A تمضي بنا الأيام في مدينة موسكو عاصمة روسيا، هذه المدينة التي تتميز بالتنظيم والنظافة على أعلى درجة، وكأنها أنظف مدن العالم على الإطلاق، نظافة قمّة، لكنها مدينة لا نهارها نهار، ولا ليلها ليل، بمعنى أن المغرب في التاسعة والربع، والفجر في الثانية عشرة والنصف، فالليل في موسكو عبارة عن 3 ساعات وربع تقريبًا، لكن الشمس لا تشرق إلا بعد صلاة الفجر بحوالى ثلاث ساعات. من العجائب يوم أمس كنت أنا والزملاء من الوفد الإعلامي في داغستان، حيث يوجد المسلمون بكثرة، لتناول وجبة العشاء، وأكلنا الرز البخاري على أصوله، ووجدنا المنتو والفرموزة والرز البخاري والدجاج الشواية، وبينما نحن نأكل فوجئنا أن النور ظهر.. الجميل في الأمر أننا وجدنا أهلها يصومون الست، تصوروا أن إفطارهم في رمضان يدوم لـ3 ساعات فقط، ويصومون الست أيضًا، وتعاملهم كان راقيًا جدًا، وأبدوا حفاوة خاصة بنا مختلفة عن بقية الشعوب، كوننا قادمين من بلاد الحرمين، وعندما علموا أنني من مكة المكرمة تعاملوا معي بشكل خاص جدًا جدًا. الشعب الروسي قد يكون للظروف التي مر بها منغلق على نفسه، ولا يبتسم في وجهك، لكنه بكل أمانة شعب مسالم جدًا في التعامل، ولا توجد مشكلات ولا سلبيات ولا سرقات، وليس كما نشاهد في الأفلام من أشياء غريبة. في روسيا لا تشعر في كل مكان بأن هناك مونديالًا، ولا تشعر بأن الشعب الروسي شغوف بكرة القدم، لكنه شغوف بالرياضة عمومًا، يمارسونها بكل أنواعها، هم محبون لكرة القدم لكن ليسوا من الشعوب الشغوفة بها، وكلنا نعرف نادي سسكا موسكو واللاعبين الروس، صحيح انتشارهم ليس كبيرًا، لكننا نذكر نحن في المملكة أن نادي الاتحاد بالتحديد استقطب مدربًا روسيًا وهو بوريس، واللاعبين سيرجيف وفلاديمير، وكانا مميزين بكل ما تعنيه الكلمة، لكنهما لم يستمرا كثيرًا، فالشعب الروسي كما قلت محب لكرة القدم لكنه ليس شغوفًا بها، والدعايات عن كأس العالم هنا ليست موجودة في كل مكان بل في مواقع معينة مثل الفنادق، ويوم حضرنا المباراة الأولى وجدنا الملعب يخاطبنا باللغة العربية، وهذه ميزة، وكنت قد أشرت في السابق إلى أن اللغة الإنجليزية هنا مفقودة، هم يتحدثون الروسية فقط، وهذه تشكل معاناة كبيرة لنا. أمس كنا في منطقة داغستان نأكل في مطعم «بخا بخا»، وجدنا من يترجم الحديث إلى العربية، فهم حريصون جدًا علينا، لأننا من المملكة العربية السعودية، وهم يحبون المملكة بشدة ومتعاطفون للغاية مع المنتخب السعودي، ولو كانت هناك ترتيبات لحضرت جماهير من روسيا لدعم المنتخب السعودي بشكل خيالي، وكنت أتمنى لو أن هناك ترتيبات معينة لكي تتمكن هذه الجماهير الروسية من مؤارزة الأخضر، فهي تحب المملكة جدًا، وحديثها معنا دائمًا حول السعودية، لكنهم ليسوا ملمين بالمونديال بصورة كبيرة. خلاصة القول موسكو ذات طبيعة خلابة، يلفها بالكامل نهر موسكو، وبها بعض البحيرات والمساحات الخضراء مثل بقية مدن أوروبا، بل إنها من أميزهم في هذا الجانب. ومترو الانفاق في روسيا قديم جدًا ومن الأعرق في العالم، وبعمق هائل، وهو ما يدل على حضارة هذه الدولة، التي تعتبر دولة عظمى وضاربة في التاريخ، لكن الواقع اختلف الآن دون الدخول في تفاصيل. الأيام تمضي بنا في موسكو، وكلنا أمل وتفاؤل بأن يقدم الأخضر مستوى جيدًا أمام الأوروجواي، وحديثنا هنا يدور بشكل كبير على المنتخب السعودي، الأرجنتينيون كما قلنا متعاطفون جدًا مع منتخبنا، ومتفاجئون من النتيجة أمام روسيا، مثلهم مثل الكثير من الجماهير الأخرى، وتوقعوا أن يظهر منتخبنا بمستوى أفضل أمام أوروجواي، وأكدوا لنا أن ما حدث كبوة، وهي كذلك بالتأكيد.
مشاركة :