بوغوتا - أعلنت لجنة الانتخابات في كولومبيا الاثنين، فوز المحافظ اليميني المتشدد إيفان دوكي بالرئاسة، بعد منافسة غير مسبوقة مع اليسار، في ختام حملة حوّلت الاقتراع إلى استفتاء على اتفاق السلام مع المتمردين السابقين من حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية (فارك). وقال دوكي، الوريث السياسي للرئيس السابق ألفارو أوريبي والمعارض بشدة للاتفاق التاريخي الذي وقع عام 2016 وأتاح نزع سلاح حركة القوات المسلحة الثورية الكولومبية وتحويلها إلى حزب سياسي “هذا السلام الذي حلمنا به والذي يتطلب تعديلات، ستدخل عليه تصحيحات لجعل الضحايا في قلب العملية وضمان الحقيقة والعدالة والتعويض”. وقال عند الإدلاء بصوته “نطلب من الله والشعب الكولومبي منحنا النصر لتحويل البلاد”، مؤكدا تصميمه على الدفاع عن حرية مزاولة الأعمال لإنعاش الاقتصاد الرابع في أميركا اللاتينية. وأعلن أنه يعتزم تشديد موقف الحكومة في المفاوضات مع جيش التحرير الوطني، آخر حركة تمرّد في البلاد والتي تم الاتفاق معها على وقف إطلاق نار في سياق الانتخابات الرئاسية. وهو عازم على “طي صفحة الفساد والسياسة الانتهازية والمحاباة” ومراجعة اتفاق السلام بحيث يتم سجن قادة الثوار السابقين الذين ارتكبوا جرائم خطيرة ومنعهم من الوصول إلى مقاعد الكونغرس.ودعا حزب فارك الرئيس الجديد إلى “لزوم المنطق” بعد إعلانه عن تصحيح اتفاق السلام، مشيرا إلى أنّ “ما يطلبه البلد هو سلام شامل يقودنا إلى المصالحة المرجوة، لأن الالتفاف على هذا الهدف لا يمكن أن يكون برنامجا حكوميا”. بذلك يصبح دوكي الذي تعهد بتعديل وثيقة أثارت استقطابا شديدا في البلد ويعتبرها شديدة التساهل حيال قادة المتمردين السابقين، أصغر رئيس سنّا في كولومبيا منذ 1872، حيث سيبلغ الـ42 من العمر في الأول من أغسطس على أن يخلف خوان مانويل سانتوس في السابع من الشهر ذاته. ووصف سانتوس (66 عاما) هذه الانتخابات الرئاسية بأنها “تاريخية” مؤكدا “لأول مرة صوّت قائد سابق لفارك في ظل احترام الديمقراطية، دون أسلحة وبصفته زعيم حزب سياسي”. ونال الرئيس المنتهية ولايته، جرّاء الاتفاق الذي كان مهندسه، جائزة نوبل للسلام، لكنه كلفه أيضا تدني شعبيته مع 80 بالمئة من المعارضين في بلد يبلغ عدد سكانه 49 مليون نسمة. ولم يكن الدستور يسمح له بالترشح بعد ولايتين متتاليتين منذ 2010. وأنهى الاتفاق مع القوات المسلحة الثورية الكولومبية التي احتفظت بالاسم المختصر ذاته “فارك” مواجهات استمرت لأكثر من 52 عاما، لكن كولومبيا تجد صعوبة في الخروج من حقبة النزاع. وقال المحلل يان باسيت من جامعة روساريو لوكالة الصحافة الفرنسية “من العناصر المجهولة الكبرى ما سيحل بعملية السلام”، حيث لطالما عانى اليسار الكولومبي المنقسم من وجود الثوار. وأضاف أن المهمة الأساسية للرئيس المقبل ستكون طي صفحة النزاع الذي أوقع ما لا يقل عن ثمانية مليون ضحية بين قتيل ومفقود ونازح.
مشاركة :