حقوق الطفولة في السنة النبوية المطهرة (1)

  • 6/23/2018
  • 00:00
  • 5
  • 0
  • 0
news-picture

تمثل مرحلة الطفولة أهمية كبرى، نظرا إلى ما يترتب على حسن الاهتمام بها ورعايتها من نفع عميم، ليس للطفل والأسرة وحدها، بل للمجتمع والإنسانية. ولقد سبق الإسلام الحنيف الحضارات الأخرى والعلم الحديث في الاهتمام بمرحلة الطفولة بل بما قبل الطفولة بدءا من التدقيق في اختيار الزوجة وأيضا الزوج، مرورا بمراحل الزواج والولادة وحسن اختيار الاسم وتعهد الطفل بالعناية والرعاية والتغذية والتنشئة والتهذيب، مرورا بالرعاية الجسمية والنفسية والوجدانية؛ حتى ينشأ الطفل متزنا ومتحليا بمكارم الأخلاق، وسويا في أقواله وأفعاله وسلوكه. ولقد عنى النبي (صلى الله عليه وسلم) في سنته القولية والفعلية بهذه المرحلة، ويظهر ذلك من التطبيقات النبوية التي أنتجت لنا وللإنسانية جمعاء منهجًا تربويًّا فريدًا لمرحلة الطفولة، يؤكد عالمية الإسلام وسبقه لرعاية حقوق الإنسان في شتى مراحل حياته. وانطلاقا من دور جامعة الأزهر في تقديم الفكر الإسلامي المستنير الذي يصبر الناس بالحلول الناجعة للمشكلات الحياتية والاجتماعية في شتى المجالات، فقد نوقشت رسالة العالمية «الدكتوراه» في الحديث الشريف وعلومه، للباحث: محمد سعد محمد عبد المعبود، والتي نعرضها للقارئ الكريم في الصفحات التالية والتي جاءت بعنوان: «حقوق الطفولة في السنة النبوية المطهرة: جمع وتخريج ودراسة»، وتمت مناقشتها في قسم أصول الدين (الحديث وعلومه) بكلية الدراسات الإسلامية والعربية جامعة الأزهر، يوم الأحد 3 رجب 1437هـ الموافق 10 أبريل 2016م، وتكونت لجنة المناقشة والحكم من: فضيلة أ.د محمد رياض سيد أحمد أستاذ الحديث وعلومه المتفرغ بالكلية (مشرفا)، فضيلة أ.د جاد الرب أمين عبد المجيد محمد أستاذ الحديث وعلومه وعميد الكلية(مشرفا)، فضيلة أ.د أحمد عمر هاشم أستاذ الحديث وعلومه بكلية أصول الدين ورئيس الجامعة الأسبق (مناقشا)، فضيلة أ.د حسن كمال حسن القصبي أستاذ الحديث وعلومه بالكلية (مناقشا)، وحصل الباحث فيها على درجة العالمية «الدكتوراه» بمرتبة الشرف الأولى مع التوصية بطبع الرسالة على نفقة الجامعة وتداولها بين الجامعات. واستهدفت الدراسة بيان اهتمام السنة النبوية بالطفل، وسبقها لكل الاتفاقيات الدولية، والقوانين المحلية. وقد اشتملت الدراسة على مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمة إضافة إلى فهارس علمية. ويتناول التمهيد اهتمام السنة النبوية بالإنسان على وجه العموم، وبالطفل على وجه الخصوص، أما الباب الأول فقد جاء بعنوان «الطفولة بين المتقدمين والمُحْدَثين»، وينقسم إلى فصلين: الأول: مفهوم الطفولة عند المتقدمين، تناول مفهوم الطفولة عند أهل اللغة، والفقهاء، والمفسرين، والألفاظ ذات الصلة بكلمة طفل، وهي: الصبي، الغلام، والجارية، والصغير، والمراهق، وبينت أن بين هذه الألفاظ فروقًا من حيث اللغة، حيث إن المعنى اللغوي يكون أعم وأشمل من المعنى الاصطلاحي، وأما من جهة التعريف الاصطلاحي للطفولة والألفاظ ذات الصلة فبينها ترادف، حيث تدور التعريفات كلها في الدلالة على معنى واحد، وهو من وقت الولادة إلى البلوغ، ولم يشذ من الألفاظ ذات الصلة في الدلالة على هذا المعنى إلا المراهق، فهو من قارب البلوغ. كما تناول الباحث د. محمد سعد عبد المعبود تعريف الطفل عند المُحْدَثين من: علماء الاجتماع، وعلماء النفس، وخصائص مرحلة الطفولة، وتعريف الطفل في اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وفي قانون الطفل المصري. وفي الفصل الثاني تناول زمن الطفولة، وتحديده في السنة النبوية، موضحا أن سن الطفولة ينتهي بالبلوغ، ومبينا أن علامات البلوغ تنقسم إلى قسمين: علامات مشتركة بين الذكور والإناث، وهي: الاحتلام، والإنبات، ومن ثم فإن لم تظهر إحدى هاتين العلامتين فإننا نلجأ حينئذ إلى السن، وهو بلوغه خمس عشرة سنة، وهناك علامات تتميز بها الأنثى عن الذكر، وهي: الحيض، والحمل، وأشار الباحث أن سن البلوغ في اتفاقية الأمم المتحدة ثمانية عشرة عامًا، ثم عقد الباحث مقارنة بين زمن الطفولة في السنة النبوية واتفاقية الأمم المتحدة، منبها أن الاتفاقية جانبها الصواب حينما رفعت سن الطفولة إلى ثمانية عشرة عامًا، لأن هذا فتح لباب الجرائم، وفيه إسقاط للعقوبة المستحقة على الجُرم الذي ارتكبه مَن لم يبلغ الثامنة عشر مِن عمره، فقد يرتكب جريمة قتل، أو زنا، أو غير ذلك؛ ولأنه بحكم القانون ما زال طفلًا فلا يستطيع القضاءُ الحكمَ عليه بما يتناسب مع جريمته، ثم تناولت الدراسة ما يترتب على تحديد زمن الطفولة من أحكام، وهي: وجوب الطهارة من الحدثين: الأصغر والأكبر، ووجوب الفرائض من صلاة وحج، وستر العورة، وإقامة الحدود عليه ومؤاخذته بالجنايات. أما الباب الثاني من دراسة الباحث النابه د. محمد سعد عبد المعبود فقد جاء تحت عنوان: «حقوق الطفل قبل الولادة وعند الولادة إلى يومه السابع»، وينقسم إلى فصلين: الأول: حقوقه قبل الولادة، وتتمثل في: حسن اختيار الأم، وأن الإسلام قد حصر العلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة بالزواج الشرعي، فشتان بين طفل يولد في ظل أسرة تحتضنه، وبين طفل ينشأ لا يعرف إلى مَن ينسب فيشب محرومًا من عواطف الأسرة، وحنان الأبوة والأمومة، ومحرومًا من الرعاية والعناية والتهذيب، وأن الإسلام قد انفرد بهذا الحق فلم نجد اتفاقية من الاتفاقيات، ولا مؤتمرًا من المؤتمرات تحدث عن هذا الحق، ثم تحدثت الرسالة عن رعاية الإسلام للطفل والعناية به في مدة الحمل، فأمر بالدعاء قبل التقاء الزوج بزوجته، ورخص للحامل والمرضع بالإفطار في نهار رمضان إن كان يلحقهما ضرر بالصيام، أو أضر بالجنين أو الرضيع، وأمر بتأجيل إقامة الحد عن الحامل، حتى تضع ما في بطنها، وحدد عقوبة شرعية لمن يعتدي على حامل فيسقط جنينها، وأوجب له حقا في الحياة، فحرم الإجهاض إلا إن كان في وجود الجنين في بطن أمه يمثل ضررا مؤكدا على صحة الحامل، وشرع العزل حفاظًا على الأم، والرضيع والجنين، وبالتالي يكون الإسلام قد سبق العصر الحديث في هذه الحقوق. أما الفصل الثاني فتناول بالدراسة حقوق الطفل عند الولادة إلى يومه السابع وتتمثل في حق الطفل في ثبوت النسب، وأنه حق مشترك بين أطراف متعددة، بين الله تعالى وبين أطراف النسب، وهم: الأب والأم والولد نفسه، والتلقين الروحي للطفل وذلك بالأذان في أذنه اليمنى، وإقامة الصلاة في أذنه اليسرى، وتسميته باختيار أحسن الأسماء للطفل، وذكر نماذج لهذه الأسماء، مع ذكر الصغار الذين سماهم النبي (صلى الله عليه وسلم)، وتحنيك الطفل، وهل هو خصوصية من خصوصيات النبي (صلى الله عليه وسلم) أم لا؟ والأطفال الذين حنكهم النبي (صلى الله عليه وسلم)، والعقيقة وأنها مظهر من مظاهر إظهار الفرح والسرور، والرضاعة الطبيعية للطفل وأنها حق للأم لا تمنع بحال من الأحوال، وذكر فوائد الرضاعة الطبيعية للأم والطفل على السواء، وحرص الإسلام على توفير حق الرضاع للأطفال، وختم الباحث هذا الفصل بدراسة مقارنة بين حقوقه عند الولادة في السنة وحقوقه في العصر الحديث.

مشاركة :