لا زال العالم الافتراضي المشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي ينضج بالتغريدات المسمومة لإشاعة الفوضى واجترار الخراب في الدول العربية، فهناك مجموعة من المغردين تسهر خلف شاشات الهواتف النقالة والأجهزة المحمولة لإرسال تلك الرسائل التي أقل ما يمكن وصفها بأنها قنابل وألغام يزرعها المتطرفون في طريق الآمنين المستقرين. التغريدات المسمومة يمكن تبريرها بأنها من جماعات إرهابية لا تخاف الله، ويمكن تبريرها كذلك حين تكون من جهات لم تذق طعم الألم الذي خلفته الجماعات الإرهابية في بعض الدول، ولكن أن تأتي من بلد يعاني من الأعمال الإرهابية طوال العام، ومن جهة رسمية ودبلوماسية معتمدة من الدولة، فهذا هو المؤسف في الأمر. قبل أيام خرجت علينا سفيرة فرنسا (الجديدة) سيسيل لونجيه (Cecile Longe) بمجموعة من تغريدات خارج سرب الدبلوماسية، وتعتبر تدخلا سافرا في شئون البحرين الداخلية، بل هي دليل على عدم وعي ودراية سعادة السفيرة التي تفتقد إلى أبسط مقومات اللباقة واللياقة الدبلوماسية. السيدة سيسيل لونجيه تم اعتمادها كسفيرة للجمهورية الفرنسية لدى البحرين يوم الأحد 15 أكتوبر 2017م، يعني أنها لم تتجاوز العام في مهام عملها الجديدة، وقد جاء في أول تصريح لها بعد استلامها مهام عملها في المنامة أنها: ستحرص على (تعزيز مسار التعاون وتوطيد العلاقات الثنائية والارتقاء بها إلى آفاق أرحب بما يعود بالخير والمنفعة على البلدين والشعبين الصديقين)، فهل حقاً هي اليوم تسعى لتعزيز تلك العلاقة، أما أنها من خلال تغريداتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي (التويتر) تسعى لإشعال الساحة ومحاولة العودة بمشروع تغير هوية المنطقة إلى نقطة الصفر!. لقد جاءت تغريداتها الأخيرة اعتراضاً على الأحكام القضائية في حق أحد المواطنين، والجميع يعلم بأن القضاء في البحرين مستقل، ولا يحق لأي كان التدخل في تلك الأحكام، ولم نعهد من الحكومة الفرنسية التي تعاني هذه الأيام من الأعمال الإرهابية التي تضرب باريس وضواحيها التدخل في شئون الدول، بل تسعى (الحكومة الفرنسية) دائماً إلى تعزيز الأمن والاستقرار في الدول، ولكن خروج السفيرة لونجيه بهذه الغريدات فيها استفزاز كبير لمشاعر الشعب البحريني الذي يرفضها جملة وتفصيلاً. قبل أعوام قليلة رفع الشعب البحريني عريضة على أحد السفراء المعتمدين في البحرين حين تدخل في الشأن البحريني، بل وناقش مجلس النواب تلك التدخلات السافرة، وقد تم انهاء خدماته بعد أن ضج المجتمع البحريني وطالب برحيله، ولا نعتقد بأن هذا الأمر بخاف على السفيرة لونجيه، فالشعب البحريني ليس بشعب غبي أو مغفل، بل له مواقفه المشرفة في كل المواقف، يستقبل ويرحب بالجميع لأن وطنه وطن التعايش، ولكن يرفض وبشدة أن يتدخل أحد في شئونه الداخلية. نعلم كما يعلم الجميع بأن تدخل القوى العظمى في الدول النامية يأتي من نافذة حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير، وأصبحت تلك الدول تدغدغ مشاعر بعض البشر بهذا الشعار المخملي، وقد نست وتناست أن ما وقع في بلادها من أعمال إرهابية هو مرتبط بنفس الجماعات التي ترفع شعار حقوق الإنسان وحرية التعبير في البحرين. بحسب الاعراف والقواعد الدبلوماسية من المفترض الا يتدخل السفير في الشأن الداخلي للدولة التي يعمل بها، وسعادة السفيرة لونجيه لم تكمل العام في البحرين ومع ذلك نراها نشطة في عالم التغريدات والتدخل في شئون البحرين، وهذا ما هو مشاهد عبر مجموعة من التغريدات، فهل تركت عملها الدبلوماسي لتنظم إلى مجموعة المغردين، أخطر ما في الأمر أن السفيرة لونجيه بتغريداتها تلعب دوراً خطراً في تأجيج الساحة، والاعتراض على الأحكام القضائية، ولمن يقرأ تلك التغريدات يرى بأن فيها دعما مبطنا للجماعات الإرهابية والمتطرفة التي تتدثر بشعار حقوق الإنسان وحرية الرأي والتعبير. إن العلاقات البحرينية الفرنسية تمتد لمئات السنين ولعل تاجر المجوهرات واللؤلؤ (كارتيه) كان دليلا على العلاقة الاقتصادية، وقد تم تعزيز تلك العلاقة من خلال تواجد الجالية الفرنسية، وتشييد مدرسة فرنسية خاصة بهم بالمحرق، كل ذلك وغيره هو تأكيد على العلاقات المتينة بين الشعبين، ولكن حين تلعب السفيرة الفرنسية لونجيه دور المدافع عن حقوق الإنسان وحرية التعبير عبر تغريدات مشبوهة فإن ذلك يعرف في السلك الدبلوماسي بالتدخل في الشئون الداخلية. رسالة أخيرة لمجلس النواب الذي يتابع تغريدات السفيرة لونيجه، هل يرضى بتلك التغريدات أم أنه يغض الطرف عنها بدعوى حرية الرأي ؟!.
مشاركة :