بعد مرور أكثر من عامين على انتهاكها سيادة الأراضي العراقية والسورية، تواصل تركيا تحركاتها العسكرية غير القانونية على الحدود مع العراق وسوريا، الأمر الذي دفع محللون اعتبار هذه التحركات مقدمة لإقامة أنقرة منطقة "حكم ذاتي" في إدلب السورية، مؤكدين سيطرة العثمانية الجديدة على عقلية نظام "أردوغان". ووفقًا لحديث صحفي أجرته وكالة أنباء "مهر" الإيرانية، ترجمته "عاجل"، اعتبر الخبير في الشؤون التركية "رامين حسين آباديان" أن ما تقوم به القوات العسكرية التركية على الأراضي العراقية والسورية مقدمة لإقامة نظام أردوغان لحكم ذاتي للميليشيات في مدينة إدلب بسوريا. بحسب تعبيره. وقال آباديان تعليقًا على أزمة اختراق أنقرة لسيادة بغداد عسكريًا: "رغم مرور أكثر من عامين على الدخول العدواني للأتراك في الأراضي العراقية، وتتحجج أنقرة بأن هذا التدخل كان بإذن رسمي من حكومة بغداد، إلا أننا لم نشهد أي وثيقة رسمية تُثبت بها هذا الادعاء". وأكد آباديان أن قرار توغل القوات التركية جاء بأمر مباشر من الرئيس "أردوغان"، الأمر الذي زاد من توتر العلاقات بين بغداد وأنقرة في الآونة الأخيرة. وأضاف آباديان تعليقًا على ردود أفعال المسؤولين في العراق على تحركات تركيا: "على الرغم من إجماع المسؤولين في بغداد على حتمية خروج القوات التركية من الأراضي العراقية، إلا أن أنقرة لم تكف عن تحركاتها وإخراج قواتها فحسب، بل تعمل على إبقاء احتلالها في العراق لفترة زمنية أطول. وفقًا لوصفه. وعن ادعاء تركيا بأن سبب تواجدها في العراق هو لتدريب قوات البيشمركة لمحاربة ميليشيات تنظيم "داعش" الإرهابي، أكد آباديان أنه لا يوجد أحد يستطيع أن ينكر الدعم التي تقدمه تركيا لداعش، فضلًا عن العلاقات التجارية الوطيدة بين أنقرة والتنظيم الإرهابي. وفي مشاركة للحديث الصحفي التي أجرته الوكالة الإيرانية، اعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط "إبراهيم فراهاني" أن نظام أردوغان استغل الأزمة السورية منذ يومها اليوم وحتى العام الثامن التي تشهده دمشق اليوم. وقال فراهاني تعليقًا على ماهية الدور التركي في سوريا: "إن تركيا تعمل على مد نفوذها في سوريا والعراق؛ وهذا يرجع لسيطرة الأيديولوجية العثمانية الجديدة على عقول النظام التركي لأردوغان". واستشهد فراهاني بما جاء في كتاب "العمق الاستراتيجي" لوزير الخارجية التركي السابق "داوود أوغلو" الذي نشره عام 2001 والذي أكد فيه على ضرورة إنهاك قوى المقاومة لجيران تركيا؛ أي سوريا والعراق. وأبرز فراهاني لأهم المقتطفات التي شدد عليها أوغلو في كتابه حيث ذكر: "إن رؤيتنا في هذه المنطقة "جيو اقتصادية"، وهذا يعني أننا سنسيطر على العراق، ثم على سوريا حتى نتحكم في اقتصادهم وأسواقهم لصالح نفوذنا الاقتصادي". وعلق فراهاني على هذه الكلمات بقوله: "رغم تأكيد أنقرة على معركتها الاقتصادية، إلا أنه ومنذ عام 2011، تغيرت هذه الاستراتيجية من جيو اقتصادية إلى جيوسياسية؛ وهذا يعني أن تركيا فضلًا عن تعزيز نفوذها الاقتصادي، عملت على توسيع نفوذها السياسي والعسكري في هذه البلدان (سوريا والعراق). ونوه بأنه بعد ثبوت انتهاك أنقرة لسيادة الأراضي السورية، أن تركيا تسعى -من خلال تحركاتها العسكرية الأخيرة بزعم محاربة حزب العمال الكردستاني- لإقامة حكم ذاتي انفصالي للجماعات الإرهابية في إدلب السورية، مؤكدًا أن الأكراد يمثلون العقبة الأصلب أمام تحقيق مخططهم هذا. وتشهد الأراضي العراقية والسورية انتهاكًا وتوغلًا مباشرًا من قبل القوات التركية؛ حيث كان أبرزها العملية العسكرية التي شنتها أنقرة على مدينة عفرين السورية بداية العام الحالي والتي عُرفت بـ"غصن الزيتون".
مشاركة :