وقد جاء الباب الثالث بعنوان: (حقوق الطفل بعد الولادة حتى نهاية زمن الطفولة)، وقسمه الباحث النابه د. محمد سعد عبدالمعبود إلى فصلين: الأول: حقوق الطفل من بعد ولادته إلى فطامه، ويشمل: حق الطفل في التكريم، وذلك من خلال السلام عليه، وتكنيته، وإردافه على الدابة، والدعاء له، وإمامته في الصلاة، واصطحابه في مجالس الكبار، والإهداء له، والإسرار إليه، وتخييره في اختيار الحاضن، وأيضا حق الطفل في الحنو والعطف عليه، ورحمة النبي (صلى الله عليه وسلم) بالأطفال وذلك من خلال: تقبيلهم، وتجوّزه في الصلاة عند سماع بكائهم، بل وحمله (صلى الله عليه وسلم) للأطفال، ومسحه على رؤوسهم وخديهم، ورحمته عليه الصلاة والسلام باليتيم، بل فوق ذلك رحمته (صلى الله عليه وسلم) بخادمه. كما تناول الباحث د. محمد عبدالمعبود قضية مهمة وهي قضية المساواة بين الأطفال الذكور والإناث، وعدم التمييز بينهم بسبب الجنس، وأن هذه التسوية في كل شيء في الهبات والعطايا، بل في النظرات والقبلات، وختم الفصل بأحقية الطفل في أن يعيش في بيئة صحيحة، وأن يتوافر له في هذه البيئة قدوة حسنة يقتدي بها وتحافظ على عقيدته وتعوده العبادات، وتحثه على التخلق بالأخلاق الحميدة من تعويده الصدق، وحفظ الأسرار، وإزالة الأذى من الطريق، والإنفاق في سبيل الله. أما الفصل الثاني: حقوق الطفل من بعد الفطام إلى نهاية سن الطفولة، فتضمن: حق الطفل في حسن المعاملة ورعاية الجوانب النفسية للطفل، وذلك من خلال عدم التفريق بينه وبين أحبته، وتأمين الطفل الخائف، وحسن معاملة الخادم الصغير، وعيادته إذا مرض، وحق الطفل في اللعب، وذكرت الدراسة نماذج من لعب النبي (صلى الله عليه وسلم) مع الأطفال، ولعب السلف الصالح مع أطفالهم، وأيضا حق الطفل في النفقة، وأنها تجب على الأب، ثم الأم، فالأقارب، فالمسلمين متمثلاً في الزكاة والصدقات، وبيت مال المسلمين، وحضانة الطفل ولمن تكون، وحق الطفل في الجوانب الصحية وقاية وعلاجًا، وحق الطفل في الولاية عليه وحفظ ماله في حالة اليتم، وحق الطفل في الرعاية والتوجيه والإرشاد، وتوجيهه في العبادات، توجيهه في الآداب العامة، وحق الطفل في تنمية قدراته البدنية والروحية، وأن الإسلام وازن بين حاجة الجسم البدنية والروحية توازنًا عجيبًا، وحق الطفل في التأديب والتربية، وأن الله تعالى سيسأل الآباء عن تربية الأبناء، ومتى يكون التأديب؟ وألا يلجأ المربي إلى الضرب كنوع من وسائل التأديب، وإن اضطر إلى اللجوء إليه فيكون ضربًا غير مبرح، كما تناولت الدراسة حق الطفل في التعليم، وكيف كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعلم الأطفال بنفسه، وأنه أول من دعا إلى محو الأمية، وتعليم الطفل للغة الأجنبية، والوقت المناسب لتعليم الطفل اللغة الأجنبية، وأن علماء المسلمين -في القرن الرابع الهجري- أول من نادوا بإلزامية التعليم، وحق الطفل في احترام رأيه، ومحاورة النبي (صلى الله عليه وسلم) للأطفال، وحق الطفل في الحماية والرعاية الجنسية، ونظرة الإسلام للجنس، وأن الإسلام هذَّب هذا الدافع بشكل متوازن من خلال تعليم الطفل أدب الاستئذان، وغض البصر، والتفريق بينه وبين إخوته في المضاجع عند بلوغه عشر سنين، وتعليمه أحكام المراهقة، وتجنيبه المثيرات الجنسية، وأيضا اختيار الصديق، وحق الطفل في الميراث، وحمايته من الانحراف وبيان أسبابه وعلاجه. وختم الفصل بدراسة مقارنة بين حقوقه في هذه المرحلة في السنة والعصر الحديث. أما خاتمة رسالة الباحث د. محمد سعد عبدالمعبود، فاشتملت على خلاصة البحث ونتائجه مع ذكر المقترحات على النحو التالي: الخلاصة والنتائج: * اشتمال السنة النبوية على عدد كبير جدا من الأحاديث المتعلقة بحقوق الطفل؛ ليبين بالدليل العملي عظمة الشريعة الإسلامية في إرساء حقوق الطفل قبل أن يعي التاريخ نفسه تلك المعاني. * سبق الإسلام لكل الهيئات والمنظمات والمؤتمرات، سواء منها العالمية أو المحلية في وضعه حقوقًا للطفل، مع تفوقه عليها، ذلك أن حقوق الطفل التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة تتطلب مبالغ طائلة لا تقدر عليها حكومات الدول النامية، ويشاركها في ذلك أيضًا كثير من الدول المتقدمة، ولو توفرت الأموال فإنها لا تحقق للطفل إلا الأمان المادي فقط، أما الشريعة الإسلامية فإنها تحقق له الأمان المادي والمعنوي في توازن عجيب وبتكاليف يسيرة. * نشأت حقوق الطفل الحديثة في الغرب قبل أي مجتمع آخر؛ لأنها كانت تعاني من انتهاك مستمر لحقوقه بشكل لم تألفه المجتمعات الشرقية. * عناية الإسلام بالإنسان في جميع مراحل حياته بوضعه الحقوق التي تضمن له الحياة الكريمة بين الناس، ولا تبدأ هذه الحقوق بعد ولادته، بل تبدأ قبل وجوده متمثلة في حسن اختيار كل من الزوجين للآخر. * حق الطفل في الحياة أمر يقرره الإسلام ويفرضه ليس بعد نزول الطفل إلى الدنيا، بل وهو جنين في بطن أمه، وذلك بتحريم الإجهاض في جميع مراحل الجنين إلا إذا كان وجوده يتسبب في هلاك أمه، وذلك خلافًا لما يبيحه الغرب من جواز له، فهو عندهم من الحريات. * حرم الإسلام قتل الأطفال حتى في أشد الحالات وهي الحروب، في حين أن الأطفال في الوقت الحاضر يتعرضون للقتل بسبب الحروب التي تضرمها الدول الكبرى. وللحديث بقية.
مشاركة :