روبوتات الخيالات الجامحة؟ إنها موجودة فعلاً

  • 6/13/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

على مدار الساعة، يُمطر الإعلام العالمي الناس بأخبار غالباً ما تثير الدهشة عن الروبوت والذكاء الاصطناعي. ومن وجهة نظر معينة، يمكن القول بوجود اتجاهين أساسيّين في صناعة الروبوت، يعمل الأول على صنع آلات ضخمة تؤدي أعمالاً جزئية مؤتمتة وتستخدم في مصانع السيارات والحافلات والأدوات المنزلية وغيرها. ويتميّز النوع الثاني بأنه يحاول محاكاة الإنسان، وهو مزود عقولًا إلكترونية ذات طابع تفاعلي، وتستطيع العمل على مجموعة من النشاطات البشرية. وتندرج في إطار النوع الثاني مروحة من الروبوتات تمتد من ارتياد الفضاء إلى حراسة المباني، مروراً بأعمال روتينية في المطاعم والملاهي والمنازل والجيوش وغيرها. وضمن تلك المروحة، يبرز روبوت فريد من نوعه عالميّاً صمّمه باحثون يعملون في «جامعة الأورال الفيدرالية» (في روسيا الاتحاديّة)، وسمّوه «كاناتوخود». ويقدر على النهوض بعمليات المراقبة من بُعد، وتحديد مكان الأضرار المحتملة في خطوط نقل الكهرباء. ويحدث عبر خطوات متسلسلة تبدأ بأن يعمل الروبوت على إجراء مسح لمسار خطوط شبكة الكهرباء، ثم يرسم خريطة لها، ويكشف عن العيوب فيها، ويسجّل تلك المعلومات قبل إرسالها إلى مراكز المراقبة. وفي المستقبل سيكون مجمع واحد من روبوت «كاناتوخود» قادراً على خدمة شبكة تضمّ ما يزيد على 1000 كيلومتر من خطوط نقل الكهرباء. ويسمح ذلك التصميم بإصلاح الأعطال بسرعة على الشبكات الكهربائية، مع الحدّ من المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها عمال الكهرباء. ويجُهّز ذلك المجمع بآلة تصوير حراري وكاميرا تعمل بالأشعة فوق البنفسجيّة تقدر على رصد الأضرار على امتداد بعد بضعة كيلومترات. يشار إلى أن المشروع فريد من نوعه وليس له مثيل في العالم بما في ذلك من حيث الأداء والكفالة. عامل بناء وتقني في البث التلفزيوني صمّم باحثون من «جامعة تيومين الحكوميّة» روبوت مختص بالبث التلفزيوني، يحمل اسم «آفاتار أس». ويستطيع بث الصوت والصورة وبعض أنواع الانطباعات الحسيّة، وينقلها إلى خوذة إلكترونية تعمل بتقنيات «الحقيقة الافتراضية» Virtual Reality. ويستطيع «آفاتار أس» العمل في الأماكن الملوثة إشعاعياً أو كيماوياً، وكذلك في الفضاء وقيعان المحيطات. ووفق قول مهندسيه، من المستطاع إدارة الروبوت «آفاتار أس» عبر شبكات الخليوي، أياً كان نوعها، ما يرشحه للانتشار في السوق العالمي. وبفضل نقل البيانات الضخمة بسرعة كبيرة، بات ممكناً مراقبة الأشياء من بعد، بل الوصول إلى «لمسها» (بمعنى التعرف إلى هندستها وتركيبتها)، إضافة إلى رؤيتها وسماع الأصوات الصادرة عنها أو المحيطة بها. ويعتقد الباحثون أن تلك التقنيات قابلة للاستخدام في مناطق يصعب على البشر العمل فيها، كالمناطق الثلجية في سهوب سيبيريا الفائقة البرودة، خصوصاً تلك التي تتعرض لانقطاعات مستمرة في شبكات الكهرباء. ويتيح الروبوت «آفاتار أس» للإنسان الحصول على معلومات كافية عن مشكلات الشبكات الكهربائية، ثم تنفيذ الحلول التي يتوصل إليها الخبراء. كذلك تعمل «جامعة تيومين الحكوميّة» على تصميم روبوت- عامل بناء. ويستفيد من الهيكل الخارجي لروبوت الفضاء (راجع «الحياة» في 30 أيار/ مايو 2018) كي يتعامل مع مواد قاسية، كالجدار والأرضيّة والسقف. ومن المستطاع تعليق ذلك الروبوت على الجدران بواسطة كابلات، يتحكم فيها الكومبيوتر. في منحى آخر، زُوِّد ذلك الروبوت بآلة تعمل بالطباعة الثلاثية الأبعاد («ثري دي برينتنغ» 3D Printing) تستطيع إنتاج أدوات متنوعة. في منحى مشابه، ابتكر باحثون من «جامعة الشرق الأقصى الفدراليّة» روبوتاً صناعياً فريداً في نوعه. وبفضل عناصر الذكاء الاصطناعي فيه، يستطيع التعامل ميكانيكياً مع القطع المعدنية، حتى عندما لا يكون على دراية مسبقة بأمكنة وجودها. ويجري ذلك باستخدام تقنيات الإبصار الاصطناعي وأدواتها المتنوعة. ويجري اختبار مجموعة التقنيات المتصلة بذلك الروبوت في مصنع «دال بريبور» في مدينة فلاديفوستوك الروسية، مع الحرص على التطابق بين بيئة الاختبارات من جهة، والظروف الحقيقية للتلك الأعمال من الجهة الثانية. التعامل مع السموم النوويّة أنجز باحثون في «جامعة تومسك الحكوميّة» تصميماً لروبوت- استكشافي يستطيع مقاومة السموم والإشعاعات الضارة، علماً أنه صمّم للعمل في مجال الطاقة النووية، وهو قادر على كشف المنطقة وتحديد التلوث الكيماوي والإشعاعي. ويؤكد مصمّموه أنه يحتوي على مجسّ لقياس مستوى الغازات ونوعيتها، ومعدات للقياس تعطيه القدرة على إجراء تحليل سريع لها، وتحديد نوعيتها وتركيبها وكميتها، فيغدو قادراً على تحديد المواد الخطيرة المختلفة، بما في ذلك المتفجرات. وبفضل البرمجيات المثبتة في حاسوبه، يستطيع روبوت- الاستكشاف العمل باستقلالية أو تحت إدارة مُشغّل بشري. إضافة إلى ذلك، يتمتع ذلك الروبوت بحرية عالية في الحركة، بل يتحرك بسهولة على الأرض والثلوج والجليد. وحاضراً، يعمل باحثون في «جامعة تومسك» على تجميع تصاميم لشكلين مختلفين من المجمعات الروبوتيّة، تُنفّذ لمصلحة مؤسّسة «روس آتوم» وتهدف إلى صنع آلات مؤتمتة تستخدم في مناطق محطات الطاقة النووية. وتندرج الجهود السابقة وغيرها، ضمن مشروع «5-100» وهو برنامج حكومي يهدف إلى تحسين القدرة التنافسية للجامعات الروسية، إضافة إلى دعم البحوث العلميّة في الروبوت، وتصميم برامج تعليمية حديثة، ونسج تعاون مثمر بين العلوم الجامعيّة من جهة، والشركاء الصناعيين من الجهة الثانية. وكذلك يهتم المشروع «5-100» بزيادة القدرة التنافسية للتعليم العالي الروسي وتعزيز إمكانات البحث العلمي في جامعات روسيا الاتحادية.

مشاركة :