المحرَّق قرَّة العين:شرف لنا أن نكون قرَّة عينك يا صاحب الجلالة

  • 6/11/2018
  • 00:00
  • 7
  • 0
  • 0
news-picture

لم تكد وكالة أنباء البحرين توثّق خبر استقبال حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه, لأهالي المحرَّق ليلة الثاني عشر من رمضان المبارك في مجلسه بقصر الصخير حتَّى سارعتُ أستجدي الخبر وتفاصيلَه، وأستدعي القلم وخواطرَه، وفي نفسي فيض من المشاعر لقول جلالته: «المحرَّق قرَّة العين». نعم، لطالما عبَّرتُ عن حبّي لمسقط رأسي، المحرق، لمن هم حولي وأعلنته في جميع الأوساط، وملأت الاسماع من دويِّه. ولكنّي لم أجد تعبيرا أجمل من تعبير جلالته عندما قال: «المحرَّق قرَّة العين»، يختصر كل ذلك الحب ويختزله في عبارة صدرت عن قلب حنون، فدخلت قلوبنا، نحن أهل المحرَّق، دون عناء؛ لأنّها لا تجبر خواطرنا فحسب وإنَّما كونها ملآ بتفاصيل تاريخ عتيق، ومحمَّلة بمغازٍ تفهمها مكنونات صدورنا. نعم، لنا الشرف يا صاحب الجلالة، أن نكون قرة عينك. الأرض لها علينا حق، وأرض المحرَّق سكنتها قلوبنا قبل بيوتنا، والذكريات الجميلة. وأستطيع أن أتكهّن بأنَّ ما سأرويه يشاركني فيه الكثير من أهل المحرَّق الذين لم يستطيعوا يوما مفارقتها؛ فهي غالية علينا، ولم تطاوعنا القلوب لبيع بيوتنا القديمة التي غمرتها ذكريات أغلى من أن تعرض للبيع، ولست أغالي إذا قلت إن أثمن هذه الذكريات على الصعيد الشخصي زيارة المغفور له بإذن الله أمير القلوب، الراحل الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة لمجلسنا «مجلس المغفور له بإذن الله جاسم محمد بن سند» عام 1984م الكائن بفريج المعاودة في المحرَّق. في طفولتي كنت أتأمَّلُ هذه الصورة التذكارية التي توثّق تلك الزيارة الأبويَّة، وكانت تكبر معانيها في عيني وقلبي بمضي الوقت، كنت أرى فيها تلاحم أهالي فريج المعاودة مع حاكمهم، واليوم المشهد يكبر، والحقيقة تترسّخ من خلال استقبال سموّكم الكريم جمعًا من أهالي المحرَّق؛ تأكيدا لتلاحم الشعب مع القائد. بيوتنا القديمة جزء من هويّتنا، وإن نزحنا عنها حبستنا مشاعرنا على ضفاف المحرَّق، فلم نتعدّ حدودها. وكم غمرتني مشاعر الفرح والفخر والاعتزاز حين تأكّد لي من خلال كلمة جلالته أنّ المحرَّق القديمة، الهاجس الأكبر لكل محرقيّ أصيل، وهي ذاتها محطّ اهتمام مليكنا الغالي؛ لذلك جعلها من أولويات المشاريع القادمة بإذن الله تعالى حيث أعلن عن إعادة بناء فرجان المحرق القديمة، وترميمها. والحقيقة أنّ هذا المشروع يتعدَّى حدود المحافظة على التراث المادي المعماري، إلى المحافظة على التراث الإنساني اللامادي؛ فخلف هذه المباني العريقة قصص مواطنين مخلصين، ومواقف تحكي قيم التضامن الماثلة في أهل المحرَّق، وهي دليل جازم على تنوّعنا، وتقبلنا لذلك التنوع بانسجام مجتمعي فريد، تربَّينا عليه، وشهدناه بين «الجيره»؛ فكان متأصِّلا في هُوِيَّتنا البحرينية العربية الأصيلة، المبنية على التعايش والسلم الأهليين التي تكاد هذه الجدران تنطق به قبل أن تصدع به المنظمات العالمية. فرجان المحرَّق اسماء منحت الوطن من غير مقابل، جمعت القلوب وألَّفت بينها، تركت بصمة في وطنها. عندما أتجول في البيوت الواقعة على مشروع طريق اللؤلؤ الرائد المدرج على التراث العالمي لليونسكو، أفرح برؤية اسماء أصحاب البيوت المنقوشة عليها والرجوع لسيرهم؛ فمنهم من كنت أعرفه، ومنهم من دفعني هذا التوثيق العمراني والسكاني للقراءة والبحث عنهم، آملة أن أرى اسماء باقي أهالي المحرَّق تحيا بتوثيقها على البيوت أو الشوارع في بقية الفرجان. فمن منّا لا يأخذه الحنين ويزور فريجه وبيته القديم، ويتمنّى أن تتخلد البيوت بسير أهلها والاسماء المخلصة للوطن وقيادته. إنّ العين لتقرُّ بعودة من نحب، وأعيننا تقرّ لا محالة بعودة أهالي المحرَّق ممن أطال الله في عمرهم إلى بيوتهم القديمة بعد ترميمها أو إعادة بنائها، وبعودة من تغمّدهم الله برحمته إليها معنويًا عبر نقش اسمائهم، وسيرهم، على جدران بيوتهم، وفي اسماء الشوارع والأزقة والساحات؛ فالمحرق غالية بتاريخها وأهلها، وسيظل شأنها عاليًا في ظل قيادتنا الحكيمة، وعلى رأسها صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك البلاد المفدى حفظه الله ورعاه.

مشاركة :