفصيلات، ولا حتى عناوين عامة... ولو بمجرد التلميح! دأب "محاريك الشر" والكذبة هؤلاء، من خلال إعلامهم "الإلكتروني"، وفضائياتهم، ومواقع التواصل الاجتماعي "المهاجرة" والمقيمة، الممولة بسخاء من قبلهم، على ترويج هذه الكذبة، وإلى حد أن بعض طيبي القلوب قد صدقوها، وأخذوا يرددونها "على الطالع والنازل"، وبدون أن يسألوا أنفسهم عما إذا كان الرئيس الأميركي قد زود الوسائل الإعلامية هذه بسر هذه "الصفقة"، التي لا تزال غير معروفة لا بخطوطها العامة ولا بتفصيلاتها لا للمعنيين في الإدارة الأميركية ولا لأصحاب هذا الشأن في الشرق الأوسط. والسؤال هنا: لماذا يا ترى يكلف ترامب دولاً وجهات عربية ليست هي المعنية بـ"صفقته" هذه لتضغط على الأردن ليقبل بها، وهذا مع أن المعني مباشرة بها هو الشعب الفلسطيني وممثله الشرعي والوحيد منظمة التحرير والسلطة الوطنية والرئيس محمود عباس (أبومازن) الذي يتلقى دعماً عربياً غير محدود، وخاصة من الأردن؟! هناك مثل يقول: "ما الذي عرَّفك أنها كذبة قال من كبرها"، وحقيقة انه حتى أصحاب أنصاف العقول لا يمكن أن يصدقوا كذبة أن الدولتين الشقيقتين السعودية والإمارات تضغطان على الأردن من أجل قبول "صفقة القرن" هذه التي لم يطرحها صاحبها ترامب بشكل رسمي، لا بل إنه لم يكشف النقاب حتى عن عناوينها الرئيسية، والواضح أنه إذا كانت هناك صفقة بالفعل فإن الأولى بمعرفتها هم الإسرائيليون، الذين من عادتهم، سواء من قبيل التبجح أو "المباهات"، أنهم لا يسكتون عن أي شيء يتعلق بالقضية الفلسطينية، ولا ينامون على أي جديد من قبل الأميركيين بالنسبة لهذه القضية. إن المعروف أن علاقات الأردن بالولايات المتحدة تاريخية وقديمة، وبقيت تمر بخلافات ومنغصات كثيرة، وفقاً لمزاجية الإدارات الأميركية المتلاحقة وسياساتها الشرق أوسطية، وعليه فإنه إذا كان لابد من ضغط على الدولة الأردنية لتقبل "صفقة القرن" هذه، التي من المفترض أن الأشقاء الفلسطينيين هم المعنيون بها، فإن الأولى أن يكون هذا الضغط من قبيل أميركا نفسها، ومن ترامب نفسه، وليس من قبيل أي دولة عربية لا قريبة ولا بعيدة. وهكذا فإنه لابد من القول لمروجي هذه الكذبة: موتوا بغيظكم، فكل محاولاتكم باءت بالفشل... والدليل هو اجتماع مكة المكرمة الرباعي، الذي عقد أمس تحت عنوان تقديم الدعم كل الدعم للشعب الأردني وللدولة الأردنية.
مشاركة :