«بومباي».. كوميديا ترسخ منظومة للقيم الإنسانية

  • 6/17/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

عجمان: عثمان حسن على مدى أكثر من ساعة، عرضت مساء أمس الأول في أول أيام العيد بمركز عجمان الثقافي، المسرحية الجماهيرية الهادفة «بومباي» من إنتاج مركز دبي الأهلي، وتأليف المسرحي طلال محمود، وإخراج مروان عبدالله صالح. وقام بأداء الأدوار الرئيسية فيها كل من: موسى البقيشي، و مروة راتب في دور «نورجهان»، ومروان عبدالله بدور «حميد»، وطلال محمود، وأحمد مال الله، وهيفاء العلي، ونسمة مصطفى، وسلطان بن دافون، وعبدالله الباهتي، وريم الفيصل، وإبراهيم الشرخ، وجمعة الحفيش، وبدر حكمي.شارك في التمثيل كذلك، عدد كبير من المجاميع الذين أدوا أدواراً خدمت فكرة العرض الذي يعتبر جماهيرياً بامتياز، بالنظر إلى ما تضمنه من أجواء احتفالية مركزها السوق، بما فيه من محلات ودكاكين لبيع العطارة والأقمشة والإكسسوارات، وبما فيه من حركة دائبة لعمال ومهنيين وحرفيين.أول ما يلفت النظر في هذه المسرحية، هو عنوانها «بومباي» وهي المدينة الهندية الكبيرة من حيث المساحة وعدد السكان، ذات الثقل الاقتصادي والثقافي والتجاري للهند، حيث ارتأى مؤلفها طلال محمود أن ينسج حدوتة إماراتية هندية، تحكي عن بطلها حميد الذي يكتشف أن له ابنة عم مولودة في الهند، اسمها «نورجهان» لها خال هندي جشع يريد تزويجها من ابنه بالإكراه، وبتوالي الأحداث وبمساعدة من كثير من الشخصيات الإماراتية ومن أصول عربية تعيش في الهند، تنتهي الحكاية نهاية سعيدة باسترجاع ابنة العم، في دلالة لانتصار الخير على الشر.ونشير إلى مسألة مهمة، تسجل للعرض الذي قدم مضموناً اجتماعياً وإنسانياً هادفاً بقالب كوميدي ضاحك، عرض على قصص وحكايا مساندة إن جاز التعبير وهي جميعها تدور في فلك الحدوتة الأساسية للعرض. وقد نجحت هذه القصص في إبراز الكثير من المواقف والأحداث، التي تحاكي بل تفكك النوازع البشرية من طمع وبخل واستبداد وظلم، وسلطت الضوء على كثير من الإيجابيات والسلبيات في المجتمع العربي، كما لم يخل العرض من إشارات واضحة، تحمل مطالب إنسانية ملحة. ومن القصص الجانبية التي تضمنها العرض على سبيل المثال الزوجان المصريان اللذان سافرا إلى الهند لقضاء شهر العسل، وفقدا وثائقهما الرسمية، وضيعا ما لديهما من مال، وقد تعذر عليهما العودة إلى بلدهما، فاستقرا في الهند، رغماً عنهما، ولجآ إلى بيع الفول على عربة تقليدية، وأيضاً هناك حكاية التاجر الثري في السوق الذي يمتلك عدة محلات، ولديه ابنة هندية جميلة، وهي في الأصل ابنة متبناة، عثر عليها التاجر وهي طفلة، ورباها على أنها ابنته، وحين يلتقيها أحد المسنين، يغرم بها، ويريد استمالتها للزواج، واعداً إياها بإغراءات مادية منها «فيلا» تسجل باسمها، من دون أن يعرف أنها غنية، في إشارة واضحة إلى كثير من الزيجات التي يلعب المال دوراً كبيراً فيها. واللافت في هذه الحكاية هو ردة فعل الصبية التي صدته بعنف، وأبدت موقفاً جريئاً في الاستقلالية واحترام ذاتها ودفاعها عن حرية اتخاذها لقرار مصيري يتعلق بها، وهناك أيضاً حكاية مجموعة التجار الجشعين الذين يتحكمون في السوق، وقد ظهروا في كرنفال مهيب يتشحون بالسواد، وبالقوة الظاهرة في ملامحهم الجسدية، هؤلاء يقفون في وجه «نورجهان» بطلة العرض ذات الشخصية المحببة والعطوفة، وهي ابنة المرحوم الثري عمران، الذي تشير المسرحية، إلى أنه كان صاحب هذا السوق، ورجلاً وجيهاً بما خلفه من من استثمارات ومحلات وفنادق وغير ذلك.ومن المهم أيضاً أن نشير إلى ذلك التناغم الواضح بين مؤلف العرض ومخرجه، وهو الذي يتصل بأجواء الأفلام الهندية، من حيث الإثارة والأكشن، وكذلك القصة الدرامية المؤثرة، وقد انعكس هذا كله في تأثيث الفضاء المسرحي، حيث انفتحت ستارة العرض على ديكور ثابت، يشي بأجواء السوق الهندي، كأسماء المحلات «فندق شبنم» و «كاناه خزاناه» و «محال قيس شربت» وهذا الأسماء، رأى المخرج أن يجعلها بالهندية والعربية.أما بالنسبة لخلفية الخشبة، فقد حرص المخرج على تثبيت منظر مضاء لمدينة هندية في إيحاء ذي دلالة، كما رافقت الخشبة الكثير من الإكسسوارات كتلك الإضاءة التي تشي بشلال مائي، ناهيك عن المؤثرات الصوتية التي تناسبت مع الموقف الدرامي، وبالطبع كانت أرض الخشبة قابلة أحياناً لتغييرات في استخدام بعض الأدوات والمشاهد والمواقف التي تكمل العرض، كما تجلى الطابع الهندي في ملابس الممثلين والأغاني والرقصات الهندية، ذات الإيقاعات الشرقية المعروفة، وهو الذي انسحب كذلك على كثير من أفراد الكومبارس، سواء من خلال ملابسهم المزركشة، أو ما قاموا به من حركات وتلفظوا به من أسماء وعبارات خدمت موضوع العرض، الذي قدم فرجة مسرحية متكاملة، قدمت الإضحاك، بمثل ما قدمت الموقف الدرامي الجاد، كما مالت في بعض الأحيان إلى الخروج عن النص، ومحاكاة الزمن الحالي بتقديم «قفشات» مضحكة انتزعت الضحكات والابتسامات من جمهور العرض.من جهة ثانية، أظهر العرض أداء مسرحياً لافتاً، برز من خلال تلك الحركات الرشيقة التي برع في تقديمها معظم أبطال العرض، كما قدمت الممثلات على وجه الخصوص أدوارهن برشاقة وعفوية وثقة بالنفس، ونشير إلى أداء الكوميديان أحمد مال الله، الذي كان أداؤه لافتاً، كما هو حال أبطال العرض الرئيسيين.

مشاركة :