أنفق البنك المركزي الروسي الأسبوع الماضي 4.5 مليار دولار في سوق الصرف دعما للروبل الذي كان يسجل انهيارا تحت تأثير تراجع أسعار النفط. وخسرت العملة الروسية نحو ربع قيمتها في تشرين الثاني (نوفمبر) الماضي، ما بعث مخاوف من حصول حركة هلع بين المدخرين. وهي تواصل تراجعها منذ مطلع كانون الأول (ديسمبر) الجاري بموازاة تراجع أسعار النفط واستمرار الأزمة الأوكرانية. وفيما كان سعر النفط يراوح أمس عند أدنى مستوياته منذ خمس سنوات، تراجع سعر الروبل ليقارب المستويات القياسية التي سجلها الأسبوع الماضي، حيث كان يجري التداول به بسعر 54.25 روبل للدولار و66.98 روبل لليورو. ووفقا لـ"رويترز" أفاد البنك المركزي الروسي أنه تدخل الأسبوع الماضي دفاعا عن الروبل بمستوى 77 مليون دولار الإثنين و1.9 مليار دولار الأربعاء و1.9 مليار دولار الجمعة. وقرر البنك المركزي في تشرين الثاني (نوفمبر) تبديل سياسته وبعدما كان يتدخل منهجيا في حال حصول تقلبات قوية في سعر الروبل، بات يتدخل فقط -إن اعتبر أن التقلبات تهدد النظام المالي، ما يسمح بإحداث مفاجأة في السوق تقطع الطريق أمام المضاربين، وكذلك تفادي استخدام الكثير من الأموال من احتياطات العملات الأجنبية. وهذه الاحتياطات التي لا تزال تتخطى 400 مليار دولار، تراجعت بأكثر من 20 في المائة خلال عام من الأزمة الأوكرانية وإثر تراجع أسعار النفط، علما بأن موارد الطاقة تشكل مصدر الدخل الأول للدولة الروسية. يذكر أن البنك المركزي رفع معدل فائدته الرئيسة أربع نقاط بشكل إجمالي منذ الربيع ليصل إلى 2.5 في المائة حاليا وقد يعمد إلى تشديد سياسته النقدية أكثر خلال اجتماعه يوم الخميس المقبل. إلى ذلك خفض البنك الدولي أمس، توقعاته للنمو في روسيا بسبب تراجع أسعار النفط، وبات يتوقع تدني إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0.7 في المائة عام 2015، محذرا من أن التراجع سيكون أكبر في حال استمرت أسعار النفط في التراجع. ووفقا لـ"الفرنسية" فقد أوضح البنك الدولي، أن توقعاته تقوم على أساس انخفاض أسعار النفط إلى معدل 78 دولارا للبرميل عام 2015. لكن في حال تدني سعر النفط إلى 70 دولارا للبرميل فإن البنك الذي يتخذ من واشنطن مقرا له، يتوقع تراجع إجمالي الناتج الداخلي الروسي بنسبة 1.5 في المائة. وصرحت بريجيت هانسل كبيرة الاقتصاديين في البنك الدولي لشؤون روسيا "في السيناريو الأساسي، من المتوقع أن ينخفض الاستثمار للعام الثالث على التوالي في 2015 بسبب حالة عدم الاستقرار المستمرة ومحدودية نفاذ الشركات والمصارف الروسية إلى الأسواق المالية العالمية". ويتوقع أن ينخفض نمو الاستهلاك في 2015 لأول مرة منذ عام 2009 بعد "توسع طفيف جدا في 2014". وقال البنك الدولي: إن روسيا ستتجنب الركود في 2015 في أحسن الأحوال إذا وصل معدل سعر النفط إلى 85 دولارا للبرميل. وسجلت أسعار النفط، أمس، أدنى مستوى لها منذ خمس سنوات، حيث وصل سعر البرميل إلى 65 دولارا بسبب قرار الدول المصدرة للنفط (أوبك) الشهر الماضي بالإبقاء على مستويات الإنتاج كما هي رغم التخمة العالمية في الإمدادات. وسجل اقتصاد روسيا تباطؤا خلال السنوات الماضية بعد أن وصل معدل إجمالي الناتج المحلي 8 في المائة خلال أول ولايتين لفلاديمير بوتين من 2000 وحتى 2008. وفي 2013 لم يحقق الاقتصاد سوى نمو بنسبة 1.3 في المائة بسبب ما قال الاقتصاديون إنه اعتماد مبالغ فيه على عائدات النفط والغاز. وهذا العام زادت العقوبات الغربية المفروضة على روسيا بسبب الأزمة في أوكرانيا إضافة إلى انخفاض أسعار النفط من انخفاض النمو الاقتصادي الروسي.
مشاركة :