تسارعت أمس، وتيرة التصعيد في الجنوب السوري، عشية زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جون بولتون موسكو، التي أعلنت دفن اتفاق «خفض التصعيد» في الجنوب، بعد نحو عام من التوصل إليه مع عمان وواشنطن. واستغل النظام السوري الإعلان الروسي، وأطلق عملية عسكرية برية داخل درعا هي الأولى منذ بدء التصعيد، بعدما تمكن من التقدم في ريفها الشرقي باتجاه معبر نصيب الحدودي مع الاردن. وفيما أكدت الأمم المتحدة نزوح 45 ألف سوري إلى حدود الجولان المحتل، متوقعة تضاعف عددهم، شددت عمان على استمرار إغلاق حدودها (راجع ص3). على خط موازٍ، أعلنت الرئاسة التركية في بيان أمس أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هاتف الرئيس رجب طيب إردوغان وهنأه بالفوز في الانتخابات، مضيفة أن الرئيسين أكدا ضرورة تنفيذ «خريطة الطريق» المتعلقة بمدينة منبج في الشمال السوري، واتفقا على التعاون في مجال مكافحة الإرهاب. وترافقت هذه التطورات مع إعلان وسائل إعلام سورية رسمية أن صاروخين إسرائيليين سقطا في محيط مطار دمشق الدولي، فيما ذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الدفاعات الجوية السورية فشلت في اعتراض الصاروخين، مشيراً إلى انفجار وقع قرب المطار بسبب الصاروخين اللذين أطلقتهما طائرات إسرائيلية من جهة هضبة الجولان المحتلة. وأوضح مدير المرصد رامي عبد الرحمن أن الصاروخين استهدفا «مستودع أسلحة تابعاً لحزب الله والقوات الإيرانية، كانت تُنقل إليه أسلحة وصلت إلى مطار دمشق عبر طائرة شحن ايرانية»، لافتاً إلى أنه بمجرد الانتهاء من إفراغ شحنة الطائرة، تم استهداف المستودع بصاروخين أطلقتهما طائرة إسرائيلية، ما أدى إلى تدميره. ورجح أن العملية حصلت قبل تمكن القوات الإيرانية من نقل الشحنة بعيداً من المطار. وربطت وسائل إعلام ايرانية بين الحادث و»اقتراب تحرير الجنوب السوري»، واعتبرت وكالة «تسنيم» الإيرانية «إطلاق الصواريخ الإسرائيلية نحو المطار محاولة لتشتيت انتباه الجانب السوري عن عمليته العسكرية جنوباً، وتقديم خدمات للمسلحين وإعطائهم فرصة للتنفس ورص صفوفهم». لكن عبد الرحمن سخر من هذا الحديث، مشيراً إلى أن الجميع يعلم أن عمليات النظام في درعا أتت بعد ضوء أخضر إسرائيلي. في غضون ذلك، أعلن جيش النظام السوري بدء الهجوم على مدينة درعا، بعد أسبوع من التصعيد العسكري. وأوضحت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن «الجيش بدأ عملية التمهيد الناري أمام تقدم الوحدات العسكرية في القطاع الجنوبي الشرقي من مدينة درعا... وتعمل وحدات الجيش على قطع طرق وخطوط إمداد الإرهابيين بين منطقة طريق السد ودرعا البلد باتجاه الحدود الأردنية». ونقل التلفزيون السوري الرسمي أن «الجيش ينفذ رمايات نارية مركزة على أوكار الإرهابيين وتحصيناتهم في درعا». واشار المرصد السوري إلى «غارات سورية وروسية استهدفت أحياء تسيطر عليها الفصائل في المدينة، تزامناً مع إلقاء قوات النظام البراميل المتفجرة، كما تزامن القصف مع اشتباكات عنيفة تدور في جنوب شرقي المدينة» قرب الحدود مع الأردن. وقال مدير المرصد: «هذه أول عملية عسكرية برية للنظام داخل مدينة درعا» منذ بدء التصعيد. ومع تكثيف النظام السوري وروسيا الغارات الجوية على مدينتي بصر الحرير والحراك والقرى المجاورة لهما، أعلن إعلام «حزب الله» أن الجيش السوري استعاد السيطرة على منطقة اللجاة من المعارضة، علماً أن النظام يسعى إلى فصلها عن ريف درعا الشرقي، وفتحِ خط يصل بين الريف الغربي للسويداء مع مدينة أزرع في درعا، استعداداً لمعارك أخرى لتقطيع أوصال الريف الشرقي، والسيطرة على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، وفق توقعات مصادر معارضة. وفي حين أكدت قاعدة «حميميم» في صفحتها على «فايسبوك» إنه «يمكن تأكيد انتهاء فترة خفض التصعيد جنوب سورية بعد خرقها من الجماعات المتطرفة والمجموعات المسلحة غير الشرعية التي تعمل ضد القوات الحكومية السورية»، أكدت الفصائل المعارضة في المنطقة أن «المقاومة خيارها الاستراتيجي». وأفاد رئيس الدفاع المدني السوري رائد صلاح لـ «الحياة» بأن حصيلة القتلى وصلت إلى 41، بينهم 12 طفلاً. ووصف القيادي في الجبهة الجنوبية العقيد خالد النابلسي الوضع في درعا بـ «الحرج»، مؤكداً لـ»الحياة» أن «الميليشيات الإيرانية تشارك في المعارك». وتوقع «فتح النظام محوراً جديداً للهجوم بمشاركة الفرقة الرابعة والحرس الثوري الإيراني وميليشيات تابعة للنظام من القريا في السويداء عبر بصرى الشام باتجاه معبر نصيب». وأكد وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي أن حدود بلاده ستبقى مغلقة، وأن الأمم المتحدة يمكنها مساعدة اللاجئين السوريين داخل بلادهم.
مشاركة :