العجز التجاري التونسي رغم الإصلاحات الاقتصاديةالعجز التجاري التونسي يتفاقم في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، ليقترب من حاجز الخمس مليارات دولار، في أسوأ مؤشر له منذ 2010.العرب [نُشر في 2017/10/13، العدد: 10780، ص(11)]إغراق السوق بالسلع المستوردة تونس - تفاقم العجز التجاري التونسي في الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري، ليقترب من حاجز الخمسة مليارات دولار، في أسوأ مؤشر له منذ 2010 رغم الإصلاحات الاقتصادية التي تقوم بها الحكومة. وارتفع العجز بنسبة 23 بالمئة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حيث بلغ 4.62 مليار دولار، مقابل 3.76 مليار دولار، وفق بيانات نشرها الخميس، المعهد التونسي للإحصاء. ويعود تفاقم العجز إلى التفاوت الواضح في نسق الواردات الذي بلغ 19.2 بالمئة، بينما بلغت الصادرات 17.4 بالمئة خلال الفترة المذكورة. وفسّرت البيانات زيادة الصادرات بالارتفاع الذي سجلته أغلب القطاعات وخاصة الطاقة والمنتجات الزراعية والغذائية والصناعات الميكانيكية والكهربائية مقابل تراجع صادرات قطاع الفوسفات بنحو 11.2 بالمئة. وتعود زيادة الواردات إلى ارتفاع واردات الطاقة بنحو 32.4 بالمئة وواردات المواد الزراعية والغذائية بنحو 21.9 بالمئة، إضافة إلى المواد الأولية ونصف المصنعة بنحو 22 بالمئة. وسجلت واردات المواد الاستهلاكية غير الغذائية مثل السيارات والزيوت المركزة والعطور زيادة هي الأخرى تقدر بنحو 20.8 بالمئة. وتسجل تونس أكبر عجز تجاري مع الصين حيث بلغ 1.3 مليار دولار، تليها تركيا بنحو 525 مليون دولار وروسيا بنحو 372 مليون دولار وبعدها الجزائر بنحو 131.4 مليون دولار، وفق بيانات رسمية. وتؤكد الإحصائيات أن تونس تفقد احتياطاتها النقدية من العملة الصعبة بشكل تعتبره الأوساط الاقتصادية كارثيا، وهو ما يجعل الحكومة تحت الضغط لمواجهة هذا الأمر ووقف نزيف الخسائر.4.62 مليار دولار، قيمة العجز التجاري في الأشهر التسعة الأولى من 2017، وفق معهد الإحصاء وتعتمد تونس على التوريد بالعملة الصعبة لتغطية الحاجيات الاستهلاكية، في مقدمتها الوقود والمواد الغذائية والحبوب والزيوت النباتية والتجهيزات الإلكترونية والمواد الأولية للقطاع الصناعي والقطاع الصحي والأدوية والسيارات وغيرها. ويقول محللون إن نمو الواردات بشكل غير مسبوق كان نتيجة السياسات الخاطئة للحكومات المتعاقبة لا سيما في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، ما أدى إلى تسويق حصة كبيرة من السلع المهرّبة في السوق المحلية، مما انعكس سلبا على احتياطي البلاد من النقد الأجنبي. وكشفت الحكومة في مايو الماضي، عن استراتيجية جديدة لكبح انفلات الواردات، في محاولة لتقليص العجز التجاري المتفاقم خاصة مع تركيا والصين، وتخفيف معاناة المواطنين من ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية جراء تدهور قيمة الدينار. وتقول الحكومة إنها تقوم بمساع لتفعيل الإجراءات الحمائية بموجب الاتفاقيات المبرمة مع عدة دول بينها الصين وتركيا. وطلبت تونس من تركيا مساعدتها في توسيع دخول السلع التونسية إلى أسواقها. وطلبت تجديد أو إعفاء قائمة إضافية من السلع التونسية من الرسوم الجمركية وفتح خطوط تمويل تركية بشروط ميسّرة لتعزيز الصادرات التونسية. ويقدر اقتصاديون خسائر تونس جراء إغراق السوق المحلية بالتوريد العشوائي للبضائع المعفاة من الرسوم الجمركية بنحو ملياري دولار سنويا. ودعت تونس الصين لفتح خطوط تمويل لتشجيع استثماراتها الصناعية في تونس. كما طلبت مساعدة تقنية لزيادة دخول الصادرات التونسية إلى الأسواق الصينية. ورغم أن التدابير الجديدة جاءت متأخرة لتقليص الفجوة بين الصادرات والواردات التي استنزفت الاحتياطيات النقدية للبلاد، فإن الخبراء يرون أن مجرد إحداث اختراق في سياسة التبادل التجاري ستكون له انعكاسات إيجابية رغم أن العملية ستكون بطيئة. وتسعى الحكومة بالتوازي مع ذلك إلى التحكم في قيمة الدينار، الذي شهد تدهورا كبيرا، في الأشهر الأخيرة، مقابل العملات الأجنبية حيث بلغ سعر اليورو 2.91 دينار، والدولار 2.48 دينار، وفق البنك المركزي. وتتصاعد التحذيرات منذ سنوات من انزلاق اقتصاد البلاد إلى الركود بسبب تباطؤ معدلات النموّ وتفاقم الديون والعجز التجاري وتزايد الضغوط على التوازنات المالية. وأكدت خطورة استنزاف الاحتياطيات المالية على قدرة الحكومة على إصلاح الاقتصاد المتعثر.
مشاركة :