أكد عدد من قيادات قطاع الفضاء الوطني والخبراء والمتخصصين في برنامج الإمارات الفضائي، أن دولة الإمارات تحظى بمكانة عالمية بارزة في قطاعات الفضاء والعلوم المتقدمة، لوجود 5 عوامل رئيسية تشمل: الرؤية الحكيمة لدى القيادة الرشيدة بأهمية الاستثمار في قطاعات المستقبل وتوظيفها بما يتوافق مع رؤية الإمارات 2021 ومئوية الإمارات 2071، إضافة إلى وجود الاستراتيجية الواضحة تجاه مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي، والدور الفاعل الذي تلعبه الجامعات الوطنية لإعداد وتأهيل الكوادر الوطنية للعمل في المهام والمشاريع الفضائية، والشراكات والاتفاقيات الدولية التي عززت من نقل المعرفة وتبادل الخبرات مع كبرى الوكالات والمؤسسات الدولية في الفضاء، ووجود الخطط لتحقيق العوائد الاقتصادية من القطاع. جاء ذلك خلال الندوة الافتراضية التي عقدتها صحيفة «الاتحاد» بعنوان: «الإمارات من الصحراء إلى الفضاء»، وذلك بمشاركة مجموعة من القيادات والخبراء والمتخصصين من مختلف الجهات الفاعلة في قطاع الفضاء، حيث تناولت الندوة مجموعة من المحاور، أهمها واقع برنامج الإمارات الفضائي ومستهدفاته ومشاريعه المستقبلية، والدور العلمي لمشروع مسبار الأمل، وإعداد وتأهيل الكوادر الوطنية في الجامعات والخطط المستقبلية لذلك، إضافة إلى دور المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء في تصنيع وبناء الأقمار الاصطناعية، ومستجدات الوضع الراهن لوضع قطاع الفضاء دولياً. وخلص المشاركون في الندوة إلى أهمية مواصلة الاستثمار في مشاريع استكشاف الفضاء الخارجي، وذلك دعماً لإيجاد الحلول للتحديات الأرضية الراهنة، إضافة إلى ضرورة تحقيق التوافق والتواؤم بين المراكز البحثية الفضائية في الجامعات لتعزيز دورها ضمن منظومة البرنامج الفضائي الوطني، وأهمية تعزيز التعاون العربي، بالاستفادة من التجربة الإماراتية في بناء مشاريع عربية مشتركة تؤدي إلى إطلاق وكالة عربية مشتركة، والدور المحوري لتصنيع الأقمار الاصطناعية في مرافق الدولة على مكونات البرنامج الفضائي الوطني، بما يؤدي إلى دعم صناعات الدولة في العلوم المتقدمة. وقال فهد المهيري، المدير التنفيذي لقطاع الفضاء في وكالة الإمارات للفضاء بالإنابة: «تخطو الإمارات خطوات متسارعة لترسيخ وجودها كلاعب دولي مؤثر في قطاع الفضاء، حيث استثمرت الدولة منذ 3 عقود في بناء قطاع وطني متكامل للفضاء، بالإضافة إلى توفير بيئة تشريعية متكاملة ومتطورة لقطاع الفضاء في الدولة، من خلال إصدار السياسة الوطنية للفضاء، واعتماد الخطة الوطنية لتعزيز الاستثمار في 2018 وكذلك استراتيجية قطاع الفضاء، وقانون تنظيم قطاع الفضاء، لتوفر الإمارات أحدث بنية تشريعية متكاملة في قطاع الفضاء، وتنجز واحداً من أكثر قوانين الفضاء تطوراً على مستوى العالم». وأضاف: «تمتلك الدولة اليوم 5 مراكز بحثية في قطاع الفضاء، واثنين من مشغلي الأقمار الاصطناعية، فضلاً عن 3 جامعات تقدم برامج فضائية علمية للفضاء، كما تمتلك الدولة 11 قمراً اصطناعياً وصلت إلى مداراتها بنجاح، آخرها القمر الاصطناعي مزن سات، والذي تم إطلاقه خلال الأسبوع الماضي، كما شهد العام الماضي احتفال الدولة بوصول أول رائد فضاء عربي إلى محطة الفضاء الدولية، وهو رائد الفضاء هزاع المنصوري، كخطوة نحو تعزيز دور الدولة الريادي في الخريطة الفضائية، حيث تتواصل الجهود عبر الدورة الثانية المقامة حالياً من برنامج الإمارات لرواد الفضاء، وتم تسجيل 4 آلاف مرشح ضمن الدورة». وأشار إلى أن مسبار الأمل الذي تم إطلاقه خلال يوليو الماضي، يحمل رسالة الأمل لكل شعوب المنطقة بقدرة العرب على تحقيق إنجاز علمي في قطاع الفضاء، بما يسهم في إحياء تاريخ المنجزات العربية والإسلامية في كافة العلوم، ودور العرب في إثراء المعرفة الإنسانية، لافتاً إلى أنه بالتزامن مع إطلاق مسبار الأمل، تم الإعلان عن إطلاق برنامج نوابغ الفضاء العرب تحت إشراف وكالة الإمارات للفضاء، ضمن خطوة طموحة لتعزيز الدور العلمي للمنطقة العربية، وهو من أول البرامج لرعاية المواهب والكوادر العربية في القطاع. تدريب ولفت إلى أنه سيتم تدريب الكوادر العربية في مجال الفضاء وعلومه والتكنولوجيا في دولة الإمارات، وخلال فترة 10 أيام تم تسجيل 37 ألف طلب للمشاركة في البرنامج، وسيتم تقسيم البرنامج إلى 3 مسارات وهي: مسار الخبراء والدراسات العليا والمواهب، بينما سيتم الإعلان عن الفائزين قريباً خلال أيام. وحول الشراكات الدولية، أوضح المهيري بأن وكالة الإمارات للفضاء ترتبط بما يزيد على 30 اتفاقية ومذكرة تفاهم وشراكة مع مختلف دول العالم، إضافة إلى مكتب الأمم المتحدة لشؤون الفضاء، كما حققت الدولة حضوراً عالمياً مؤثراً، وأصبحت عنصراً فاعلاً في 12 منظمة دولية وإقليمية عاملة في القطاع، كما أثمرت جهود الدولة عن إنشاء تكتل عربي بقيادة الإمارات، باسم المجموعة العربية للتعاون الفضائي والتي تضم 14 دولة عربية، واختارت الدول بالإجماع دولة الإمارات لتكون المقر الرئيسي للتكتل بالدورة الأولى. وأضاف: تهدف المجموعة لتفعيل التعاون الفضائي العربي، تمهيداً لتأسيس وكالة فضاء عربية مستقبلاً، حيث أطلقت المجموعة مشروعاً طموحاً وهو البدء في إجراءات التحضير للقمر العربي 813، بتمويل إماراتي، لتعزيز التعاون العربي في قطاع الفضاء، ونقل المعرفة الإماراتية إلى دول المنطقة، مشيراً إلى أن كل هذه المشاريع والمبادرات، تأتي بمتابعة من الاستراتيجية الوطنية لقطاع الفضاء، التي وضعتها وتشرف على تنفيذها وكالة الإمارات للفضاء، والتي اعتمدها مجلس الوزراء، حيث تساهم في دعم جهود الدولة وإبرازها فضائياً على المستويين الإقليمي والدولي، إلى جانب دعم الاقتصاد القائم على المعرفة، وخلق بيئة تنظيمية فعالة، وتطوير خبرات متخصصة، وجذب أهم العقول، وتحفيز الإبداع لدى الشباب. وأشار إلى أن الاستراتيجية تعمل على تحقيق 6 أهداف، تشمل توفير خدمات فضائية منافسة ورائدة عالمياً، وتعزيز القدرات المحلية في البحث والتطوير والتصنيع في تكنولوجيا الفضاء، وإطلاق مهمات فضائية علمية واستكشافية ملهمة، وترسيخ ثقافة وخبرات وطنية في مجال الفضاء، إضافة إلى تشكيل شراكات واستثمارات محلية وعالمية فاعلة في صناعة الفضاء، ووضع بنية تشريعية وتحتية داعمة تواكب مختلف تطورات المستقبل للقطاع. ولفت إلى أنه سيتم تحقيق الأهداف من خلال 18 برنامجاً شاملاً و71 مبادرة، حيث تسعى الوكالة من خلال متابعة تنفيذ الاستراتيجية، إلى ضمان استدامة نمو القطاع خلال العقد المقبل وما بعده، وجرى وضعها بعد مجموعة من الدراسات الاقتصادية والفنية الوطنية والعالمية، وتتضمن برامج ومبادرات تسعى لترسيخ البنية المتكاملة لقطاع الفضاء الوطني وتطويرها واستدامتها، بما يدعم رحلة القطاع نحو المنافسة العالمية. مسبار الأمل من ناحيته، قال المهندس عامر الصايغ الغافري، مدير أول إدارة الهندسة الفضائية، ومدير مشروع القمر الاصطناعي «خليفة سات» في مركز محمد بن راشد للفضاء: «تم إطلاق مسبار الأمل، وهو مشروع يمثل القدرة على تجاوز العديد من التحديات والعقبات التقنية والعلمية، خاصة لوجود عدد قليل من المهمات العلمية الناجحة من إجمالي المهمات التي سعت للوصول نحو المريخ، وهو التحدي الذي واجهته الإمارات عبر كوادرها الوطنية، وبوجود النظرة الحكيمة لدى القيادة الرشيدة وثقتها في قدرة المهندسين والباحثين من شباب الإمارات على تجاوز التحدي، والارتقاء بمكانة الدولة العلمية، بجانب كبرى الدول، في مجال استكشاف الفضاء والمريخ تحديداً». وأضاف: «لاحظنا خلال الفترة السابقة، تأثر عدد من القطاعات بجائحة فيروس «كوفيد- 19»، وهو الأمر الذي لم يؤثر على مشروع مسبار الأمل، حيث أصرت دولة الإمارات على الاستمرار بالمهمة وإطلاقها في الوقت المحدد، بجهود المهندسين من وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء». وأشار إلى أن المهمة المقبلة، المتمثلة في دخول مدار المريخ، تعد من بين التحديات العلمية، نظراً لوجود الصعوبات التقنية المحتملة، والتي تواجهها معظم المهمات العلمية التي تذهب للكواكب أو الأجرام السماوية، خاصة خلال عملية الدخول للمدار، حيث سيتم الاعتماد على الناتج العلمي والفكري الذي أنتجه مجموعة من المهندسين الإماراتيين ووضعوه ضمن أنظمة المسبار، حيث ستعمل جميع الأنظمة بشكل تلقائي لمدة 15 دقيقة خلال دخول مدار المريخ، دون تدخل من المحطة الأرضية، حيث ستشكل هذه الدقائق اللحظة الحاسمة لدخول المريخ. ولفت إلى أنه بعد دخول مدار المريخ بنجاح، ستبدأ مرحلة أخرى من التحديات التي يواجهها علماء الإمارات من المهندسين والمتخصصين بخبراتهم التراكمية وبكفاءتهم العلمية، حيث ستبدأ مرحلة جمع المعلومات والبيانات العلمية وإرسالها للفريق العلمي، ليس فقط في دولة الإمارات، بل في مختلف دول العالم، حيث إن جميع البيانات والمعلومات ستتم مشاركتها مع العلماء والباحثين للاستفادة منها، خاصة أن المسبار يتميز بدراسته للغلاف الجوي المحيط لكوكب المريخ، والذي يشابه طبقات الغلاف الجوي في الأرض، وبحث بعض الظواهر من مثل حدوث العواصف والتغيرات المناخية، وهروب بعض الغازات من مثل الأكسجين والهيدروجين. وأوضح بأن دراسة هذه التطورات وفهم البيانات والمعلومات والاستكشافات العلمية من مسبار الأمل، سيسهم في تقديم المزيد من المعلومات حول الغلاف الجوي للأرض، حيث تتميز البيانات بجمعها ضمن مواسم وأوقات مختلفة، وهو الأمر الذي لم يحدث سابقاً، كما سيتم تقديم فهم كامل حول المريخ عبر الإجابة عن 3 أسئلة علمية، مؤكداً أن الفريق العلمي اكتملت استعداداته وهو على جاهزية لبدء مهامه خلال العام المقبل، لتحليل المعلومات ومشاركتها العالم وفهم طبيعة الغلاف الجوي. ولفت إلى أن دولاً قليلة نجحت بالوصول إلى كوكب المريخ، وهو الأمر الذي يثبت قدرة الدولة على المشاركة في المشاريع ذات التحديات العلمية، بما يستهدف بناء قطاع مستدام لخدمة الباحثين والعلماء حول العالم، والذي يتواصل عبر الإعلان، مؤخراً، عن «المستكشف راشد» والذي سيدرس القمر، وهي مهمة علمية ترتبط بالعديد من أبناء الجيل العربي الحالي، والذين وجدوا أصداء وصول فريق «أبولو» للقمر والخطوات الأولى لرائد الفضاء نيل آرمسترونغ على سطح القمر، وبعد هذه العقود ستقود الآن الإمارات الدول العربية للوصول إلى الجرم السماوي. وحول التفاصيل العلمية لمهمة استكشاف القمر، أوضح الغافري، بأن المركبة سوف تهبط على سطح القمر، حيث ستقوم الأجهزة العلمية بدراسة سطح القمر، بما يمنحنا صورة أعمق حول فهم سطح القمر وتقديم الفائدة للمجتمع العلمي، حيث يوجد توجه عالمي حالياً من قبل كبرى وكالات العالم نحو القمر باعتباره الوجهة القادمة، والإمارات شريك في الحراك العالمي، والذي يليه مشاريع وبرامج أخرى للاستكشاف الفضائي، لافتاً إلى أننا نطمح في المستقبل لوصول أول رائد فضاء إماراتي للقمر وأبعد من ذلك، وهو الأمر الذي تتضمنه استراتيجية مشروع المريخ 2117، باعتبار أن القمر مرحلة من مراحل تحقيق المستهدفات الاستراتيجية المتعلقة بالمريخ. دور الجامعات بدوره، قال الدكتور حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة ومدير عام مركز الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك: «إن تعليم تكنولوجيا الفضاء والفلك والجو والتخصصات الأخرى ذات العلاقة، أصبح الشغل الشاغل لواضعي سياسات مناهج التعليم العام والتعليم الجامعي لتحسين وتطوير العلوم والتكنولوجيا، والذي له الأثر الكبير على الكوادر البشرية والأمن القومي والاقتصاد والسياسة والموضوعات الاجتماعية والإنسانية بشكل عام، فضلاً عن تنمية عقول الأطفال والشباب على أحدث أنواع التكنولوجيا وأثرها على تقدم المجتمعات». وأضاف: «إن دور تعليم الفضاء في المؤسسات التعليمية بدولة الإمارات مهم جداً، في تعليم وتأهيل أفضل العلماء والباحثين والمهندسين في تطبيقات علوم وتكنولوجيا الفضاء، وفي الصناعة والزراعة والطب ومختلف الموضوعات ذات العلاقة بالبشرية وحياة الإنسان، وتطوير هذه البرامج الأكاديمية والدورات التدريبية العلمية والعملية، المكرسة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء وكل ماله علاقة بهذه التخصصات، وتأثيرها على استقطاب الأجيال الشابة ودراسة هذه التخصصات، سيؤدي إلى دفع التنافسية الاقتصادية لدولة الإمارات في العقد المقبل، وتلبية الاحتياجات المستقبلية للكوادر البشرية والمجتمع». وتابع: «إن إنشاء وكالة الإمارات للفضاء ومركز محمد بن راشد للفضاء وأكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء والفلك، التابعة لجامعة الشارقة، وبعض المراكز الفضائية العلمية في جامعة الإمارات وجامعة خليفة، أدخل دولة الإمارات بقوة فائقة في مجال استكشاف الفضاء والكون، إضافة إلى استكشاف موارد الأرض الطبيعية وموارد الكون الطبيعية من الفضاء، فالمشاريع العملاقة من مثل إطلاق رائد فضاء إماراتي ومسبار الأمل واستكشاف القمر، فضلاً عن استكشاف الكون، وضعت دولة الإمارات في مصاف دول العالم المتقدم في علوم وتكنولوجيا الفضاء، وهو ما ساهم ضمن آثاره الإيجابية في تدريس عدد من التخصصات العلمية في مؤسسات التعليم بالدولة». وأشار إلى أن جامعة الشارقة ومن خلال أكاديمية الفضاء والفلك، وبالتعاون مع كلية الهندسة وكلية الطب بالجامعة، تمكنت من طرح عدد من البرامج ذات العلاقة، وهي ماجستير العلوم في علوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، وماجستير العلوم في نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، وماجستير في قانون الفضاء والجو، بالتعاون مع كلية القانون، كما أن الجامعة بصدد الاعتماد الأكاديمي لماجستير في هندسة الطيران، وبعد التخرج؛ أي ما بعد العامين المقبلين، فإنه سيتم طرح برامج دكتوراه في هذه التخصصات، حيث تعد هذه البرامج الأساس في جذب وتعليم وتدريب وتأهيل علماء المستقبل، ولاسيما بعد ظهور وتشغيل أقمار اصطناعية صغيرة لتعليم علوم الفضاء التأسيسية وتطبيقاتها التشغيلية. ولفت إلى أن الأقمار المكعبة، تم تصنيعها بدءاً بالطلبة في عدد من الجامعات العالمية، والآن أصبحت هي الأداة لطلبة الجامعات، باعتبارها أحد التقنيات التي يجب أن تدرّس في الجامعة، خاصة لارتباطها بقطاعات من مثل التطبيقات الرئيسية للاتصالات والزراعة والطب ودراسة موارد الأرض الطبيعية والصناعية، من خلال هذه الأقمار وملحقاتها، موضحاً بأن جامعة الشارقة تعمل الآن على تعليم علوم وتكنولوجيا الفضاء ضمن الآفاق الوطنية، وتفتح لذلك الأبواب لمئات من الطلبة ضمن هذه الآفاق، بما يمنح الفرصة الحقيقية لتكون الجامعات الوطنية جزءاً لا يتجزأ من رؤية واستراتيجية الفضاء. محاور فضائية أكد الدكتور المهندس خالد الهاشمي، مدير المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء بجامعة الإمارات، أن المركز يأتي داعماً لتنفيذ خطة استراتيجية الفضاء من قبل وكالة الإمارات للفضاء، حيث تم تدشينه ضمن خريطة الطريق للعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وتم تحديد مجموعة من البرامج العلمية والتقنية المحددة التي يقوم فيها المركز، ومنها 4 محاور رئيسية. وأضاف: «أول محور هو تصميم وتصنيع الأقمار الاصطناعية المصغرة التي تتراوح بين 250 إلى 350 كيلوغراماً، حيث لا ينحصر الغرض في تصنيع الأقمار، ولكن يشمل امتلاك الملكية الفكرية للأجهزة الموجودة ضمن القمر الاصطناعي، وهو ما سيتم دعمه عبر مجمع تصنيع وتركيب وفحص الأقمار الاصطناعية، والذي سيتم افتتاحه خلال شهر أكتوبر الحالي، وسيدعم عمل المجمع وجود محطة أرضية لاستقبال وتوجيه الأقمار الاصطناعية، مشيراً إلى أن المركز يعمل أيضاً لتعزيز منظومة الاستشعار عن بُعد. وأشار إلى أن أحد المشاريع التي تم إنجازها، يتمثل في الانتهاء من خريطة دولة الإمارات، وتعد أول خريطة بيئية للدولة، وسيتم تحديثها دورياً بشكل سنوي أو كل عامين، وذلك اعتماداً على مدى إمكانية الحصول على البيانات من الأقمار الاصطناعية، لافتاً إلى أن المركز يستهدف أيضاً برمجيات الأقمار الاصطناعية التي يتم توجيهها والتحكم بالأقمار، حيث يتم العمل على مشروعين بدعم وكالة الإمارات للفضاء، بغرض امتلاك الملكية الفكرية للبرمجيات التي يتم تنفيذها للأقمار المصنعة داخل الدولة. ولفت إلى أن المحور الثالث هو التحري عن المواقع، من خلال وجود مشروع يجرى حالياً لقمر اصطناعي، بالتعاون مع وكالة الإمارات للفضاء، حيث سيتم إطلاقه خلال الربع الثاني من العام المقبل، وما يميز القمر أن المركز يقوم بتصنيع وامتلاك الملكية الفكرية للحمولة، وهو ما له تأثير إيجابي على برنامج الإمارات الفضائي مستقبلاً، مشيراً إلى أن المركز يعمل أيضاً على القمر الاصطناعي 813، والذي سيتم تنفيذه بالتعاون مع عدد من الدول العربية، من خلال استقطاب مجموعة من المهندسين العرب لتنفيذ المشروع. الوضــع الراهـــن أعرب الدكتور فاروق الباز، رئيس مركز الاستشعار عن بُعد في جامعة بوسطن وعضو اللجنة الاستشارية في وكالة الإمارات للفضاء، عن سعادته البالغة برؤية التقدم العلمي والتقني لدولة الإمارات خلال العقود الماضية، والاهتمام الكبير ببناء برنامج فضائي طموح ومستدام، لا يخدم فقط دولة الإمارات، بل تمتد آثاره الإيجابية باتجاه مختلف الدول العربية، عبر ما يتضمنه من مشاريع ومهام فضائية علمية تخصصية، وما يمتلكه البرنامج من إمكانيات عبر الكادر البشري الشاب المتعلم والراغب في تلقي المعرفة العلمية. وأوضح بأن دول العالم وخبراء الفضاء ما زالوا راغبين في العودة للقمر، حيث تمت الاستفادة من رحلة «أبولو» في العديد من المعلومات العلمية، كما يوجد توجه عالمي لإرسال المركبات الفضائية لكوكب الزهرة مرة أخرى لبحث احتمالية وجود الحياة، ومواصلة إرسال المركبات باتجاه المريخ لمعرفة العلاقة بين الصحاري الموجودة في كوكب الأرض والمريخ، وتأثير ذلك على البيئة الأرضية، وهي جميعاً شواهد تؤكد أن المعرفة في الفضاء تساعدنا في فهم الأرض وبيئتها والمناطق التي نعيش فيها. واستعرض الباز عدداً من المواقف التاريخية المتعلقة بنشأة وكالة «ناسا»، مشيراً إلى أنه حين قدم للولايات المتحدة عام 1956، كان الاتحاد السوفييتي يمتلك برنامجاً فضائياً ضخماً، هو الأكبر من نوعه، بوجود قمر اصطناعي تم إطلاقه عام 1957، وهو ما دفع الرئيس الأميركي الأسبق آيزنهاور للتوجيه بضرورة توجيه التمويل نحو بناء مشروع فضائي ضخم، بالتعاون مع الجامعات ومراكز البحث، وبذلك تم إطلاق وكالة «ناسا». وأشار إلى أن دور الشباب يعد دوراً محورياً وهاماً في المشاريع الفضائية، حيث بلغ المتوسط العمري للطاقم الذي عمل على الإشراف ضمن رحلة «أبولو 11» 26 عاماً فقط، وهو الأمر الذي تطبقه دولة الإمارات حالياً، عبر اعتمادها على الشباب والجامعات في المشاريع الفضائية، وحركة التقدم العلمي والتكنولوجي الحالية، ووجود مشروع لقمر اصطناعي عربي سيسهم في تحفيز الشباب العرب على العلم والمعرفة، فقيمة الإمارات من قيمة العرب، وتقدم البرنامج الفضائي العلمي الإماراتي هو تقدم للبرنامج العربي الفضائي، نحو الارتقاء بين مصاف الدول الكبرى في القطاع ومشاركة العالم في مهام الاستكشاف. تكنولوجيا الفضاء بين د. حميد مجول النعيمي، مدير جامعة الشارقة ومدير عام مركز الشارقة لعلوم وتكنولوجيا الفضاء والفلك، أن أحد المفاهيم التي تهتم بها الجامعات حالياً، هو الذكاء الاصطناعي وتطبيقاته في مختلف وسائل تكنولوجيا الفضاء، حيث إن مسبار الأمل يتضمن بمعظمه أجهزة وتطبيقات تختص بالذكاء الاصطناعي والتقنيات الأخرى، إضافة إلى تركيز الجامعات حالياً على مفاهيم أنظمة الملاحة العالمية عبر الأقمار الاصطناعية، وتكنولوجيا الروبوتات الفضائية واستخداماتها، والحد من مخاطر الكوارث والاستجابة للطوارئ، وأنظمة الدفع الصاروخي، وإدارة موارد الأرض الطبيعية، ومراقبة البيئة وملوثاتها، وتغيرات المناخ المستمرة، وتطبيقات تكنولوجيا الفضاء في الطب والصحة، والفوائد الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية. ولفت إلى أن أكاديمية الشارقة لعلوم الفضاء، أصبحت مركزاً أساسياً لمختلف أبحاث وعلوم الفضاء للمنطقة، حيث يتمتع طلبة المدارس والجامعات بفرص مميزة لدراسة علوم الفضاء، من خلال العديد من المختبرات والمراكز البحثية، ومنها مركز أبحاث النيازك عبر شبكة الإمارات لمراقبة الشهب والحطام الفضائي، والتي ترعاها وكالة الفضاء، فضلاً عن وحدة التعلم الآلي للبحث عن النيازك، ومختبر علم الفلك الراديوي والذي يشكل مصفوفة راديوية عشريّة لأرصاد الشمس وبعض الكواكب، ومقياس التدخل اللا سلكي بطول 40 متراً لرصد الكون ومحتواه، إضافة إلى مركز نظم المعلومات الجغرافية والاستشعار عن بعد، ومختبر طقس الفضاء والغلاف الأرضي الأيوني لدراسة الغلاف العلوي المتأين الأرض، ومختبر الأقمار الاصطناعية المكعبة الذي يقوم الطلبة فيه بتطوير القمر «الشارقة سات 1»، الذي سيتم إطلاقه خلال مطلع 2021. وأوضح بأن هذا القمر عبارة عن مكعبات أشعة «اكس» لرصد النجوم والشمس في مجالات الأشعة السينية، مع كاميرا لدراسة موارد الأرض الطبيعية، كما تضم الأكاديمية مختبر الفيزياء الفلكية عالية الطاقة، المخصص للنجوم المتقاربة المتلامسة، من مثل الأقزام البيضاء والنجوم الإلكترونية والثقوب السوداء، إضافة إلى المراصد الفلكية والبصرية والرادوية، لنستخدمها في الأرصاد والتدريس والتدريب. مستهدفات قال فهد المهيري المدير التنفيذي لقطاع الفضاء في وكالة الإمارات للفضاء بالإنابة، إن الإمارات تستهدف أن تكون المجموعة العربية للتعاون الفضائي، بوابة لإطلاق وكالة فضائية عربية، بالاستفادة من الخبراء والمتخصصين العرب، بغية بناء برامج فضائية عربية مستدامة تخدم المنطقة، وهو ما يتوافق مع رؤية دولة الإمارات وتوجهاتها من برنامجها الوطني، حيث إن إمكانيات الإمارات، بالإضافة لإمكانيات العرب، ستؤدي إلى تقديم مردود علمي مهم للمنطقة ككل. وقال الدكتور المهندس خالد الهاشمي، عن مستجدات اختيار المهندسين العرب ضمن مشروع القمر الاصطناعي العربي: «إنه تم تحديد معايير لاختيار المهندسين من قبل المجموعة العربية للتعاون الفضائي، وسيتم خلال شهر أكتوبر الجاري، الانتهاء من القائمة النهائية وفرز واختيار المهندسين، والذين ستتم معاملتهم كموظفين في المركز الوطني لعلوم وتكنولوجيا الفضاء، وستكون لهم مهام علمية ضمن الفرق التي تعمل بالمركز، وسيشاركون في تقديم ونقل المعرفة ضمن تصميم وتصنيع وتحليل بيانات القمر الاصطناعي»، مشيراً إلى أن المشروع سوف يكون داعماً لمشاريع المجموعة العربية للتعاون الفضائية مستقبلاً، لمعرفة أفضل الآليات والمنهجيات العلمية والعملية التي سيتم تنفيذها خلال تطبيق المشاريع الفضائية المقبلة. وأوضح الدكتور حميد مجول النعيمي، أن «الشارقة سات 1»، قمر اصطناعي مكعب تم تصنيعه من خلال مجموعة من طلبة جامعة الشارقة ومعظمهم من الكفاءات الوطنية، حيث تم استكمال جاهزيته للإطلاق خلال مطلع العام المقبل، كما تم تجهيز قمر اصطناعي احتياطي آخر للقمر الأول، لافتاً إلى أنه تم تزويده بكاميرا صغيرة لرصد موارد الأرض الطبيعية، وسيعمل على رصد الأشعة السينية من الشمس للقيام بالدراسات العلمية البحتة. وقال المهندس عامر الغافري: «إن مشاريع وبرامج الفضاء شهدت نقلة نوعية في الدولة خلال السنوات الـ 15 الماضية، وهو ما تزامن مع توجه الشباب للاهتمام والتركيز بالعلوم والتنقيات والرياضيات وعلوم الفيزياء، حيث يتميز برنامج الفضاء الوطني بمشاركة الشباب، وخاصة النساء اللواتي يشكلن 80% من إجمالي الفريق العلمي لمسبار الأمل، وهو ما سيؤدي إلى استمرارية القطاع واستدامته خلال السنوات المقبلة. وبين الدكتور فاروق الباز، أن برنامج الإمارات الفضائي وصل إلى مكانة متقدمة عالمياً تحظى بالاحترام الدولي، نظراً للاعتماد على الكادر البشري الشاب والوجود الفاعل للعنصر النسائي، بما يستهدف توظيف النتاج العلمي والفكري للرجال والنساء معاً، ووجود الرؤية الطموحة تجاه مشاريع برنامج الإمارات الفضائي، من خلال التوجه إلى التصنيع وإيجاد مراكز الأبحاث التي تضم الجامعات والطلبة إلى البرنامج الفضائي.
مشاركة :