لست ناقداً فنياً ولكني بالتأكيد مشاهد يستحق أن يستمتع بما يلائم ذائقته الفنية ويزيد من مداركه، وأكاد أجزم أن الكثيرين يوافقوني الرأي أن الدراما السعودية خلال شهر رمضان حققت فشلاً ذريعاً قياساً بكل ما يقدم لها من دعم حكومي واهتمام شعبي. ولعل نظرة خاطفة لمسلسلات «الاسكتشات» من «شير شات» للنجوم الذين لم يتغيروا منذ سنوات، أو «بدون فلتر» للنجم عبدالله السدحان الذي يزال يروح موقع منذ سنوات، لتؤكد أننا لا نزال تحت عباءة «طاش ما طاش»، ولا أعرف ما سبب الإصرار على نفس التوليفة الركيكة كل موسم؟. حلقات قصيرة لا يجمعها أي موضوع أو مسار درامي، مجرد مشاهد متتالية يُزعم أنها تناقش قضية اجتماعية، تطرح بأسلوب سطحي مباشر، لا يغير من سلوك المشاهد ولا يبهجه ولا يسعده!. لست متشائماً ولكن هيئة الإذاعة والتلفزيون قدمت الكثير، تعميد بملايين الريالات وبمدة زمنية كافية، ولكن للأسف لا يزال المُخرج كما كان دوماً: أقل من المتوقع، والسبب الرئيس في رأيي تعاظم متلازمة البطل المنتج المؤلف، أولئك السوبر مبدعين الذين يقومون بكل شيء، بينما نظرة خاطفة على أعظم وأجمل المسلسلات العالمية لتجد أن كل مهمة في الدراما يقوم بها شخص مختص وذو خبرة، فالمؤلف مؤلف، والمنتج منتج، والمخرج مخرج، وهكذا دواليك وليس كما يحدث لدينا حيث النجم المنتج هو محور العمل، فكل شيء يتمحور حوله، وبالتأكيد كونه هو المنتج فحتماً سوف يكون بخيلاً على الإنتاج كما يحدث كل مرة، لأن كل توفير سوف يعود إليه. دعوني أهمس في أذن من يعتقدون أنهم لا يزالون نجوم الصف الأول: ذائقة المشاهد السعودي ارتفعت كثيراً السنوات الأخيرة، مع دخول شبكات البث عبر الإنترنت، التي تعرض مسلسلات وأفلاماً ذات حبكة درامية لافتة وإنتاجاً لا يبخل بأي شيء، ورشة كتابة تنتج أحداثاً منطقية ومبتكرة. أما هيئة الإذاعة والتلفزيون فحسناً فعلت أن أتاحت الفرصة لبعض شباب اليوتيوب هذا الموسم، وكلي أمل أن تتاح لآخرين فرصة أكبر وأوسع، وأن تقدم لهم الساعة الذهبية بعد صلاة المغرب، فهم أكثر إبداعاً وابتكاراً قياساً على أرقام مشاهداتهم في اليوتيوب، وأقرب للمجتمع وهمومه، فهم من يشكلون النسبة العظمى من مجتمعنا، الذين أضحوا أبعد كل موسم عن دراما التلفزيون، ولن يعيدهم إليها إلا شباب مثلهم.
مشاركة :