الحوار يُبدد الخوف المجهول

  • 6/30/2018
  • 00:00
  • 1
  • 0
  • 0
news-picture

من يمارسون الإقصاء والتوحش  والكراهية والعنف المجتمعي  هم فئة ضلت الطريق  وخرجت من عباءة الإنسانية  نحتاج أن تكون لغة تخاطبنا معروفة والتعامل مع من نختلف معهم بصدق وحسن الظن  نحن كبشر نعيش في زمن  التحولات الطبيعية للحياة قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ولا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ )اية 30 سورة فصلت.حياة كل منا مليئة بالصعاب ولا يعرف حجمها ومعاناتها إلا من يدرك حجم المسؤولية الفردية والمجتمعية، ونحن كبشر نعيش في زمن التحولات الطبيعية للحياة التي نعيشها بتفاصيلها اليومية على جميع المستويات بضميرٍ غائب وضميرٍ مستتر وضميرٍ منفصل أهلك صاحبه وضمير متصل وضميرٍ واعٍ مجتمعي، وذلك ثمرة نتاج تجارب البشر وخبراتهم ومعاناتهم في بناء رحلة الفكر والثقافة والنمو المجتمعي والبناء الوجودي والتواصل المعرفي والاجتماعي والثورة المعلوماتية والتطور الاقتصادي تُكشف لنا مفاتيح... لبلوغ الأهداف من خلال التفاعل في بناء حوار قيمي انساني لقوى بشرية تُبدد الخوف من المجهول وتساهم في صناعة التغيير والحد من التصرفات السلبية وخلق حلول للمشكلات المجتمعية بالتواصل مع كافة شرائح المجتمع ونبذ التطرف ومعالجة الفكر المتطرف والمتنمر ومن هو احادي الرأي والتوجه ويعتقد أنه فقط وحده على الحق، وامتصاص المواقف المتشنجة وعدم التهور بردود الأفعال تجاه من يشير لك بالتشكيك في قيمك الدينية والوطنية ليتغلغل من خلالها في هدم الوحدة المجتمعية.مع علمنا أن من يمارسون الإقصاء والتوحش والكراهية والعنف المجتمعي هم فئة ضلت الطريق وخرجت من عباءة ومظلة الإنسانية وأسقطت أسماءهم من العقلاء إلى مستوى دون ذلك، فهم عديمو التفكير والضمير وغير عاملين بالعدل الإلهي ضعفاء النفوس سقطوا في حبائل الشيطان لتحقيق مآرب ذاتية دنيوية.من هنا جاءت أهمية مبدأ الحوار وكتابة هذه السطور لعوامل تمازجت وتآلفت من خلال الواقع والقراءة والإلمام ببعض مما كتب، وبعضه من خلال التجارب وممارستي للتدريب وقربي من طلاب المرحلة الثانوية في مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني من خلال برنامج (نسيج) الذي يهدف لنشر قيم الحوار والتسامح والتراحم ويدعو للوسطية والتعايش والتفاهم واحترام الآخر.نعم نحتاج أن تكون لغة تخاطبنا معروفة والتعامل مع من نختلف معهم بصدق وحسن الظن لوجود مشتركات أبجدياتها:اولا - التوحيد: إن كل من نطق بالشهادتين فهو مسلم بحمد الله وإن كل مسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه.فكيف يحل لي وصفه وقذفه وتوجيه أصابع الريبة والاتهام له، وممارسة التنمر والعنف والتوحش اللفظي وغير اللفظي عليه. علماً أن هذا الامر هو طريق للتنافر والتباغض والتناحر والتفرقة والتصحر والقطيعة المجتمعية.ثانيا - الكرامة: هي تجسيد للفكر الإنساني والقيم السماوية والإقرار بواقعية كرامة الإنسان وهي شرط أساسي لضمان حقوقه وتحقيقها بالحوار والاحترام والتقدير والتفاهم والمساواة بين جميع مكونات المجتمع لقوله تعالى: (ولقد كرمنا بني آدم ) ولم تشر الآية إلى التخصيص على أن يكون مسلماً أو من أهل الكتاب إنما جاءت بصيغة الاطلاق بني آدم وهذا هو العدل الإلهي، وفي ذات الصدد ما يروى عن أمير المؤمنين علي بن ابي طالب- عليه السلام-: «الناس صنفان إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق».ثالثا - المواطنة-: من أدبياتنا الدينية، الحديث المروي عن رسول الله «صلى الله عليه وسلم»: «المسلمون شركاء في ثلاث (الماء- والكلأ- والنار)، وقوله: (الناس سواء كأسنان المشط، وإنما يتفاضلون في العبادة)، وقوله: (كلكم بنو آدم، وآدم من تراب)، وهي تُشير إلى المساواة في القيمة المعنوية للإنسان.وتطرح دراسة حديثة قدمها داون أوليفر وديريك هيتر المواطنة على أنها تجسيد لنوع من الشعب يتكون من مواطنين يَحترم كل فرد منهم الفرد الآخر، ويتحلون بالتسامح تجاه التنوع الذي يَزخر به المجتمع، وأن يُعامل القانون على قدم المساواة كل الذين يعتبرون بحكم الواقع أعضاء في المجتمع، بصرف النظر عن وجود التنوعات العرقية والدينية والثقافية التي ينتسبون إليها.التضامن: عنوان أساسي ودافع لتشكيل وعي معرفي والعمل لسد الثغرات والاختلافات وتماسك أبناء الوطن بالقيم السامية وتحمل المسؤولية تجاه الوطن والمجتمع، وعدم الإلقاء باللوم على الآخرين وهو مسار انساني وتشريع إلهي لقوله تعالى: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) المائدة:2 والعمل به يشير إلى رفعة الوطن والمجتمع ويؤسس قواعد توطيد أواصر الاخوة والمحبة بين أبناء الوطن كما أن التضامن والتعاون يسهم في رفع معاناة المعوزين بالسعي إلى تقليص الفوارق الاجتماعية والمالية المجحفة وإشاعة الوعي والتآزر والتكافل الاجتماعي بوجود حالة من التماسك والترفع عن الخلافات واشاعة دفء اجتماعي ملموس، قال الرسول»صلى الله عليه وسلم«مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى»، وقال الله تعالى: (إنما المؤمنون إخوة) في سورة الحجرات آية10.يعد هذا السرد الموجز رؤى عابرة للأديان والثقافات والتوجهات الدينية والحضارية، وهو يحتوي على دعوة لتعزيز وتفعيل الحوار والتعايش والتسامح لوجود الكثير من المشتركات ونقاط التقارب ويمكنها ان تشكل منصة توافق لحوار مبني على التعددية ومد جسور التواصل لبناء مستقبل الأجيال القادمة، وان الطريق للإصلاح تتجلى غاياته ومقاصده كمنظومة متكاملة ترتكز على قواعد رافعة له لضمان الوصول للأهداف النبيلة.* كاتب من السعودية

مشاركة :