قد يتصور البعض أن منع الرقابة على المصنفات الفنية لفيلم “كارما” الاثنين، ثم السماح له بالعرض بعد أقل من يوم قدّم رواجا للفيلم ومخرجه خالد يوسف، لكن تزامن طرحه في دور السينما مع بدء مسابقة كأس العالم في روسيا وضعه أمام تحد كبير، لأن الضجة التي صاحبته ربما غير كافية لضمان إقبال الجمهور عليه في هذه الأجواء، وكان من الممكن أن يجني الفيلم ثمارها لو حدثت قصة المنح والمنع في ظروف أخرى. القاهرة – يمثل موسم عيد الفطر مناسبة جيدة لعرض عدد كبير من الأفلام في دور العرض السينمائي، لكن هذا العام تراجع عدد كبير من الفنانين عن المشاركة بأفلامهم شبه الجاهزة، بسبب تزامن الموسم مع فعاليات كأس العالم في روسيا، والتي تبدأ رسميا ليلة عيد الفطر، وفيها هذا العام مشاركة قياسية لأربعة بلدان عربية هي مصر والسعودية وتونس والمغرب، ما يضاعف من أزمة الركود التي دخلت فيها السينما مؤخرا، حيث يعوّل المنتجون على هذا النوع من المناسبات لتعويض خسائرهم. وأصبحت الأزمة تتكرّر كل أربع سنوات، وكأنها تأتي فجأة أو دون معرفة سابقة بموعد المسابقة العالمية، لذلك هي كاشفة لحال السينما والطريقة التي يتعامل بها أهلها وقد تساهم في المزيد من الهدم. انسحابات بالجملة يعتبر النصف الأول من العام الحالي موسما سينمائيا خاسرا للمنتجين وأصحاب دور عرض سينمائي، ورغم طرح بعض الأعمال منذ مطلع العام، إلاّ أنها لم تحقّق النجاح المرجو منها، وخلت من أفلام نجوم شباك التذاكر وأصحاب الإيرادات الضخمة، ومن كان عليهم الرهان مثل حسن الرداد الذي لم يستطع بفيلمه “عقدة الخواجة” الوصول للنجاح الذي حققه فيلمه السابق “زنقة ستات” العام الماضي. وكان موسم عيد الفطر طوق النجاة للركود الذي يضرب بقوة دور العرض السينمائية، منذ انتهاء موسم أفلام نصف العام والذي كان الحصان الرابح فيه الفنان رامز جلال بفيلمه “رغدة متوحشة” بعد منافسة حادة مع ماجد الكدواني في فيلم “طلق صناعي”، وخالد الصاوي وكريم محمود عبدالعزيز بـ”اطلعولي بره”، وأحمد عيد بفيلم “خلاويص”. وجاء انسحاب عدد من النجوم ليربك الموسم السينمائي والذي كان من المقرر أن يشارك فيه الفنان يوسف الشريف بفيلمه “بني آدم” وتامر حسني بـ”البدلة”، ومحمد رمضان بـ”الديزل” بخلاف فيلمي “3 شهور” للفنان أحمد السقا و”تراب الماس” للفنانة منة شلبي. وتضم قائمة الأفلام المشاركة هذا الموسم خمسة أفلام، هي: “كارما” ويعود به مخرجه خالد يوسف للساحة السينمائية بعد غياب سبع سنوات منذ تقديمه فيلم “كف القمر”، ويلعب بطولة الفيلم الفنان عمرو سعد وغادة عبدالرازق ووفاء عامر وخالد الصاوي، ويجسد من خلاله البطل شخصيتين، أحدهما يقطن في حارة شعبية والآخر ملياردير. ولم تظهر كالعادة الدعاية اللازمة لهذه الأفلام، وباستثناء “كارما” تكاد تكون شوارع مصر خلت من أي دعاية أخرى، وحتى الاعتماد على مواقع التواصل الاجتماعي لم يحظ باهتمام ظاهر، لأن التركيز ينصب على أعمال رمضان الدرامية التي تحظى بنسبة مشاهدة مرتفعة على يوتيوب. ويسعى الفنان عمرو سعد من خلال “كارما” إلى تعويض خسارته المعنوية بعد تأجيل عرض مسلسل “بركة” وخروجه من العرض في ماراثون رمضان الدرامي قبل وقت قصير من انطلاقه. ويأتي عرض فيلم “ليلة هنا وسرور” لمحمد عادل إمام وياسمين صبري وتأليف محمد عز ومصطفى صقر وإخراج حسين المنباوي، أملا في تكريس نجومية محمد إمام، وتدور أحداثه حول شاب فقير يرتبط عاطفيا بفتاة أرستقراطية. ويضاف إلى ذلك فيلم “حرب كرموز” للفنان أمير كرارة وإخراج وتأليف بيتر ميمي، ويرصد قصة تعود للحقبة الملكية قبل ثورة يوليو 1952، وتدور أحداثه حول نجاح ضابط الشرطة في إنقاذ فتاة من الاغتصاب ويدخل في الكثير من المعارك مع الإنكليز الذين كانوا يحتلون مصر آنذاك. "قلب أمه" تدور أحداثه حول استئصال قلب شاب ووضع آخر له من امرأة متوفاة، وتتصاعد الأحداث في إطار كوميدي "قلب أمه" تدور أحداثه حول استئصال قلب شاب ووضع آخر له من امرأة متوفاة، وتتصاعد الأحداث في إطار كوميدي ويوحي فيلم “حرب كرموز” بأنه استثمار مباشر لنجاح البطل والمخرج معا بعد أرضية جماهيرية مشتركة قدماها في مسلسل “كلبش 1 و2”. وتضم القائمة فيلم “قلب أمه” لهشام ماجد وشيكو ودلال عبدالعزيز وإخراج عمرو صلاح وتأليف محمد محمدي وأحمد محيي، وتدور أحداثه حول استئصال قلب شاب ووضع آخر له من امرأة متوفاة، وتتصاعد الأحداث في إطار كوميدي. وهناك أيضا فيلم “الأبله طمطم” للفنانة ياسمين عبدالعزيز وتأليف أيمن وتار وإخراج علي إدريس، ويحكي قصة مدرسة لها شخصية ضعيفة تعاني من مشاكل في التعامل مع طلابها. هيمنة رياضية شهد الركود السينمائي هذا العام ذروته مع انطلاق فصل الربيع الذي لم يطرح فيه سوى عدد محدود من الأفلام، أبرزها “علي بابا” لكريم فهمي و”نورت مصر” لبيومي فؤاد و”قسطي بيوجعني” لهاني رمزي، و”الكهف” لماجد المصري وروجينا. وجاء ركود موسم الربيع وضعف الإقبال الجماهيري لتزامن عرض الأفلام مع موسم انتخابات الرئاسة في مصر (في مارس الماضي) وهيمنة الحدث السياسي على المشهد العام، ثم حلول شهر رمضان الذي يسجل كل عام نسبة مرتفعة في الركود السينمائي، لاهتمام الجمهور بالأعمال الدرامية. ويرى الناقد نادر عدلي، أن الأفلام التي اتخذت قرارها بالخروج من الموسم السينمائي لعيد الفطر قد لا ينتظر عرضها في موسم عيد الأضحى، بعد نحو شهرين، وربما يفضل طرحها في الفترة الزمنية بين العيدين، لأن الرهان على الموسم السينمائي المقبل متعلق بمدى نجاح أو إخفاق المنتخبات العربية المشاركة في كأس العالم، وبينها المنتخب المصري. وأوضح لـ”العرب”، أن الحل في تجاوز أزمة موسم عيد الفطر يتمثل في عودة دور العرض لحفلات منتصف الليل والتي توقفت منذ اندلاع ثورة يناير 2011، لأنها كانت تجذب شريحة واسعة من الشباب. وأرجع الناقد كمال رمزي تراجع موسم عيد الفطر إلى أن الأفلام المشاركة تفتقد لحالة الجذب الجماهيري، كما أن المشاهد يخرج من هذا الموسم متشبعا، لأنه حصل على جرعة كبيرة من الأعمال الدرامية، ما يجعل مسألة الإقبال الجماهيري بالغة الصعوبة. وتحظى مسابقة كأس العالم باهتمام النقاد أيضا، ولا تقل إثارة ومتعة لديهم عن الأفلام السينمائية، وبالتالي لن تكون هناك كتابات نقدية كبيرة تتحدث عن الأعمال المشاركة في موسم عيد الفطر. ويقول رمزي لـ”العرب” “إذا كنّا نتحدث عن نجوم يحبها الجمهور فإن اللاعب الدولي المحترف في ليفربول الإنكليزي محمد صلاح، أصبح محبوبا في مصر والدول العربية، لذلك فالآمال تنصب على كأس العالم بلا جدال. ويبدو الانتظار وتأجيل عرض الأفلام غير مفيدين، وهناك دور عرض سينمائية تعيش حالة من الركود منذ فترة، وهي عملية من الضروري أن تقوم وزارة الثقافة المصرية بحسمها، لأن عددا كبيرا من قاعات العرض في “المولات التجارية” أغلقت أبوابها، وهو أمر يحتاج إلى مراجعة لأن تقليص القاعات يدل على أزمة ضخمة مقبلة في الإنتاج السينمائي، ما لم يتم البحث عن حلول لها سوف تتولد المزيد من الأزمات.
مشاركة :