جنيف- الراية : طالب د.علي بن صميخ المري، رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بتعليق عضوية كل من السعودية والإمارات «نظرا للانتهاكات الجسيمة والممنهجة ضد الشعب القطري». ودعا المري في مؤتمر صحفي عقده أمس في مقر الأمم المتحدة بجنيف، الحكومة القطرية إلى اللجوء إلى مجلس الأمن لتحديد مسؤولية دول الحصار في الإجراءات غير القانونية التي اتخذتها ضد قطر والتي «ترقى إلى جريمة العدوان والحرب الاقتصادية والعقوبة الجماعية». كما طالب مجلس حقوق الإنسان بإصدار قرار ضد انتهاكات حقوق الإنسان الناجمة عن الحصار، والأخذ بعين الاعتبار التقارير الصادرة عن المقررين الخواص، وتقرير البعثة الفنية للمفوضية السامية لحقوق الإنسان. ودعا المجلس لحث المقررين الخواص على مزيد من التحرك والزيارات الميدانية لدولة قطر ودول الحصار للوقوف على الانتهاكات، والالتقاء بالمتضررين، وتقديم تقارير عن الانتهاكات إلى مجلس حقوق الإنسان، وإلى تحمل «المقرر الخاص المعني بالأثر السلبي للتدابير القسرية الانفرادية في التمتع بحقوق الإنسان» مسؤولياته لإجراء استعراض شامل لمدى تأثير الإجراءات التعسفية أحادية الجانب على أوضاع حقوق الإنسان، والجانب الإنساني للمواطنين والمقيمين في قطر ومواطني دول الحصار، فضلاً عن دعوة «المقرر الخاص باستقلال القضاة والمحامين» إلى العمل على تمكين الضحايا من حقهم في التقاضي واللجوء إلى محاكم دول الحصار لاسترجاع حقوقهم. ورحب د. المري بالشكوى التي تقدمت بها قطر أمام اللجنة المعنية بمناهضة كافة أشكال التمييز العنصري، والشكوى المقدمة إلى محكمة العدل الدولية من أجل تحديد المسؤولية الدولية للإمارات، وتعويض الضحايا لافتاً إلى أن قرار محكمة العدل الدولية ملزم للإمارات وقد يتدخل مجلس الأمن لتنفيذه. ودعا الحكومة القطرية لمقاضاة السعودية لتسييسها الحج والعمرة فضلاً عن ضرورة العمل لاستصدار قرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة بطلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولية حول عدم مشروعية الإجراءات التعسفية أحادية الجانب المتخذة من دول الحصار. مركز دولي لتقييم الأضرار النفسية للحصار دعا د.علي بن صميخ المري قطر إلى التعاقد مع مركز دولي للطب والدعم النفسي لتقييم حجم الأضرار النفسية للمتضررين من الانتهاكات الناجمة عن الحصار، خاصة الأسر المشتتة والطلبة والمعتمرين والحجاج الذين منعوا من أداء المشاعر الدينية، وتحضيرها في ملفات قانونية تمهيدًا لعرضها أمام المحاكم والمنظمات الدولية. وشدد على أهمية مقاضاة السعودية لقيامها بتسييس المشاعر الدينية، وانتهاك الحق في ممارستها بمنع المعتمرين والحجاج، مشيراً إلى أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان ستقوم بتقديم كافة وسائل الدعم القانونية لهذا الغرض لمعالجة الأضرار النفسية للأفراد، والخسائر المادية لمكاتب حملات الحج والعمرة. واستعرض المري خلال المؤتمر الصحفي تقرير لجنة حقوق الإنسان السنوي بمناسبة الذكرى السنوية للحصار، والذي أكد استمرار الانتهاكات حتى الآن، وأن المتضررين مازالوا يعانون في صمت رغم البيانات التي أصدرتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة والمخاطبات والنداءات العاجلة التي أصدرها المقررون الخواص. وأوضح أن اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان رصدت خلال عام من الحصار 4105 شكاوى، شملت 12 نوعا من الانتهاكات، بينها الحق في التنقل، والحق في الإقامة، والحق في لم شمل الأسر، والحق في الصحة، والحق في العمل، وحق ممارسة الشعائر الدينية، والحق في الملكية، والحق في التقاضي، والحق في حرية التعبير، فضلاً عن الاختفاء القسري والحجز التعسفي وخطاب الكراهية والتحريض. وقال: «مازالت هذه الانتهاكات تشكل تحديًا كبيرًا للمجتمع الدولي، وحان الوقت للانتقال من الإدانة إلى التحرك القانوني لمساءلة ومحاسبة تلك الدول على جرائمها. لا يمكن لنا أن نسمح خلال القرن الواحد والعشرين بجدار برلين آخر، أو بحصار سربرنتسا آخر، أو بتمزيق الأسر مثل ما حدث في الكوريتين». جهود كبيرة للمفوض السامي رغم الضغوطات توجه د. المري في نهاية المؤتمر الصحفي بالشكر للأمير زيد بن رعد الحسين المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة على كافة الجهود التي قدمها من أجل حل الأزمة الإنسانية الناجمة عن أزمة الحصار و عن جهودها في معالجة حالات الانتهاكات في العالم وأن ترؤسه للمفوضية السامية خلال ولايته و بالرغم من الضغوطات و التحديات التي واجهها إلا أنه كان مصدر إلهام لكل نشطاء حقوق الإنسان. المقاضاة في إطار اتفاقية مناهضة التمييز العنصري قال د. المري: إن الإجراء الذي اتخذته قطر ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية تم في إطار اتفاقية مناهضة كافة أشكال التمييز العنصري وفقاً للمادة 22 و التي لم تتحفظ عليها الإمارات على عكس دول الحصار الأخرى، كما أن ميثاق الأمم المتحدة يعطي الحق أيضاً للدول بالتقدم بشكاوى أمام محكمة العدل الدولية لكن شريطة موافقة الدول الأخرى. وأضاف: على الرغم من يقيننا بأنه إذا استعملت دولة قطر هذا الحق فإن دول الحصار سوف لن توافق على اختصاص محكمة العدل الدولية إلا أننا نطالب الدولة أيضا باللجوء إليه حتى لو رفضت تلك الدول لنُظهر للعالم زيف ما تدعيه و نظهر للعالم مخالفة تلك الدول للمواثيق الدولية فعلى دولة قطر أيضا تحريك الشكوى في إطار ميثاق الأمم المتحدة. وتابع المري: نحن الآن بصدد استكشاف و دراسة كافة الإجراءات والاتفاقيات الدولية الأخرى لمحاكمة و مساءلة و محاسبة دول الحصار مجموعين. كما أن لمحكمة العدل الدولي اختصاصًا ثانياً هو تقديم آراء استشارية و هي غير ملزمة، لكنها تشكل قاعدة قانونية مهمة و يعتمد عليها في تحريك الشكاوى و إصدار القرارات الدولية ويمكن للجمعية العامة و مجلس الأمن و الوكالات الدولية المتخصصة التي تحددها المحكمة من طلب رأي استشاري من محكمة العدل الدولي. قرارات محكمة العدل إلزامية ردًا على سؤال حول طبيعة الشكوى المقدمة من قطر إلى محكمة العدل الدولية، قال المري إن «قرارات محكمة العدل الدولية إلزامية، وقد يتدخل مجلس الأمن لفرضها إذا امتنعت الإمارات عن التنفيذ». وفيما يتعلق بمراحل الشكوى، أوضح أن «هناك مرحلة تطلب فيها المحكمة من الإمارات وقف الانتهاكات كإجراء احترازي أو وقائي، خاصة للحالات الجسيمة، والمرحلة التي تليها هي النظر في موضوع الشكوى والحكم فيها والإقرار بالتعويض، ويترك للأطراف الاتفاق على مبلغ التعويض، وقد تتدخل المحكمة لتذليل أية عقبات تحول دون الاتفاق على حجم التعويض، وفي حالة عدم وصول الأطراف إلى اتفاق تقوم المحكمة بتحديد مبالغ التعويضات. السعودية و الإمارات تحاصران شعباً بأكمله قال د. علي بن صميخ : من غير المعقول أن تقوم دول أعضاء في مجلس حقوق الإنسان مثل السعودية و الإمارات بمحاصرة شعب بأكمله وإنزال العقوبة الجماعية عليه على مرأى و مسمع من مجلس حقوق الإنسان و المجتمع الدولي. وأضاف المري: لا يمكن لنا كمنظمات حقوقية وكنشطاء حقوق الإنسان أن نسمح لتلك الدول من الإخلال بالتزاماتها والعبث بالاتفاقيات والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان ما يشكل اعتداء صارخاً ليس فقط على دولة قطر بل على القانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة و ضرب لمصداقية مجلس حقوق الإنسان. وأشار إلى أنه ومنذ بداية الحصار بنت تلك الدول استراتيجيتها على إنكار الانتهاكات و التشكيك في كل البيانات و التقارير الدولية بل ذهب بها الحد إلى اتهام المفوضية و منظمات عريقة مثل العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش بأنها أجهزة تابعة وممولة من دولة قطر كما شنت حملات طعنت حتى في إعراض المسؤولين و النشطاء، للأسف الشديد هذه الدول هي أعضاء في مجلس حقوق الإنسان. وقال: كذلك حاولت دول الحصار خلال أزمة الحصار وبعد فشل سياسة الإنكار و التخوين التي انتهجتها إلى حيل أخرى تمثلت في إيهامها للمجتمع الدولي بأنها أنشأت آليات وطنية عبارة عن لجان و خطوط ساخنة للتكفل بالحالات الإنسانية الطارئة ولكن سرعان ما كشفت تقارير المفوضية و المنظمات الدولية عدم نجاعة تلك الآليات و عدم مصداقية تلك الدول وجديتها في إيجاد في حل جذري للانتهاكات الناجمة على الحصار. وأوضح رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أن من أهم الاستنتاجات التي خرج بها تقرير اللجنة الوطنية تمثلت في أن الإجراءات التعسفية أحادية الجانب المتخذة من دول الحصار تسببت في جملة واسعة من الانتهاكات لحقوق الإنسان المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأن الإجراءات المتخذة من دول الحصار ترقى إلى جريمة العدوان، علاوة على أنها معاقبة للمواطنين و المقيمين في دولة قطر ومواطني دول مجلس التعاون الخليجي واستخدمت كأداة للضغط السياسي ووسيلة لإدارة الخلافات السياسية بما يرقى إلى عقوبات جماعية تطال الأفراد والممتلكات. كما أن تلك الإجراءات غير قانونية وتمييزية ترقى إلى جريمة العنصرية والغرض منها في المجال الاقتصادي والتجاري والاستثماري هو استهداف و ضرب للبنية التحتية للاقتصاد الوطني لدولة قطر و إلحاق الأضرار بالحقوق الاقتصادية للأفراد و المجتمعات في سابقة خطيرة ترقى إلى جريمة عدوان و حرب اقتصادية.
مشاركة :