رحلة المهاجرين المضنية إلى أميركا محفوفة بخطر فصلهم عن أطفالهم

  • 6/18/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

ظنّ إديلبرتو غراسيا أنه فقد ابنه إلى الأبد حين فُصل عنه في مخيّم للمهاجرين غير الشرعيين في تكساس، لكنه عاد والتقاه أخيراً بعد أيام عاش فيها رعباً حقيقياً. ويقول هذا الرجل المهاجر من هندوراس، البلد المضطرب في أميركا الوسطى «كنت أخشى ما هو أسوأ». وهو على غرار كثيرين من مواطنيه يغامرون برحلة سيراً على الأقدام يجتازون فيها المكسيك، مع كلّ المخاطر التي يمكن أن يتعرّضوا لها، قاصدين الولايات المتحدة. وكان في هذه الرحلة يصطحب ابنه البالغ من العمر 17 سنة، آملاً في أن يجلب له ذلك مستقبلاً أفضل في ظلال الحلم الأميركي. وكانت الرحلة محفوفة بالمخاطر والمغامرات، منها أن غراسيا وابنه غاصا إلى مستوى الصدر في نهر ريو الكبير الذي يشكّل حدّاً طبيعياً بين المكسيك والولايات المتحدة. وما إن وصلا إلى تكساس حتى أوقفتهما دوريّة للشرطة وفُصل الأب عن ابنه. ويقول غراسيا البالغ من العمر 46 سنة «كان ذاك اليوم من أصعب الأيام في حياتي، لأني شعرتُ أني فقدت ابني إلى الأبد». ويضيف «لم أعرف إلى أين أخذوه، إنهم يفصلون الأطفال الصغار عن أهلهم». دامت هذه المحنة بضعة أيام، التقى بعدها الوالد بولده في ملجأ كاثوليكي في مدينة ماكالن في تكساس. وجد الأب والابن نفسيهما في هذا المكان، لا يعرفان ما الذي جاء بهما إليه، وهما لم يكونا على علم بالسياسة المتشدّدة التي تعتمدها الولايات المتحدة مع المهاجرين في حُكم الرئيس دونالد ترامب. وتُلاحق السلطات الأميركية أي شخص راشد يدخل أراضيها خلافاً للقانون أمام المحاكم، وذلك قبل النظر في طلب اللجوء. ولأن القاصرين لا يلاحقون قانونياً، فإنهم يُفصلون عن والديهم ويوضعون في مراكز خاصة. والجمعة، تحدّثت السلطات لأول مرّة عن تداعيات هذه الإجراءات، فقد بات ألفا طفل مفصولين عن أهلهم منذ منتصف نيسان (ابريل) الماضي. وتثير هذه السياسة استياء يصل إلى المعسكر الجمهوري نفسه، إضافة إلى تنديد الديموقراطيين والمسؤولين الدينيين. ويستغلّ الرئيس هذا الجدل للمطالبة بتعديلات قانونية واسعة حول الهجرة، بما يوحي بأن مأساة هذه العائلات سببها الديموقراطيون الذين يعرقلون فرض إجراءات لمنع دخول المهاجرين أساساً. ويتحدّث بعض الشهود عن استغلال يتعرّض له هؤلاء القاصرون، وعن قسوة مفرطة في التعامل مع هذه القضايا، منها مثلاً فصل أمّهات عن أطفالهنّ الرضّع. وفي مسعى لتخفيف الانتقادات، سمحت السلطات في الأيام الماضية لمجموعة من الصحافيين بالدخول إلى مركز إيواء، حيث تبدو ظروف الإقامة مُرضية. لكن تبيّن أن عدداً من هؤلاء الفتيان ممنوعون من الخروج، وأنهم لم يتمكنوا من الاتصال بعائلاتهم منذ أشهر. في مركز ماكالن، يعمل متطوّعون على تقديم الخدمات للنزلاء، من طعام ونصائح صحيّة. في أحد الأيام، صعد 30 أميركياً لاتينياً مع أطفالهم إلى حافلة، وكان الأطفال يبكون أما الكبار فكانوا تعبين، وعلى وجوههم بسمات خجولة... وقد وضعت في معاصمهم أساور إلكترونية لمراقبة تحركاتهم. أرسل هؤلاء المهاجرون إلى أقارب لهم يعيشون أصلاً في الولايات المتحدة مع ملفّ كُتب عليه «ساعدوني رجاءً، أنا لا أتكلّم الإنكليزية». تلقى غراسيا تعليمات بالمثول أمام محكمة في ولاية إيداهو في الشمال الغربي. وهو يُقسم أنه لم يفهم شيئاً من الإجراءات القانونية لا سيما لأن كلّ الوثائق بالإنكليزية. أما رفاقه الآخرون في رحلة الهجرة المضنية، فيتخوّفون من أن تكون القرارات التي ستصدر غير نزيهة. وتقول الراهبة نورما بيمنتل التي تدير مركزاً للعناية بالمهاجرين «العائلات التي يُسمح لها أن تأتي إلى هنا تلتقي مجدداً بأبنائها الذين فُصلوا عنها، لكن معظم الأطفال لا يعثرون على عائلاتهم بعد فصلهم عنها».

مشاركة :