بانتهاء شهر رمضان يكون جسم الصائم قد اعتاد على نمط غذائي محدد وفى مواعيد ثابتة استمر لحوالى ثلاثين يوما متتابعة، وذلك خلافا للنمط الذى كان يتبعه طوال العام، ويكون الجسم قد اعتاد على ضبط آليات الحرق بصورة مختلفة عن روتينه المعتاد في باقي شهور السنة، مانحا جهازه الهضمى وكليتيه راحة يومية لحوالى 16 ساعة متواصلة، واختلفت عملية أيض الغذاء، وحركة الجهاز الدورى٠وبتزامن انتهاء الصيام مع قدوم العيد بحلواه وكعكه، يحدث تغيير مفاجئ وجذري في الممارسات الغذائية للصائمين، ويؤدى التهام كميات كبيرة من الطعام على فترات متقاربة إلى ارتباك المعدة والإصابة بعسر الهضم، ويؤثر اختلاف مواعيد الأكل بشكل مباشر على نظام الهضم والإخراج فيكون مصحوبا بعدد من العوارض الصحية مثل التلبك المعوي والحموضة والانتفاخات والاسهال والتخمة ٠وأكد الدكتور مجدى بدران، عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة، واستشارى الأطفال، وزميل كلية الدراسات العليا للطفولة بجامعة عين شمس، أن رمضان كان فرصة عظيمة لتغيير السلوك الغذائي يجب الحفاظ عليها، كما كان علاجا ربانيا طبيعيا وقائيا بدون تكاليف للعديد من الأمراض وفرصة هائلة للإقلاع عن السلوكيات الغذائية الضارة التي تؤدي إلى نتائج غير مرضية، مشيرا إلى أن التغيرات البيولوجية الخفيفة التي حدثت فى جسم الصائم خلال شهر رمضان تستغرق وقتا لتعود لما كانت عليه قبل رمضان، ولهذا فإنه من الضرورى التروي والتدرج بعد شهر كامل من الصوم لتهيئة الجهاز الهضمي للعودة لاستقبال الطعام بالمواعيد الجديدة، حيث يؤثر اختلاف مواعيد الأكل بشكل مباشر على نظام الهضم والإخراج، لذا فإن الانتقال من مرحلة الصيام إلى الإفطار بشكل مريح صحى وسلمى يتطلب مراعاة عدة قواعد، كي يعود الجسم لروتينه السابق، وأبرز هذه القواعد أن يكون هذا الانتقال تدريجيا حتى لا تتعرض المعدة لمشكلات صحية، وممارسة رياضة المشى.ووصف الطبيب روشتة متضمنة عدة نصائح غذائية كفيلة بالحفاظ على سلامة أجهزة الجسم عند بدء الفطر، وهى التدرج في تناول الطعام خلال الأسبوع الأول، وعدم الإفراط في تناول الأطعمة المحتوية على كثير من السمن والدهون والمكسرات حتى ولو على سبيل المجاملة للأقارب والأصدقاء، وتناول وجبات خفيفة وتوزيعها على فترات منتظمة، على أن تشمل ثلاث وجبات رئيسية تتخللها وجبات خفيفة غالبا ما تكون من الفاكهة مما يعطي تنظيما أفضل لعملية الهضم، محذرا من التهام كميات كبيرة من الطعام، حيث يؤدى ذلك لأضرار صحية.وقال بدران - في حديث أجرته معه وكالة أنباء الشرق الأوسط - إن الجهاز الهضمي يكون قد اعتاد على الراحة التامة طوال النهار أثناء الصيام، ولهذا فمن المهم تعويده بالتدريج على هضم الطعام في ساعات الصباح، وأن يكون إفطار اليوم الأول بعد الصيام ( إفطار أول أيام العيد) خفيفا خاليا من المقليات ومن الموالح،والزبدة، واللحوم المصنعة، ويفضل أن يحتوى على الألبان الخفيفة خالية الدسم ومشتقتها، وأن يبدأ الإفطار بنوع من السكريات البسيطة مثل العسل أو التمر مع القليل من حبة البركة لتقوية المعدة ومناعة الجسم، وذلك لمن لا يعاني من مشاكل ارتفاع سكر الدم، وينصح بتناول خبز مصنوع من حبوب كاملة، وأجبان قليلة الدسم أو بيضة مسلوقة، مع القليل من الخضروات.وأضاف، أن وجبة الغداء يجب أن تكون متوازنة، بمعنى أن تحتوي على كمية معتدلة من النشويات والبروتين والخضار، ويفضل اختيار الوجبات قليلة الدهن، ويفضل استخدام التوابل والبصل والثوم والليمون والخل لإعطاء النكهة عند تحضير الوجبات بدلا من الزبدة أو الملح، والتقليل من إضافة البهارات وبخاصة الحارة منها، وعدم ملء المعدة لأن ذلك يجهد القلب، كما ينصح بالابتعاد عن الملح والأغذية المالحة والأطعمة الغنية بالكوليسترول كصفار البيض والكبد والدهون الحيوانية، فيما يجب أن تكون وجبة العشاء خفيفة وتجنب النوم بعدها مباشرة، ويفضل أن تحتوي على كوب من الحليب أو اللبن مع التمر أو بعض الخبز والخضار ٠وأوصى خبير المناعة، بالاستمرار فى تناول الحساء والسلطات فى الوجبات الغذائية والتى كانت جزءا أساسيا من مائدة إفطار رمضان، لأنها من الممارسات الغذائية الصحية التي يجب المحافظة عليها بعد انتهاء الصيام، خاصة وأنها تسهل عملية الهضم في المواعيد الجديدة للطعام، وترفع من القيمة الغذائية للوجبة لما تحتويه من فيتامينات ومعادن٠كما أوصى بتناول الألبان المحتوية على البكتيريا الحية، مشيرا إلى إن استهلاك البكتيريا المفيدة المتواجدة بتركيز عال في أنواع معينة من اللبن تقوي جهاز المناعة وتساعد بشكل ملحوظ في التخلص من الغازات والانتفاخات وتسهل عملية الهضم، حيث تشير الأبحاث إلى إن استهلاك هذه البكتيريا النافعة عن طريق الغذاء يزيد من تركيز البكتيريا المتواجدة بشكل طبيعي في الجهاز الهضمي للإنسان والتي تعمل على تخمير فضلات الغذاء والتخلص منها.وشدد بدران - فى حديثه على أهمية شرب كميات كافية من الماء (من 2-3 لترات ) يوميا موزعة، وأن تكون قبل تناول الوجبات أو بعدها بنصف ساعة وليس خلالها لضمان امتصاص أفضل للعناصر الغذائية، وعدم الإفراط في تناول حلوى العيد بأنواعها المختلفة، وإدخالها باعتدال بين الوجبات الرئيسة وبكميات بسيطة وموزعة، والإكثار من تناول الخضراوات والفاكهة لضمان حصول الجسم على الألياف الغذائية اللازمة لتنشيط حركة الأمعاء وتجنب الانتفاخ والإمساك.وأشار إلى أنه عند تناول إحدى الوجبات خارج المنزل، يجب مراعاة اتباع تعليمات الغذائية السليمة في اختيار الطبق، والحرص على اختيار أطباق السلطات الخفيفة، والتأكد من طهى اللحوم بشكل تام ويفضل الشي على القلي، والاعتدال في اختيار النشويات، ويفضل تجنب تناول الوجبات السريعة التي تعتمد على الطهي الجزئي المسبق ثم يتم استكمال تحضيرها عند الطلب، مما يقلل العديد من العناصر الغذائية بها.و بالنسبة لمشروب العيد، أوصى بدران بالتخفيف من احتساء القهوة العربية، بحيث لا تزيد على 4-5 فناجين يوميا تجنبا لمشاكل المعدة، ويفضل تجنبها لمرضي الضغط ولمن يعاني من عدم انتظام دقات القلب، موضحا أن استهلاك القهوة مرتبط بزيادة الشعور بالحرقان في المعدة، وهي أحد الأعراض الصحية الشائعة في أول أيام الإفطار، لافتا إلى فائدة شرب الشاى بدون نعناع، حيث يسهل الشاى عملية الهضم، فيما يعمل النعناع على زيادة في افراز عصارة المعدة، ويزيد من الشعور بالحرقة في المعدة، والإكثار من الزنجبيل، حيث تؤكد الأبحاث العلمية أنه يحتوي على مركبات خاصة تساعد في التخلص من الغازات وحموضة المعدة، ويعزز زيادة تدفق عصارة المرارة مما يساعد في عملية الهضم، ويمكن استهلاكه بجميع أشكاله بما فيه الشراب الساخن عن طريق غلي جذوره.
مشاركة :