قلعة عريقة ضاربة بجذورها في أعماق التاريخ، نشأت كقلعة حربية لحماية الجيوش والجنود المصرية في عهد السلطان الناصر صلاح الدين الأيوبي، فكانت حصن حربي عريق، يُعد أشهر وأكبر الحصون الحربية آن ذاك. ومع مرور الوقت تحول الحصن العسكري الكبير إلى مزارًا سياحيًا كبيرًا أيضًا، إنها قلعة صلاح الدين الأيوبي، التي تقع على رأس قائمة المزارات السياحية المصرية التي يسعى كل من يزور مصر لإكتشاف معالمها التاريخية وأن يتجول بجنباتها ويشاهد عراقة المعمار الفني المصري القديم بها.ونظرًا لاهمية القلعة ومكانتها التاريخية خصص الدكتور خالد مصطفى أستاذ الاقتصاد، وحفيد الأمير سليمان أغا السلحدار، مسئول السلاح في عهد محمد علي باشا، مبلغ مالي كدعم للصيانة اللازمة والنظافة المستمرة لمسجد وسبيل وكتاب جده الأكبر سليمان أغا السلحدار ؛ ودعوته لمواطني الولايات المتحدة، التي يُقيم فيها حاليًا لزيارة الآثار الإسلامية في القاهرة القديمة، في محاولة منه لتسليط الضوء على هذه الآثار، والتي تقع على رأسها قلعة صلاح الدين الأيوبي، أو "قلعة الجبل".شيدت القلعة فوق جبل المقطم على مشارف مدينة القاهرة، في موقع كان يعرف بـ"قبة الهواء" نظرًا لموقعها؛ إلا أن السلطان الناصر -كما كان لقبه- لم يستطع إتمامها في حياته، لكن أتمها السطان الكامل بن العادل، وكان أول من سكنها واتخذها دارًا للمُلك، واستمرت هكذا حتى نقل الخديو إسماعيل، حفيد محمد علي باشا، مقر الحكم إلى قصر عابدين، بعد بناءه القاهرة الخديوية.تعتبر القلعة، الواقعة أعلى أكبر جبال القاهرة، من أضخم القلاع الحربية التي شيدت في العصور الوسطى، وتمتاز بموقعها الاستراتيجي من الدرجة الأولى، حيث كان موقعها يُسيطر على مدينتي القاهرة والفسطاط؛ كما كانت تُشكّل حاجزًا طبيعيًا مرتفعًا بين المدينتين، ما يوفر الاتصال بين القلعة والمدينة في حالة الحروب والحصار، وهي المعقل الأخير للاعتصام بها في حال سقوط المدينة بيد العدو.تضم القلعة بين جنباتها عددًا من المساجد هي مسجد محمد علي ـ مسجد سليمان باشا الخادم ـ مسجد ومدرسة الناصر قلاوون ـ مسجد احمد كتخدا؛ إلى جوار متحف الشرطة والمتحف الحربي؛ كذلك تتنوع القصور بطرزها الفاخرة، منها قصر الحرم ـ قصر الجوهرة ـ قصر الأبلق؛ أما الأبراج فمنها برج العلوة ـ برج الصفة ـ برج الطرفة ـ برج المطار ـ برج المبلط ـ برج المقوصر ـ برج القرافة ـ برج الامام برج الصحراء ؛ إضافة إلى آثار أخرى مثل دار الضرائب ـ بئر يوسف ـ دار صناعة القلعة.تحتوي القلعة كذلك على عدة أبواب هي "باب القلعة" -باب برج القلعة- وهو الباب الداخلي، ويفصل هذا الباب بين قلعة الجبل أو المدينة العسكرية المحصنة في الشمال، وبين القلعة والمدينة السلطانية في الجنوب، ولكن في الوقت الحالي يعرف ببوابة المتحف الحربي؛ وهناك "باب الوسطاني" الذي سُمّيَ بهذا الاسم نظرًا لأنه يتوسط الديوانين الكبيرين بالحوش السلطاني، وهما "ديوان قايتباي" و"ديوان الغوري"، وذكر أيضًا أنه سُمّيَ بهذا الاسم لأنه كان يفصل بين دهليز القلعة العمومي البحري وبين الحوش الذي يقع فيه جامع الناصر محمد بن قلاوون، حتى جدد عمارته ابنه الناصر محمد بن قلاوون، وسُمّيَ أيضًا هذا البرج بـ"برج الطبالين" لوجوده على مقربة من الطبلخانة.باب آخر هو "باب المقطم" والذي سُمّيَ هكذا لقربه من برج المقطم الذي يرجع تاريخه للعصر العثماني، وعُرِف باسم "باب الجبل" لإشرافه على باب جبل المقطم، لكنه حاليًا باسم "بوابة صلاح سالم"؛ أمّا "باب الجديد" فقد بناه محمد علي باشا ليستخدمه بدلًا من "الباب المدرج"، و"باب الإنكشارية" اللذان لا يصلحان لمرور العربات والمدافع ذات العجل، ومهّد لـ"باب الجديد" طريقًا منحدرة لتسهيل الصعود إلى القلعة والنزول منها، ويعرف اليوم هذا الطريق باسم "شارع الباب الجديد".
مشاركة :