بتروفاك البريطانية تنسحب من تونس نهائيا

  • 6/29/2018
  • 00:00
  • 3
  • 0
  • 0
news-picture

أكد محللون أن قرار شركة بتروفاك البريطانية للطاقة تعليق نشاطها في تونس نهائيا يمثل ضربة قاسية لجهود الحكومة التونسية التي تحاول تحريك عجلة النمو عبر الترويج لمناخ الأعمال المستقر لجلب المزيد من الاستثمارات الأجنبية. تونس - أعلنت مجموعة بتروفاك النفطية البريطانية أمس، أنها قررت مغادرة تونس بشكل نهائي، في خطوة يقول خبراء إنها تختزل فشل الحكومة في الحفاظ على استثمارات إحدى أقدم الشركات الأجنبية في البلاد. وقالت الشركة في بيان إنها اضطرت لبيع حصتها البالغة 45 بالمئة في حقل “الشرقي” الواقع في جزيرة قرقنة التابعة لولاية صفاقس جنوب البلاد، والذي تديره المؤسسة التونسية للأنشطة البترولية، بسبب توقف نشاطها قبل مدة في تونس. ويظهر هذه الإعلان أن الشركة سئمت الأوضاع المضطربة في تونس والتي جرّت بتروفاك لتكبد خسائر مضاعفة، في ظل ارتفاع تكلفة الاستثمار التي سببها تراجع أسعار النفط في الأسواق العالمية منذ منتصف 2014. ويؤكد خبراء تونسيون أن إغلاق الشركة سيمثل ضربة مالية أخرى للبلاد، في الوقت الذي تقوم الحكومة بقيادة يوسف الشاهد بحزمة تدابير عاجلة لتوفير الوظائف والمضي قدما في إصلاحات اقتصادية وتعزيز النمو الذي تدهور بشكل مقلق في السنوات السبع الأخيرة. وتخلت الشركة البريطانية عن حصتها لصالح الشركة الفرنسية-البريطانية (بيرنكو) ولكن لم تكشف عن حجم الصفقة. وقال المدير المالي للشركة ألستر كوشران، إن “هذه الصفقة توضح أننا ننفذ استراتيجيتنا الواضحة المتمثلة في التركيز على جوهر نشاطنا والحد من الإنفاق”. ووفقا لبيان الشركة فإن “جميع عمال حقل الشرقي البالغ عددهم 1200 سيتحولون للعمل مع بيرنكو في إطار الاتفاق الذي سيتم إقراره قبل نهاية العام الحالي”. 13 بالمئة من حجم الطلب على الغاز كانت توفره شركة بتروفاك التي دخلت السوق التونسية قبل 15 عاما وأوقفت المجموعة نشاطها مرارا في العامين الماضيين جراء احتجاجات اجتماعية رغم تدخل الدولة ومنظمات المجتمع المدني ولوّحت بالخروج من تونس. وقال عماد درويش، مدير عام بتروفاك تونس العام الماضي، إن الشركة قررت إيقاف نشاطها نهائيا ومغادرة البلاد بسبب إقدام شخص على منع شاحنات الشركة من التنقل أمام أنظار السلطات، التي لم تفرض تطبيق القانون. وبدأت أزمة بتروفاك مطلع 2016 مع توقف برنامج مؤقت كان قد اعتمد بعد عام 2011، يموّل قسمه الأكبر الشركة البريطانية انطلاقا من مسؤوليتها الاجتماعية. وكان يتم وفق هذا برنامج توظيف أصحاب شهادات علمية في مؤسسات عامة مع تقاضي رواتب من شركات نفطية عن طريق الدولة، لكن دون حصولهم على عقود أو تأمين أو راتب تقاعدي. وأشارت بتروفاك في بيانها إلى أنه في ظل الظروف التي مرت بها لم يعد بمقدورها تمويل البرنامج ودعت الحكومة التونسية لتحل مكانها. وتدخلت الحكومة العام الماضي لحل المشكلة بعد أن هددت بتروفاك بتعليق نشاطها نهائيا في البلاد بعد موجة من الاحتجاجات عطلت إنتاج الغاز في حقل الشرقي. وطالب الاتحاد العام التونسي للشغل، أكبر نقابة عمال بالبلاد، حينها، الحكومة والمسؤولين في بتروفاك والعاطلين عن العمل بتفاعل إيجابي أكثر لحل تلك الأزمة التي تسيء لمناخ الأعمال التونسي. وتعاني تونس من صعوبات مالية كبيرة رغم عودة العديد من القطاعات للتعافي مثل قطاعي السياحة والفوسفات، وقد فاقمت الأوضاع التي عاشتها في السنوات الماضية من لجوئها إلى الاقتراض الخارجي لتغطية العجز. ألستر كوشران: الصفقة توضح أننا ننفذ استراتيجيتنا التي تركز على خفض الإنفاقألستر كوشران: الصفقة توضح أننا ننفذ استراتيجيتنا التي تركز على خفض الإنفاق ويأتي قرار بيتروفاك بيع حصتها ف يحقل الشرقي وتونس تواجه مشاكل اقتصادية صعبة للغاية مع ارتفاع التضخم وعدم الاستقرار السياسي الذي خلف موجة من السخط بين الأوساط الشعبية والاقتصادية لتأخر عمليات الإصلاح التي تعهدت بها الحكومة. ويرى محللون أن من بين المشكلات التي تطرحها مغادرة بتروفاك التي بدأت نشاطها في البلاد قبل 15 عاما مشكلة تزويد البلاد بالطاقة، فالعمل في القطاع سيكون صعبا لبقية الشركات. وتواجه شركات الطاقة الأجنبية صعوبات كثيرة لأن هذا القطاع غير مربح، فتونس ليس لها نشاط طاقي كبير، وهو ما سيجعل وضعية تأمين حاجيات البلاد من الطاقة أمرا صعبا. وإلى جانب بتروفاك، تستثمر ثلاث شركات نفطية أخرى في حقول للغاز في سواحل قرقنة وهي ميسكار وعشتارت و“تي.بي.أس”، لكن في الإجمال هناك 25 شركة تونسية وأجنبية تعمل في قطاع الطاقة بالبلاد بينها إيني الإيطالية في برج الخضراء بأقصى الجنوب. وكانت شركتا وينستار الكندية وأو.أم.في النمساوية قد انضمتا إلى بتروفاك، التي توفر نحو 13 بالمئة من احتياجات تونس من الغاز، وأعلنتا عن تعليق أنشطتهما البترولية في الحقول التي تديرها جنوب البلاد بسبب تفاقم الاحتجاجات في العام الماضي. وعلقت وينستار في 2015 نشاطها بشكل نهائي بحقل صنغر في صحراء تطاوين على خلفية مطالبة العمال بزيادة الأجور خلال احتجاجات نظموها آنذاك، وهو ما رفضته إدارة الشركة. وتعمّقت متاعب الاقتصاد التونسي بعد أن أعلنت أو.أم.في تعليق نشاطها بسبب الاحتجاجات. وبات قطاع النفط والغاز نقطة محورية للتعبير عن الغضب وخاصة في الجنوب الفقير حيث تقع معظم حقول النفط، في حين يطالب السكان في الولايات الداخلية بالمزيد من الاستثمارات وفرص العمل وتحسين مستوى العيش والحد من الفقر وارتفاع الأسعار.

مشاركة :