تونس - واصل العجز التجاري التونسي الاتساع منذ بداية العام الجاري، رغم الإصلاحات التي أطلقتها الحكومة لكبح انفلات الواردات ووضع حد لاستنزاف العملة الصعبة. وأظهرت بيانات حديثة نشرها المعهد الوطني للإحصاء على موقعه الإلكتروني أن الميزان التجاري سجل عجزا خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام الجاري بلغ 6.624 مليار دينار (2.58 مليار دولار) أي بزيادة 60 مليون دولار بمقارنة سنوية. وتأتي هذه المؤشرات المفزعة فيما تحاول الحكومة تقليص الواردات وخاصة تلك القادمة من الصين وتركيا التي استغلت اتفاقية التبادل الحر التي أبرمتها مع تونس في نوفمبر 2004، لكن تونس جمدت الاتفاقية لمدة خمس سنوات. وحذر البنك المركزي، الشهر الماضي، من أن “تواصل الضغوط التضخمية بنسق مرتفع، من شأنه التأثير سلبا على الانتعاش الذي يشهده الاقتصاد”. وكان المركزي قد أصدر أواخر أكتوبر الماضي أوامر للبنوك المحلية بوقف تمويل واردات 220 سلعة استهلاكية غير ضرورية مع سعي البلاد إلى تقليص العجز المتفاقم. كما اعتمدت موازنة هذا العام تدابير حمائية من أهمها فرض رسوم جمركية على الواردات من تركيا بنسبة تصل إلى 90 بالمئة. وتعتمد تونس على التوريد بالعملة الصعبة لتغطية الحاجيات الاستهلاكية، في مقدمتها الوقود والمواد الغذائية والحبوب والزيوت النباتية والتجهيزات الإلكترونية والمواد الأولية للقطاع الصناعي والقطاع الصحي والأدوية والسيارات وغيرها. 4.37 مليار دولار، احتياطات تونس بالعملة الأجنبية بنهاية مايو وفق البنك المركزي 4.37 مليار دولار، احتياطات تونس بالعملة الأجنبية بنهاية مايو وفق البنك المركزي ويبدو أن تعافي الصادرات والتي سجلت ارتفاعا بنسبة 27.5 بالمئة خلال الفترة نفسها العام الحالي مقابل 14.2 بالمئة بمقارنة سنوية سيكون له تأثير محدود في ظل تدهور الدينار والذي بلغ سعر صرف الدولار الأسبوع الماضي حوالي 2.8 دينار للمرة الأولى. ووفق بيانات المعهد، فإن التحسّن المسجل في الصّادرات والتي بلغت نحو 6.63 مليار دولار يعود إلى تحسن مستوى صادرات جل القطاعات على غرار المنتوجات الزراعية والغذائية بنسبة 81.8 بالمئة. كما ارتفعت صادرات قطاع الطاقة بنسبة 32 بالمئة والصناعات المعملية بنحو 27.3 بالمائة والنسيج بنحو 23.1 بالمئة والصناعات الميكانيكية والكهربائية بحوالي 19.5 بالمئة. وتتصاعد التحذيرات منذ سنوات من انزلاق اقتصاد البلاد إلى الركود بسبب تباطؤ معدلات النموّ وتفاقم الديون والعجز التجاري وتزايد الضغوط على التوازنات المالية. وأكدت خطورة استنزاف الاحتياطيات المالية على قدرة الحكومة على إصلاح الاقتصاد المتعثر. ويقول محللون إن نمو الواردات كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة لا سيما في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، وهو ما أدى إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة في السوق المحلية، مما انعكس سلبا على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي. وسجلت تونس في السنوات الست التي أعقبت الإطاحة بالرئيس الأسبق زين العابدين بن علي أكبر عجز تجاري مع الصين إذ بلغ 1.3 مليار دولار، تليها تركيا بنحو 525 مليون دولار وروسيا بنحو 372 مليون دولار، وفق بيانات رسمية. وبلغ احتياطي البلاد من العملة الأجنبية بنهاية مايو الماضي 4.37 مليار دولار، بتراجع قدر بنحو 300 مليون دولار منذ نهاية 2017، وهو أسوء رقم تسجله تونس، ما يجعلها، بحسب خبراء، في إفلاس غير معلن.
مشاركة :