هاني حبيب يكتب: لماذا تمتنع إدارة ترامب عن الاعتراف بضم الجولان إلى إسرائيل؟!

  • 6/24/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

غاب عن كثيرين –ربما- فحص وتدقيق ما جاء في التقرير السنوي الصادر عن الخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان حول العالم لعام 2017، والذي نشرته الوزارة خلال المؤتمر الصحفي الذي عقدته في العشرين من نيسان/ إبريل الماضي، إذ غاب مصطلح “أراضٍ محتلة” عندما جاء الحديث عن الضفة الغربية والقدس والجولان، كما عهدت تقارير الخارجية الأمريكية السابقة، إنطلاقًا من موقف تقليدي للولايات المتحدة باعتبار هذه المناطق أراضٍ محتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967، وغني عن القول أن ذلك لم يكن مجرد صدفة أو مشكلة صياغيّة بقدر ما يتعلق الأمر بمتغيرات جوهرية في السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارة الرئيس ترامب، إذ تحول هذا الغياب لمصطلح أراضٍ محتلة إلى ترجمة فعلية من خلال القرار الأمريكي، بالاعتراف بالقدس عاصمة للدولة العبرية، كما فتح المجال واسعًا أثر نشر هذا التقرير للمستوى السياسي في  إسرائيل للمطالبة بالاعتراف بضم الجولان المحتل إلى الدولة العبرية من قبل الولايات المتحدة، كما حدث في القرار الأمريكي بشأن القدس. وبالفعل، ناقش مجلس النواب الأمريكي أواخر أيار مايو الماضي اقتراح مشروع تقدم به عضو الكونغري الجمهوري عن ولاية فلوريدا “رون ديسانتس” يقضي بالاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان السورية المحتلة، إلا أن مجلس النواب علق المناقشة، بعد معارضة واسعة من الحزبيْن الجمهوري والديمقراطي لهذا الاقتراح، ديسانتس أعرب عن خيبة أمله كون مثل هذا الاقتراح من شأنه “تأكيد ما هو واقعي وعملي”، ومن شأن مناقشته والتصويت عليه، إضافة المزيد من الوضوح إلى السياسة الأمريكية حول سوريا وتمدد إيران على أراضيها. إلا أن موقف النواب المعارضين من الحزبين ليس جوهريًا أو دائمًا، فقد أوضح بعضهم أنّ “الوقت غير مناسب الآن” لطرح مثل هذه المقترحات والمشاريع، إذ من شأن ذلك “إضافة المزيد من التعقيدات على مسألة متأججة ومعقدة أصلًا، وربما ينتج عنها حروب جديدة بين أطرافٍ متعددة لا يمكن الرهان بالقدرة على السيطرة على نتائجها”. بعض هؤلاء النواب سربوا لوسائل الإعلام الأمريكية أنّ موقفهم الرافض لمناقشة والتصويت على الاقتراح جاء بدعمٍ من الرئيس الأمريكي ترامب شخصيًا. وكان من اللافت ما يؤيد وقوف ترامب وراء عدم مناقشة هذا الاقتراح الذي جاء بطريق غير مباشر من خلال ما نقل عن السفير الأمريكي في إسرائيل ديفيد فريدمان لدى اجتماعه مع بعض أعضاء الكنيست مؤخرًا، ونقلته مؤسسة البث العامة الإسرائيلية “مكان”، عندما هاجم الساسة الإسرائيليين الذين طالبوا واشنطن بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان المحتلة، واتهم هؤلاء بـ “الكفر بالنعمة”، لعدم اكتفاءهم بالاعتراف الأمريكي بالقدس عاصمة لدولتهم، ولدى مراجعة فريدمان حول هذه الأقوال، رد قائلًا أنه “لا يتذكر”، لكنه لم ينفي ما نُسب إليه (نقلًا عن تايمز أوف إسرائيل – 18/6/2018). وقبيل مناقشة رفض مجلس النواب مناقشة اقتراح النائب ديسانتس، كان عضو الكنيست عن الليكود يواف كيش قد أرسل رسالةً إلى فريدمان نشرتها صحيفة جيروزاليم بوست، حث فيها الولايات المتحدة على الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على هضبة الجولان التي ضمتها إسرائيل إليها عام 1981، وجاء في الرسالة: “لقد تطوّرت مرتفعات الجولان منذ ضمها إلى إسرائيل، فأصبحت جزءًا منها، وفي مواجهة واقع يتم فيه إعادة رسم حدود سوريا، فإنّ إعلانًا من الولايات المتحدة داعمًا للسيادة الإسرائيلية على مرتفعات الجولان، يعد أمرًا حتميًا واستمرارًا طبيعيًا لسياسة الولايات المتحدة في المنطقة”. من وجهة نظر الليكودي كيش، فإنّ اعتراف أمريكي بسيادة إسرائيل على الجولان “أمرًا حتميًا”، كما جاء في الرسالة، وهذه الصياغة التي ربما ساهمت في رد فعل فريدمان الذي رغم دعمه المطلق لإسرائيل رأى في ذلك تطاولًا وتغوّلًا، وبحيث بات الساسة في إسرائيل يرسمون سياسة حتمية، بينما يرى فريدمان أنّ على هؤلاء عدم نكران مواقف إدارة ترامب إزاء الدولة العبرية قبل أن يبالغوا في مطالب لا تراعي المصالح الأمريكية، خاصةً وأنّ وزير الاستخبارات الإسرائيلي يسرائيل كاتس لم يُطالب فقط باعترافٍ أمريكي بسيادة إسرائيل على هضبة الجولان، بل طالب أن لا يتم تأجيل ذلك إلى الولاية الثانية لإدارة ترامب، وأنّ على واشنطن الاقدام على هذه الخطوة قبل نهاية العام الجاري. بل انه زاد قائلًا أنّ الأمر لن يواجه معارضة من قبل الكونغرس، الأمر الذي يُشير إلى أنّ الاعتراف الأمريكي بالسيادة الإسرائيلية على القدس المحتلة وفّر للساسة الإسرائيليين قدرًا كبيرًا من المبالغة بالطلب من واشنطن المزيد من الخطوات، دون النظر إلى المصالح الأمريكية، من هنا فإننا نعتقد أنّ مسألة الاعتراف الأمريكي بالسيادة على الجولان لن تُبحث الآن، ولا في المستقبل المنظور، والأمر يتعلق بالخريطة السياسية في المنطقة، كما تراه الولايات المتحدة على خلفية جملة من التعقيدات السياسية والأمنية في المنطقة!

مشاركة :