صنعاء، باريس - وكالات - فيما واصلت قوات الشرعية اليمنية، بدعم من التحالف العربي، تقدمها في معركة الساحل الغربي وسيطرت على مطار الحُديدة، بدأ مبعوث الأمم المتحدة لليمن مارتن غريفيث مهمة حاسمة في صنعاء، قد تكون آخر الفرص الديبلوماسية، لإقناع الانقلابيين الحوثيين بتسليم الحديدة ومينائها لتجنيب المدينة حرباً دامية في شوارعها فيما تحتدم المعارك عند مدخلها الجنوبي.توازياً، كشفت مصادر فرنسية أن قوات خاصة فرنسية تساند قوات التحالف العربي لدعم الشرعية في المعركة على الأرض.ولم يُدلِ المبعوث الدولي بتصريح لدى وصوله صنعاء، ظهر أمس، وغادر المطار فوراً متوجهاً إلى المدينة للاجتماع بقادة المتمردين الحوثيين.وكان غريفيث أكد لدى بداية الهجوم لتحرير الحديدة أن المفاوضات مستمرة لتجنب مواجهات دامية داخل مدينة الحديدة.وأضاف في بيان «لدينا اتصالات دائمة مع كل الأطراف المشاركة للتفاوض حول ترتيبات للحديدة تستجيب للمخاوف السياسية والانسانية والامنية لكل الأطراف المعنيين».وكان لافتاً أن الانقلابيين استبقوا وصول غريفيث بشن هجوم حاد عليه، إذ قال الناطق باسمهم محمد عبد السلام، ليل أول من أمس، إن المبعوث الأممي لم يعمل شيئاً حتى الآن وهو غطاء لاستمرار الحرب ودوره لا يختلف عن سابقه.وأضاف انه إذا أراد غريفيث أن يذهب في مسار سلفه المبعوث الأممي السابق اسماعيل ولد الشيخ «فهو يحكم على جولته ودوره بالفشل المحتوم».وعلى الأرض، نجحت قوات الشرعية أمس بتحرير مطار الحديدة، بعدما كانت وصلت أول من أمس إلى منطقة تبعد نحو كيلومترين عن البوابة الجنوبية للمطار الواقع في جنوب المدينة، وخاضت معارك عنيفة مع الميليشيات استمرت لساعات.وأعلن المركز الاعلامي لقوات الشرعية، أمس، أن هذه القوات تمكنت من تحرير مطار الحديدة، مشيرة إلى أن «الفرق الهندسية تباشر تطهير المطار ومحيطه من الألغام والعبوات الناسفة».وأشار إلى أن «بوارج التحالف العربي ومقاتلاته قصفت القاعدة والكلية البحرية في المدينة التي تسيطر عليها الميليشيا الحوثية».لكن مصادر أخرى في قوات الشرعية بمنطقة الدريهمي التي تبعد كيلومترات قليلة عن المطار أشارت إلى أن مواجهات مازالت متواصلة مع بعض فلول الميليشيات في إطار عمليات تطهيره بشكل كامل.وقال مصدر عسكري: «نحتاج بعض الوقت للتأكد من عدم وجود مسلحين وألغام أو متفجرات بمبنى المطار». ووفقاً لمصدر آخر في الجيش اليمني وسكان، فإن القوات المهاجمة تشمل قوات إماراتية وسودانية ويمنية من فصائل مختلفة.وتزامناً، كشفت صحيفة «لو فيغارو» الفرنسية، استناداً إلى مصدرين عسكريين، أن هناك قوات خاصة فرنسية على الأرض في اليمن إلى جانب القوات الإماراتية المشاركة في التحالف.ولم تذكر الصحيفة تفاصيل أخرى عن أنشطة القوات الخاصة، فيما كان مصدر برلماني فرنسي قد قال لوكالة «رويترز» في الآونة الأخيرة إن قوات فرنسية خاصة توجد في اليمن.وكانت وزارة الدفاع الفرنسية أعلنت أول من أمس أنها تدرس إمكانية تنفيذ عملية كسح ألغام ليتسنى الوصول إلى ميناء الحديدة، بمجرد أن ينهي التحالف عملياته العسكرية.في المقابل، أعلن المتمردون عن غارات شنتها طائرات التحالف العسكري على مواقع في مناطق عدة، وعن إطلاق صاروخ بالستي على تجمع لقوات الشرعية في الساحل الغربي.ومنذ بداية الهجوم الأربعاء الماضي، قتل في المعارك قرب مدينة الحديدة 139 مقاتلاً على الأقل من الطرفين. وذكرت مصادر في القوات الموالية للحكومة لوكالة «فرانس برس» (ا ف ب) أن هذه القوات أسرت 75 من المتمردين الحوثيين أثناء محاولتهم تنفيذ هجوم جنوب الحديدة أول من أمس.وفيما تقترب المعارك من مدينة الحديدة، بدأت عائلات بالانتقال نحو مناطق أكثر أمناً في الداخل، أو بالمغادرة نحو مدن أخرى بينها صنعاء.وذكرت منظمة «المجلس النرويجي للاجئين» في تقرير، أمس، أن المنظمات الانسانية عاجزة عن الوصول إلى المناطق الواقعة جنوب المدينة «التي من المرجح أن يكون الناس فيها قد تأثروا أو جُرحوا أو نزحوا».وأكدت أن المنظمات الإنسانية اضطرت «إلى وقف جميع العمليات تقريباً في مدينة الحديدة، حيث تقترب الاشتباكات على طول الحدود بين منطقتي الدريهيمي والحوك من المناطق السكنية ذات الكثافة السكانية العالية».وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر توقعت أن تشهد المدينة عملية نزوح لآلاف من سكانها مع احتدام المعارك.وتضم مدينة الحديدة ميناء رئيسياً تدخل منه غالبية المساعدات والمواد التجارية والغذائية الموجهة إلى نحو 8 ملايين من اليمنيين، لكن التحالف يرى فيه منطلقاً لعمليات عسكرية يشنّها الحوثيون على سفن في البحر الأحمر ولتهريب الصواريخ التي تطلق على الأراضي السعودية. ويدعو التحالف الى تسليم إدارة الميناء للامم المتحدة أو للحكومة الشرعية لوقف الهجوم.وسيمثل تحرير مدينة الحديدة التي تبعد نحو 230 كيلومتراً عن صنعاء ويسكنها نحو 600 ألف شخص أكبر انتصار عسكري لقوات الشرعية في مواجهة الحوثيين، منذ استعادة هذه القوات خمس محافظات من أيدي الحوثيين في 2015.
مشاركة :