قالت مصادر وزارية لبنانية مواكبة لاتصالات تأليف الحكومة الجديدة إن رئيس الجمهورية ميشال عون كان وعد يوم الجمعة الماضي الرئيس المكلف تشكيلها سعد الحريري، بإجابته عن موقفه النهائي من بعض الاقتراحات التي تضمنها تصوره لتوزيع الحصص الوزارية على الفرقاء السياسيين مساء اليوم نفسه، لكنه لم يتلقَ هذا الجواب حتى مساء السبت. وعلمت «الحياة» أن رئيس «التيار الوطني الحر» الوزير جبران باسيل كان يفترض أن يزور الحريري ليل السبت حاملاً جواب عون، لكنه لم يزره. وقالت المصادر المتابعة إن من الطبيعي أن يكون الحريري وهو يدخل اليوم الشهر الثاني من تكليفه منزعجاً من التأخير في الَّبت بالتصور الذي قدمه إلى عون، على رغم أنه لم يظهر ذلك علناً. فالذين التقوه خرجوا بانطباع أن موقفه من مطالب رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس الحزب «التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط هو أشبه بالمسلمات. وذكرت المصادر إياها أن الجواب الذي وعد عون الحريري بإعطائه إياه يتعلق بالمسألتين الأساسيتين اللتين توقف عندهما عون، وهما المتعلقتان بحصة حزب «القوات اللبنانية» والتمثيل الدرزي. وكان النقاش المتداول بين عون والحريري حولهما انتهى إلى اعتراض الأول على اقتراح الحريري إيكال 5 حقائب لـ «تكتل الجمهورية القوية» من ضمنها الحقيبة السيادية، معتبراً أن اقتصار حصتها على 3 وزراء يكفي. وعلمت «الحياة» من المصادر المواكبة للتأليف أن الحريري حاول إقناع عون بأنه لا بد من مراعاة حجم «القوات» الجديد بعد الانتخابات النيابية وبعد مضاعفة عدد نوابهم، و «يجب أن نتعاون ولا يجوز في أول حكومة بعد الانتخابات أن نختلف معهم لأنهم كتلة وازنة». أما بالنسبة إلى حصر التمثيل الدرزي بمن يسميهم جنبلاط فكشفت المصادر أن الحريري قال لعون بعدما أثار الأخير مسألة تمثيل النائب طلال إرسلان مجدداً، إن منطق جنبلاط في هذا الصدد محق ومنطقي نظراً إلى أن عدد النواب الدروز في كتلته هم السواد الأعظم من النواب الثمانية، وأنه الأكثر تمثيلاً للطائفة الدرزية بلا منازع، وبالتالي لا يستأهل الأمر حصول خلاف مع «الاشتراكي» في تشكيل الحكومة. وقالت المصادر إن عون اكتفى بالاستماع إلى حجج الحريري بالنسبة إلى هاتين العقدتين، ولم يعلق وطلب منه إعطاءه المزيد من الوقت قبل إجابته على التصور الذي قدمه، مساء اليوم نفسه. وأوضحت المصادر أن الحريري أبلغ بعض القيادات المعنية بنتائج لقائه مع الرئيس عون، منها رئيس البرلمان نبيه بري الذي كان ينتظر نتائج الاجتماع لعله يقود عملية التأليف إلى النهاية السعيدة بحيث يتم إسقاط الأسماء على الحصص التي اقترحها الحريري والحقائب التي سيتسلمونها، خصوصاً أنه كان أبلغ الجميع أنه ينوي السفر في 25 الجاري (اليوم). وقالت مصادر إن بري كان أسر لبعضهم بأنه إذا وجد أن التأليف يتقدم بسرعة ويحتاج إلى يوم ويومين إضافيين، هو مستعد لتأجيل سفره يوم أو اثنين، ريثما تولد الحكومة ويتم أخذ الصورة التذكارية في حضوره كما تقتضي الأصول. وبقي المعنيون في حال انتظار في الساعات الماضية لعل تطوراً ما يسمح بخروج الدخان الأبيض من مدخنة القصر الرئاسي. واعتبرت المصادر المتابعة للتأليف أن التأخير في إنجاز الحكومة سينعكس سلباً على العهد أولاً من بين كل الأطراف لأن انطلاقة الَّبت بالملفات التي وعد بإنجازها بعد الانتخابات ستتعثر، ويبدو مساره مهتزاً نتيجة غرق فريقه في مماحكات وتجاذبات على الحصص مع سائر الفرقاء المسيحيين ومع المكون الدرزي وعدم مراعاته الليونة التي تعاطى فيها الحريري مع التشكيلة الحكومية. الفصل بين حصتي «التيار» وعون ونقلت المصادر المواكبة لاتصالات التأليف عن غير جهة تكراراً لاستغرابها الفصل بين حصة «التيار الحر» وبين حصة رئيس الجمهورية. وقالت إن اتباع هذا الأسلوب في تكبير حصة «التيار» بات مفضوحا. فالوزراء الذين صنفوا على خانة الرئيس في الحكومة المستقيلة كانوا يشاركون في اجتماعات «التيار الحر» على طاولة «تكتل الإصلاح والتغيير» في الرابية (منزل ميشال عون) أو في مقر «التيار». ولم يتم حتى حفظ ماء وجههم حتى بإعطائهم قدر من الاستقلالية ولو شكلاً. وعلى رغم التكتم حول التصور الذي قدمه الحريري فإن مصادر مطلعة أشارت إلى أن توزيع الحصص يدور حول صيغة تضمن الاتي: 6 وزراء مسيحيين لـ «تكتل لبنان القوي» أي «التيار الوطني الحر» و3 وزراء للرئيس عون بينهما واحد سني، 5 وزراء لـ «القوات»، وزير لـ «المردة». أما الوزير الذي سيمثل «الكتائب» فهناك من يقول انه سيكون إما من حصة التيار الوطني الحر او من حصة رئيس الجمهورية، وهناك وزير مسيحي من حصة الحريري بدلاً من الوزير السني الذي سيكون على خانة عون، 5 وزراء سنة لـ «المستقبل»، 3 وزراء شيعة لـ «أمل» و3 لـ «حزب الله»، و3 وزراء دروز لـ«الاشتراكي». وكان وزير الشباب والرياضة في حكومة تصريف الأعمال محمد فنيش اعتبر «أننا ما زلنــا في إطار المهلة الزمنية المقبولة لتشكيل الحــــكومة، ولكن ليس هنـــاك من داعٍ للمبالغـــة في تضخيم الأحجام، لا سيما أن الانتخابات النيابية أفرزت وأظهــــرت حجم كل القوى السياسية، وبالتالي إذا اعتمدنا قاعدة حجم التمثيل وإعطاء حقائب بحسب هذا الحجم، فلا يجب أن يكون هناك أحد مختلف مع الآخر، لأن الأحجام واضحة». وأشار فنيش إلى أن «تحالف حزب الله وحركة أمل أظهر للجميع أنه وطني بامتياز وليس عقبة على الإطلاق، وأن ما يطالب به هذا التحالف، هو مطالبة عادلة وواقعية ومشروعة، ومن دون مبالغة أو محاولة التشاطر أو الاعتداء على حقوق أحد»، متمنياً أن «ينجح الرئيس المكلف بالتعاون مع رئيس الجمهورية بإزالة العقد المتبقية لولادة الحكومة، لا سيما أنه إذا أبقينا الأمر في إطار الإرادة الوطنية، فإننا لا نعجز عن إيجاد الحلول». وطالب فنيش بـ «تعاون جدي لولادة حكومة وحدة وطنية تنطلق من رؤية واحدة، فضلاً عن وضع النزاعات والخلافات والتجاذبات السياسية جانباً، وعدم الإصغاء للتدخلات الخارجية، وإسقاط كل الرهانات على أي متغيرات، لا سيما أن أمام هذه الحكومة الجديدة مهمات ومسؤوليات كبرى، أبرزها معالجة ما يشكو منه الوطن على مستوى الكثير من الأمور الاجتماعية والاقتصادية والإنمائية والمالية». كرامي يحتج ورأى رئيس «تيار الكرامة« النائب فيصل كرامي أن «التصريحات والتسريبات المتعلقة بتشكيل الحكومة، ولا سيما استبعاد توزير سنّي أو أكثر من خارج «تيار المستقبل« يشكّل نسفاً لكل نتائج الانتخابات النيابية» (تصور الحريري لا يتضمن توزير سني من المعارضين لنهج «المستقبل»). ولفت إلى أن «الانتخابات أجريت على القاعدة النسبية وأدت إلى فوز 10 نواب من الطائفة السنية ومن المرجّح ان يصبحوا 11 نائباً بعد بتّ المجلس الدستوري بالطعن الذي قدمه الدكتور طه ناجي، وهؤلاء النواب لا ينتمون إلى «تيار المستقبل»، بالمقابل تتمحور كل طروحات الرئيس المكلّف على رغبته في استمرار حفاظه بالحصرية السنية في الحكومة مع بعض المحاصصات على شكل هدايا بينه وبين رئيس الجمهورية، وهذا يعني ببساطة اقصاء واقع شعبي سني في كل لبنان أوصل 10 نواب إلى البرلمان. كما يعني أن معايير تشكيل الحكومة لا تزال على قاعدة القانون الاكثري مع إلباسها لقب «حكومة وحدة وطنية» وهو ما يعتبر هرطقة بكل المقاييس المنطقية والسياسية والشعبية».
مشاركة :