وصل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم جونج أون إلى سنغافورة الأحد قبل يومين من قمتهما التاريخية التي لا تزال نتائجها غير مؤكدة، بعد عقود من انعدام الثقة والتوترات بين البلدين. وستكون الترسانة النووية الكورية الشمالية التي كلفت بيونج يانج سلسلة من العقوبات الدولية على مرّ السنوات، في صلب النقاشات. ووصل ترامب إلى سنغافورة على متن طائرة “اير فورس وان” الرئاسية قبيل الساعة 20,30 (12,30 ت غ). وردا على سؤال عن توقعاته حول اللقاء غير المسبوق، اكتفى بالقول “جيدة جدا”. وكان في استقبال الرئيس الأمريكي (71 عاما) وزير خارجية سنغافورة الذي كان استقبل ايضا في وقت سابق زعيم كوريا الشمالية الذي يصغر ترامب باكثر من ثلاثين عاما. جهود ستدخل التاريخ وتم نقل الزعيم الكوري الشمالي إلى وسط المدينة على متن سيارة ليموزين برفقة موكب من أكثر من 20 سيارة قبل أن يلتقي رئيس الوزراء السغافوري لي هسين لونغ ليشكره على استضافة القمة. وقال كيم “إذا نجحت القمة، فستدخل جهود سنغافورة التاريخ” مشيدا بـ”القرار الشجاع والمثير للإعجاب” باستضافتها. ومن روما، اعرب البابا فرنسيس عن امله بان تؤدي المباحثات التي تبدأ الثلاثاء “الى فتح الطريق امام السلام في شبه الجزيرة الكورية والعالم”. وفي حين اكد ترامب قبل مغادرته انه لن يحتاج فعلا الى الاستعداد للقمة، حرصت المتحدثة باسمه ساره ساندرز على التأكيد ان الرئيس خصص خلال الرحلة وقتا “للعمل مع فريقه وقراءة وثائق وتحضير لقاءاته في سنغافورة”. ويعزز سلوك ترامب في قمة مجموعة السبع في كندا حيث سحب موافقته فجأة على البيان الختامي بتغريدة غاضبة، التساؤلات حول استراتيجيته الدبلوماسية وقدرته على اجراء مفاوضات دولية رفيعة المستوى. لكن كبير المستشارين الاقتصاديين للبيت الأبيض لاري كادلو أوضح أن انسحاب الرئيس الأميركي من البيان الختامي لقمة مجموعة السبع كان هدفه عدم “إظهار ضعف” قبل قمته مع كيم. وستشهد القمة التقاط صورة مشتركة لترامب وكيم لم يكن من الممكن تخيلها منذ أشهر عندما كانا لا يزالان في خضمّ تصعيدهما الكلامي. لكن اسئلة كبيرة تُطرح بشأن نتيجة هذه القمة التي سيراقبها العالم بأسره عن كثب. وتطالب واشنطن بنزع الاسلحة النووية الكورية الشمالية “بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا عودة عنه” فيما تبرر بيونغ يانغ برنامجها النووي بضرورة مواجهة التهديد الاميركي. وتعهدت كوريا الشمالية مرات عدة بجعل شبه الجزيرة الكورية خالية من الاسلحة النووية، لكن هذه العبارة تحمل عدة تفسيرات. ويرى مايكل أوهانلون من معهد “بروكينجز” في واشنطن أن المسار الواقعي الوحيد هو عملية تجري “خطوة خطوة”، تتحقق حتما مع الوقت. وقال “لا يمكنني تخيّل أن رجلا، كان نظامه منذ سنوات عديدة يؤكد أنه بحاجة الى الأسلحة النووية لضمان أمنه، سيتخلى عنها بضربة واحدة، حتى مقابل تعويضات اقتصادية كبيرة”.فرصة فريدة وتحدثت واشنطن عن احتمال التوصل الى اتفاق مبدئي لوضع حدّ للحرب الكورية. وقد انتهت الحرب الكورية (1950-1953) بهدنة وليس بمعاهدة سلام، ما يعني ان الكوريتين لا تزالان في حال حرب. وقبل مغادرته كندا، أعرب ترامب مرة جديدة السبت عن تفاؤله ازاء هذه القمة التي يأمل في أن تكون علامة فارقة في عهده الرئاسي. وقال “أشعر ان كيم جونغ اون يريد أن يفعل شيئا رائعا لشعبه ولديه هذه الفرصة”. واعتبر أن القمة “فرصة فريدة (…) لن تتكرر أبدأ”. وتحدث ترامب الخميس عن احتمال دعوة الزعيم الكوري الشمالي الى البيت الأبيض اذا كان اللقاء الأول جيدا. وبدأت تتشكل ملامح هذه القمة في البيت الأبيض منذ آذار/مارس عندما نقل موفد كوري جنوبي دعوة من كيم جونغ اون الى دونالد ترامب قبلها على الفور، ما شكل مفاجأة للجميع. واذا كان الملياردير يتباهى بانه مفاوض استثنائي، يرى عدد من المراقبين أنه كان أقل تشددا بكثير من أسلافه قبل الجلوس على الطاولة نفسها مع كيم جونج اون. وأشار كريستوفر هيل وهو مفاوض أميركي سابق في هذا الملف، إلى أن “الناس يتحدثون عن قمة تاريخية (…) لكن من المهم ألا يغيب عن الأذهان أن هذه القمة كانت ممكنة لكل رئيس أميركي كان يودّ عقدها لكن أحدا لم يرغب بذلك، لأسباب وجيهة”.
مشاركة :