ثالوث أعداء الإنسان المسلم | عبدالله فراج الشريف

  • 12/8/2014
  • 00:00
  • 18
  • 0
  • 0
news-picture

إن أشد الأشياء عداوة للإنسان ثلاثة أشياء: الهوى والذي يصده عن الحق، ونفسه الأمارة بالسوء التي إن أطاعها أوردته المهالك، ثم الشيطان الذي أخرج أبويه من الجنة، وهو الشيطان الذي ألزم نفسه بإغواء أبناء آدم حتى تقوم الساعة، ولما كان الهوى أبرز الأعداء وأشدهم أثرًا على الإنسان المسلم بالذات، فإن الله عز وجل خاطبنا فقال: (وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ). فنهي الله جازم عن اتباع الهوى، وهو الميل إلى ما تريده النفس وتميل إليه بعيدًا عن المنهج القوي الذي جاء به الإسلام وفيه العدل كله، فميل كهذا يحرف الإنسان المسلم عن الطريق السوي الذي يسلمه إلى العيش في هذه الدنيا بسلام وفق المنهج الذي شرعه الله له، ومن ضل عن هذا الطريق السوي حتمًا سيسلمه هذا الانحراف إلى عذاب الله الشديد والذي له مظاهر في الدنيا، وفي الآخرة هو عذاب أكيد، وفي الآية الكريمة إشارة إلى أن من أعطى نفسها هواها قد نسي يوم الحساب، ولو تذكره لما قاده الهوى إلى الضلال. والإنسان إذا تحكم فيه الهوى ضل على علم كما في قوله تعالى: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ)، وفي هذا تنبيه للإنسان حتى المتدين، إنه إن انساق وراء الهوى حتمًا سيقوده إلى الضلال، ولهذا ترى مثلًا المتدين المتعصب لمذهبه أو تياره يحرفه الهوى حتى لا يرى حقًا إلا ما جاء في مذهبه ولو اعتراه الخطأ والخطيئة، وينساق وراء من يقلده من تياره وإن كانوا على خطأ فادح، وأوضح دليل على هذا من ينتسبون إلى هذه الجماعات المتأسلمة، التي تصنع الموبقات وتقع في المتناقضات، وما ذاك إلا أن الدافع وراء ذلك هو ما حذرنا الله منه هوى النفس الذي قادهم إلى كل هذه الجرائم التي يتردد صداها في شتى أرجاء أوطان المسلمين. وهوى النفس هو ما قاد أعدادًا من المجرمين الذين تخلوا عن إنسانيتهم ويقومون بأشد الجرائم قبحًا من اعتداءات على الأنفس والأموال والأعراض، فهوى النفس داء يعطل لدى الإنسان القدرة على فهم منهج الحياة الذي رسمه الإسلام لمعتنقيه، وكأني به أيضًا يتوافق مع أمثل مناهج الحياة الإنسانية، لذا أرشد الله عباده المؤمنين به إلى اجتناب هوى النفس لكي لا يتحكم في سلوكهم فتتدنى نظرة الناس إليهم. وهوى النفس ناتج نفس أمارة بالسوء يقول ربنا عز وجل: (وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ)، ونحن نعلم أن النفس الإنسانية تتنوع بالنسبة إلى تعاملها مع المنهج الإلهي، فهي إما مطمئنة آمنت بمنهج ربها وسارت عليه حتى عادت إليه راضية قال تعالى: (يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)، وأخرى لوامة: وهي بين الاثنين إن كانت خيرة لامت صاحبها بمجرد أن يطرأ الشر في ذهنه، وإن كانت شريرة لامته إن يطرأ في ذهنه الخير قال تعالى: (لَا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ وَلَا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ)، وثالثتها: الأمارة بالسوء ومن السوء أن تجعل صاحبها يحكم هواه في كل ما يصدر عنه، فيفارق المنهج السوي والطريق المستقيم، فالترابط بين الأعداء ظاهر بين، والمؤمن ولا شك يختار ما يحميه منهم، وليس له حماية سوى طاعة ما أمره به ربه، وأن ينتهي عما نهاه. وثالث الأعداء هو الشيطان، الذي تعهد به عند خلق الإنسان قال الله تعالى على لسانه: (قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ ثُمَّ لَآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ)، ولا شك أن أدوات الشيطان الأهم هوى نفس مضل تحدثنا عنه وخبرناه ونفس أمارة بالسوء، وأدركنا أثرها وسوء ما تصنع بالإنسان. فالشيطان بالغ الكيد، يستعمل الحيلة والمكر، يدعي أنه للإنسان من الناصحين فإذا أطاعه بدأ يسلك به الطريق الأسوأ الذي لا يؤدي إلى خير أبدًا فربنا يقول: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلًا وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)، ولذا أمرنا الله ألا نصيخ السمع للشيطان ولا نصغى لوسوسته. لذلك شرع الله للمؤمنين ما يطرد الشيطان من ساحتهم بالاستعاذة منه وبذكر الله والصلاة وتلاوة القرآن، ومخالفته في كل ما يوسوس به، فيهزمونه بالطاعة شر هزيمة ويلحقونه بوسيلتيه السابقتين الهوى والنفس الأمارة بالسوء. والشيطان سهل على المؤمن طرده والانتصار عليه لا يحتاج إلا إلى الطاعة فيتولى عنه الشيطان بلا رجعة، ولكن نسخته البشرية أخطر منه، وهو الشيطان الإنسي، وكم له من جولات في تخريب النفوس، وما ارتد مؤمن عن دينه الا بخطة منه يعجز شيطان الجن عنها، لذا ليتخلص منه المؤمن عليه أن يختار صحبة الأخيار من الصالحين، ليبتعد بها عن الشياطين من الجن والإنس معًا، ففي صحبتهم الطريق الأسلم الذي يقوده لطاعة الله ثم الصعود في مراقي الخير، حتى يأمن في دنياه، ثم يكون له الأمن الأعظم أثرًا في آخرته، جمعني الله وإياكم بالصالحين في الدنيا والآخرة وحمانا بطاعته من عذابه إنه المجيب لمن دعاه. alshareef_a2005@yahoo.com للتواصل مع الكاتب ارسل رسالة SMS تبدأ بالرمز (15) ثم مسافة ثم نص الرسالة إلى 88591 - Stc 635031 - Mobily 737221 - Zain

مشاركة :