تحقيق: يمامة بدوان في ظل مشروع استكشاف الكوكب الأحمر، الذي أعلنت عنه الإمارات، والذي يعتبر نقطة تحول مهمة في مسيرة التنمية بالدولة، فإنه يعد بداية لترسيخ قطاع تكنولوجيا الفضاء كقطاع اقتصادي رئيسي للأعوام المقبلة، خصوصاً أن الدولة تهدف إلى أن تكون ضمن الدول الرائدة في مجال تكنولوجيا الفضاء على مستوى العالم بحلول موعد وصول المسبار لكوكب المريخ في عام 2021، علماً بأن تكنولوجيات الفضاء على الصعيد العالمي أصبح لها دور مهم ومتصاعد في اقتصادات الدول، حيث أصبحت تعتبر جزءاً لا يتجزأ من مقومات الحياة العصرية، وغالباً ما تقوم صناعة تكنولوجيات الفضاء حول العالم على برامج علمية، ضمن مؤسسات وطنية متخصصة. برنامج مستدام أكد المهندس سالم حميد المري، مساعد المدير العام للشؤون العلمية والتقنية ومدير برنامج الإمارات لرواد الفضاء، أن برنامج الإمارات لرواد الفضاء يعتبر برنامجاً مستداماً، كونه لا يرتبط بفترة زمنية محددة، الأمر الذي يضع دولة الإمارات على خريطة الدول المتقدمة في مجال صناعة واستكشاف الفضاء، بالرغم من خبرتها غير الطويلة في هذا المجال، إلا أنها تمكنت من وضع اسمها بين مصاف الدول الرائدة في صناعة الفضاء، وإثبات قدراتها، عبر تصنيع الأقمار الصناعية بأيد إماراتية 100%، ومنها «خليفة سات»، الذي يعد فخر الصناعة الإماراتية، كونه جرى على أراضي الدولة وبأيدي وعقول مواطنيها.وأضاف أن برنامج الإمارات لرواد الفضاء هو الأول من نوعه، ضمن سلسلة من المشاريع التي تحظى باهتمام القيادة الرشيدة، وتهدف إلى تطوير العلوم والارتقاء بمكانة الدولة في العلوم المتقدمة وتمكين أجيال المستقبل، وقد أسّس البرنامج وصمّم، لتدريب الكوادر الوطنية وتأهيلها للانطلاق إلى الفضاء والمشاركة في البعثات المستقبلية، والإسهام بفاعلية في جهود الاكتشافات العلمية وإجراء التجارب في محطة الفضاء الدولية.وأضاف أن 0.1% سيصلون إلى المرحلة النهائية، حيث سيرسل رائد إماراتي واحد، من الأربعة الذين سيختارهم البرنامج، على أن يرسل البقية على التوالي في مهمات على متن المحطة الدولية للفضاء، مشيراً إلى أن البرنامج مستدام، ولن يتوقف عند أول 4 رواد، بل ستنظم حملات لاستقطاب رواد جدد في المستقبل. مرسوم تاريخي أنشئت وكالة الإمارات للفضاء عبر مرسوم تاريخي أصدره صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، في 16 يوليو 2014، لتدخل دولة الإمارات العربية المتحدة بشكل رسمي، السباق العالمي لاستكشاف الفضاء الخارجي، وبدء العمل على مشروع إرسال أول مسبار عربي وإسلامي إلى كوكب المريخ، في حين أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، على المسبار اسم «مسبار الأمل» في 6 مايو 2015، عقب طلبه من الجمهور ومتابعي سموه على وسائل التواصل الاجتماعي، اقتراح واختيار اسم عربي مميز للمسبار، لتكون بذلك الإمارات واحدة من بين 9 دول فقط تطمح لاستكشاف هذا الكوكب.ووصف سموه، هذا المشروع بأنه يبعث 3 رسائل مهمة، الأولى موجهة للعالم، وهي أن العرب هم أهل حضارة، وكما كان لهم دور سابق في المساهمة في المعرفة الإنسانية، فسيكون لهم دور لاحق أيضاً، والثانية موجهة للعالم العربي بأنه لا يوجد مستحيل، وبإمكاننا منافسة الأمم العظمى ومزاحمتها في السباق المعرفي، والثالثة موجهة لشبابنا بأن من يعشق القمم يصل لأبعد منها.. يصل للفضاء.. ولا سقف ولا سماء لطموحاتنا. أهمية كبرى ويكتسب مسبار الأمل أهمية كبرى، كونه يعزز حضور الإمارات في صفوف المجتمع الدولي المعني بقطاع الفضاء، حيث سيتيح الحصول على صورة فعلية هي الأولى من نوعها عن غلاف المريخ الجوي، وسيعكس رؤية الدولة المتعلقة بتطوير ميدان العلم والتكنولوجيا.وتتجلى أهداف المهمة في بناء موارد بشرية إماراتية عالية الكفاءة في مجال تكنولوجيا الفضاء، وتطوير المعرفة والأبحاث العلمية والتطبيقات الفضائية التي تعود بالنفع على البشرية، والتأسيس لاقتصاد مستدام مبني على المعرفة، وتعزيز التنويع وتشجيع الابتكار، والارتقاء بمكانة الإمارات في سباق الفضاء لتوسيع نطاق الفوائد، وتعزيز جهود الإمارات في مجال الاكتشافات العلمية، وإقامة شراكات دولية في قطاع الفضاء لتعزيز مكانة الدولة.ومن خلال فريق عمل «مسبار الأمل» الذي يضم أكثر من 170 من المهندسين والباحثين والخبراء الإماراتيين، وتحت إشراف وكالة الإمارات للفضاء، يتولى مركز محمد بن راشد للفضاء تنفيذ جميع مراحل المشروع، والتي تضم تصميم وتصنيع وإطلاق «مسبار الأمل»، تحت إشراف وكالة الإمارات للفضاء، حيث يبلغ طوله 3 أمتار، وهو مرفق بألواح شمسية قادرة على توليد 600 كيلوواط، وسينطلق المسبار في عام 2020، وسيقطع 60 مليون كم في رحلة تستغرق 9 أشهر للوصول إلى المريخ، كما يتمتع بمزايا أساسية أخرى، تشمل أجهزة مطيافية متطورة، وكاميرات ستصوّر معلومات مهمة جداً عن غلاف المريخ الجويّ ومناخه. تنافسية وطموح ومن دون شك، فإن التنافسية والطموح ليسا الدافعين الوحيدين لهذا المشروع، بل هناك المكانة التي ستحققها الدولة، من خلال إطلاق المسبار ونجاحه في مهمته، إذ ستنضم بذلك إلى نخبة الدول والوكالات التي أكملت هذه المهمة بنجاح، فيندرج اسمها إلى جانب «وكالة ناسا» الأمريكية، ووكالة الفضاء الروسية «روسكوزموس»، ووكالة الفضاء الأوروبية، والعضو الجديد الذي انضم مؤخراً إلى المجموعة وهي الوكالة الهندية «إيسرو»، إذ إن الإمارات لا تعتزم إثبات طموحها وتحقيق المكانة فحسب، فهي لن تتوقف عند حد إنشاء واختبار وإطلاق هذا المسبار إلى المريخ، بل تعتزم إنشاء صناعة فضاء موثوقة ذات نتائج ومشروعات عملية على أرض الواقع، تتيح التوسع إلى مهام فضائية جديدة والتطلع إلى أهداف أكبر في مجال علوم وتقنيات الفضاء، وتعود بالنفع على اقتصادها ومجتمعها.ويتجاوز حجم الاستثمارات الوطنية الحالية في الصناعات والمشاريع المرتبطة بتكنولوجيا الفضاء 20 مليار درهم، ومن خلال مشروع «مسبار الأمل»، تؤكد دولة الإمارات رغبتها في إثبات أن الشرق الأوسط فيه دول طموحة وتنافسية، متمثلة بدولة الإمارات تحديداً، قادرة على بناء مركبة فضائية وإطلاقها في رحلة عبر الكواكب، تعتبر من الأصعب والأكثر تعقيداً، خصوصاً أن مدار المريخ حول الشمس ليس دائرياً، بل هو إهليلجي، وبالتالي فإن إرسال دولة الإمارات مسباراً إلى المريخ، يعني أن عليها انتظار حلول توقيت محدد يكون فيه المريخ أقرب ما يكون للأرض، ومن ثم إطلاق المسبار بزاوية معينة أثناء اقتراب المريخ متحركاً على مداره ليتزامن وصول المسبار بنجاح مع وصول المريخ إلى المدار. استيطان المريخ أطلقت قيادة دولة الإمارات العربية المتحدة مشروع «المريخ 2117» استشرافاً لآفاق 100 عام مقبلة من النهضة العلمية كي يكون رافعة حضارية، ويستهدف المشروع إلى إسهام دولة الإمارات بدور ريادي في تطوير نظم المعيشة على كواكب أخرى من خلال الأبحاث، واختبار أنماط الحياة على كوكب المريخ، ووضع أفضل الحلول لبناء أول مستوطنة بشرية عليه، كما يستهدف الاستفادة من التجارب العلمية للتصدي لتحديات أمن الغذاء والمياه والطاقة على كوكب الأرض، ويركز المشروع على إعداد أجيال إماراتية تتحلى بشغف الاستكشاف العلمي والمساهمة في الجهود البشرية لاستيطان الفضاء.ويعكس مشروع «المريخ 2117» طموح ورؤية القيادة في دولة الإمارات ويدعم المسار التنموي الذي يتخذه الاقتصاد في دولة الإمارات خلال القرن المقبل، ويؤكد على اهتمام دولة الإمارات الجاد للانضمام إلى السباق العالمي لاستكشاف الفضاء، ويدعم المسار التنموي الذي سيتخذه الاقتصاد. أطلق مشروع «المريخ 2117» ضمن زيارة قام بها كل من صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، بحضور سمو الشيخ حمدان بن محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي رئيس مركز محمد بن راشد للفضاء، للمركز في إبريل من العام الماضي 2017، وتم خلالها إطلاق البرنامج الوطني للفضاء، الذي شمل مشروع «المريخ 2117» جنباً إلى جنب مع مشاريع مستقبلية طموحة أخرى. مرتكزات رئيسية يضم مشروع المريخ 2117 عدة مرتكزات رئيسية أساسية، منها مدينة المريخ العلمية التي سيتم بناؤها لتكون أكبر مدينة علمية في دولة الإمارات العربية المتحدة، وقد تم الإعلان عن بدء بناء «مدينة المريخ العلمية» خلال أعمال الاجتماعات السنوية لحكومة دولة الإمارات التي انعقدت في 26 و27 سبتمبر 2017 في العاصمة أبوظبي، وحددت مساحتها لتمتد على مليون و900 ألف قدم مربعة، وبتكلفة 500 مليون درهم، وستشكل بذلك أكبر مدينة فضائية علمية في العالم، ونموذجاً عملياً صالحاً للتطبيق على كوكب المريخ، وتحاكي تضاريس المدينة تضاريس الكوكب الأحمر وبيئته القاسية، وسيتم بناؤها على شكل قبب وبتقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد، وعزل الأشعة والحرارة، وستكون مبانيها الأكثر تطوراً على مستوى العالم. خليفة سات يعتبر القمر الصناعي خليفة سات المخصص لأغراض الرصد، أيقونة تقنية متطورة للغاية، ويمتلك 5 براءات اختراع، وتم تصنيعه بأيدي فريق مكون بالكامل من مهندسي مركز محمد بن راشد للفضاء، وهو أول قمر صناعي يتم تطويره داخل الغرف النظيفة في مختبرات تقنيات الفضاء في المركز بدبي، ومن المخطط أن يُرسل إلى مداره حول الأرض خلال العام 2018، ليصبح القمر الصناعي الثالث لأغراض الرصد الذي تمتلكه الدولة في المدار، وعند استكمال مراحل بنائه سينقل إلى محطة الإطلاق في اليابان، ليتم إطلاقه على متن الصاروخ (H-IIA)، وبمجرد دخوله إلى مداره حول الأرض سيبدأ عمله بالتقاط الصور الفضائية وإرسالها للمحطة الأرضية في المركز، وستكون صوره ذات جودة فائقة تلبي احتياجات المؤسسات الحكومية ومشاريع القطاع الخاص محلياً وعلى المستوى العالمي.سيقدم «خليفة سات» صوراً فضائية عالية الجودة والوضوح، وسيتيح لدولة الإمارات تقديم خدمات تنافسية في قطاع الصور الفضائية على مستوى العالم، وستستخدم صوره في مجموعة متنوعة من متطلبات التخطيط المدني، والتنظيم الحضري والعمراني، ورصد التغيرات البيئية على المستوى المحلي ودعم الجهود العالمية في الحفاظ على البيئة. دبي سات 2 أطلق مركز محمد بن راشد للفضاء القمر الصناعي «دبي سات 2» يوم 21 نوفمبر من العام 2013، والمخصص لأغراض الرصد من قاعدة «يازني» الروسية على متن الصاروخ «دنيبر»، حيث يعد من المشاريع التي لها أثر كبير في استقطاب العقول الإماراتية المتميزة، الحريصة على نهل العلوم، واكتساب الخبرات الضرورية. مشروع «المريخ 2117» يستشرف مستقبل 100 عام تؤكد دولة الإمارات العربية المتحدة ريادتها في مشاريع استكشاف الفضاء، والتي ستتوجها بإرسالها أول رائد فضاء إماراتي من مركز محمد بن راشد للفضاء، إلى جانب رائد الفضاء أوليج سكريوتشكا من روسيا «روسكوسموس»، وشانون واكير من أمريكا «ناسا»، وذلك على المركبة الفضائية الروسية «سويوز إم إس 12» والتي ستنطلق رحلتها في إبريل/ نيسان المقبل من العام 2019.وقد أعلن مركز محمد بن راشد للفضاء، ومجموعة الاتحاد للطيران، عن اتفاقية لإجراء التقييم الطبي لرواد الفضاء، والذي أجراه الفريق الطبي التابع للمركز الطبي للاتحاد للطيران، حيث خضع 95 مترشحاً تأهلوا للقائمة الأولية من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، تضم 75 رجلاً و20 امرأة من إجمالي 4022 طلب ترشح للبرنامج، الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخوه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو جزء من برنامج الإمارات الوطني للفضاء الذي يهدف إلى تدريب وتطوير أول رواد فضاء إماراتيين وإرسالهم إلى الفضاء للقيام بمهام علمية مختلفة. دبي سات 1 .. أول خطوة لدخول عصر الفضاء يعتبر القمر الصناعي «دبي سات 1» أول قمر صناعي لأغراض رصد الأرض تمتلكه دولة الإمارات في المدار، ومنذ أن أُطلق في العام 2009، قام بالتقاط وإرسال عدد كبير من الصور الفضائية عالية الدقة إلى المحطة الأرضية في مركز محمد بن راشد للفضاء، وأسهمت تلك الصور في دعم عملية التخطيط العمراني والبيئي في دولة الإمارات.ويمثل القمر الصناعي «دبي سات 1» أول خطوة تتخذها دولة الإمارات لدخول عصر الفضاء، تمثلت بتأهيل كادرها الأساسي، ليشكل الرعيل الأول من المهندسين المتخصصين بعلوم الفضاء، الذين سيقومون بدورهم بنقل معرفتهم إلى الجيل الثاني من مهندسي الفضاء الإماراتيين، إذ تركز استراتيجية مركز محمد بن راشد للفضاء على الابتكار العلمي والتقدم التكنولوجي، ودفع عجلة التنمية القائمة على المعرفة والعلوم المتقدمة في الدولة.ومثلت عملية تصنيعه في كوريا الجنوبية تجربة تدريب وتعلم لا مثيل لها لمهندسي مركز محمد بن راشد للفضاء، حيث وقع المركز مع شركة «إنيشييتيف» المتخصصة في بناء الأقمار الصناعية برنامجاً لنقل المعرفة، تم على إثرها انتقال مهندسي المركز إلى كوريا الجنوبية للعمل والدراسة، وأتاحت لهم هذه التجربة مدخلاً مهماً للتعرف إلى علوم الفضاء المتقدمة.
مشاركة :