أين جماعة «الإخوان» الآن بعد 5 سنوات من إطاحتها من السلطة في مصر؟ وماذا تفعل قياداتها الهاربة والباقية خارج السجون؟ ماذا عن حراكهم السياسي في الشارع؟ أسئلة وجهناها إلى متابعين متخصصين في شؤون الحركات الإسلامية في مصر بمناسبة الذكرى الخامسة لـ«ثورة 30 يونيو (حزيران)»، التي أطاحت بحكم جماعة «الإخوان» المُصنفة اليوم تنظيماً إرهابياً في مصر. والتقت الإجابات على اعتبار أن «الجماعة باتت بلا أنياب» وعلى أن «بنيتها التكوينية تنهار». ومن جهة ثانية، قال أحد الخبراء الذين تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، إن «جهود الجماعة الآن ترتكز على رعاية السجناء وأسرهم ومحاولة إشاعة حالة من اليأس لدى المصريين». أعلنت الحكومة المصرية جماعة «الإخوان المسلمين» تنظيماً إرهابياً في أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2013، ومن ثم لم يعد لها مقر للقيادة، وصارت جميع مقراتها تخضع للحكومة. كذلك قضت محكمة القاهرة للأمور المستعجلة خلال العام نفسه بحظر جميع أنشطة «الإخوان»، وأي مؤسسة متفرعة عنها أو تابعة لها، أو تتلقى منها دعماً مالياً. من جهة أخرى، تقبع غالبية قيادات «الإخوان» راهناً داخل السجون، بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي، والمرشد العام محمد بديع، ونائباه خيرت الشاطر ورشاد البيومي، والقياديان البارزان محمد البلتاجي وعصام العريان، والآلاف من الأعضاء. بيد أن الجماعة، تسعى بعد 5 سنوات «خلف القضبان» للتماسك والعودة إلى المشهد السياسي عبر «مُبادرات صلح» مثيرة للجدل، كما تهدف إلى لم شتاتها، عقب إزاحتها من السلطة، إثر مظاهرات حاشدة ضد حكم مرسي. أحمد بان، الخبير في شؤون الحركات الإسلامية، قال لـ«الشرق الأوسط» في لقاء معه: «لم يؤثر حدث في الإخوان كما أثرت ثورة 30 يونيو التي خلعتهم من الحكم، وكان من ضمن هذا الخروج تشظي الجماعة، ولم تقف الأحداث عند هذا الحد؛ بل تجاوز الخلاف حول جملة المقولات التأسيسية للجماعة، لتغيير شكل الجماعة التي كنا نعرفها قبل 30 يونيو عام 2013 ومع ثورة 25 يناير (كانون الثاني) 2011». وتابع بان شرحه: «هناك انهيار في البنية التكوينية للجماعة. إذ إنها تشظت إلى 3 مجموعات؛ الأولى مجموعة ما زالت تحلم باستعادة شكل الجماعة القديم، كجماعة شاملة تعمل في الدعوة والسياسة والتجارة، وتناوش من وقت لآخر للوصول إلى الحكم كلما سمحت الظروف بذلك. ومجموعة ثانية راهنت على فكرة العنف واقتربت من تنظيمات متطرفة مثل (داعش) لتنفيذ ذلك، وظهر هذا بقوة مع مجموعة القيادي الإخواني محمد كمال (مؤسس الجناح المسلح للجماعة ولجانها النوعية. ولقد قتل كمال في أكتوبر/ تشرين الأول عام 2016)، وتعد حركة حسم أحد إفرازات العنف. فضلاً عن مجموعة ثالثة لا ترى خيراً في المجموعتين السابقتين، وترى أن الجماعة يجب أن تُحل». ما يستحق الإشارة أنه عقب وصول الجماعة إلى الحكم وخروجها منه، كانت هناك أجنحة لم تقبل هذا الخروج، وبالتالي، ظهرت مجموعة «العمليات النوعية» بقيادة محمد كمال، وظهرت أيضاً في ذلك الحين «حسم». وسبق أن رفع شعار «حسم» مجموعات تابعة للجان نوعية تشكلت من شباب الجماعة بعد فض اعتصامين لأنصار الجماعة في ميداني «رابعة العدوية» بضاحية مدينة نصر شرق القاهرة، و«النهضة» في الجيزة بغرب القاهرة خلال أغسطس (آب) عام 2013. ولفت بان، إلى أن «جهود الجماعة الآن تركز على رعاية السجناء وأسرهم، ومحاولة إشاعة حالة من اليأس لدى المصريين، واللعب على ورقة الأسعار والرهان عليها، فـ(الإخوان) الآن في دائرتي الانتظار و(الكمون) لانطلاقة جديدة». - جبهتا كمال وعزت من جانبه، قال صلاح الدين حسن، الباحث في شؤون الحركات الإسلامية، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إنه في الوقت الراهن فإن وضع الجماعة «غير معروف للباحثين والمتابعين لشأنها الهيكلي التنظيمي الحالي، وغير معروف من هو مرشد الجماعة أو القائم بأعمالها، وغير معروف مجلس الشورى الجديد لها، وذلك لأن غالبية مجلس الشورى القديم في السجون». وتابع: «بطبيعة العقل التنظيمي للجماعة تحاول كل فترة تكوين مكاتب إدارية في محافظات مصر أو مكتب تنفيذي يحل محل مكتب الإرشاد، لكن الأمن وجه ضربات لهذه الهياكل الجديدة، فالجماعة في حالة (هرجلة تنظيمية) داخل مصر، وتعرّضت بعد 30 يونيو وظهور التنظيمات المسلحة إلى حالة من الانشطار. هناك مَن كان يؤيد فكرة العنف مثل محمد كمال، وهناك جبهة محمود عزت، نائب المرشد (هارب) التي كانت على خلاف كبير مع جبهة كمال، واتهمته بأنه يحاول السيطرة على الجماعة ويسعى لأن يكون المرشد الجديد ما أدى إلى إضعاف الجماعة، فضلاً عن مساعٍ من جبهة كمال للاستحواذ على نسبة كبيرة من عناصر الإخوان، مثل الادعاء بأن 70 في المائة من عناصر الجماعة انحازت لجبهة كمال». وفي حين يشير مراقبون إلى أن «القاسم المشترك بين الجبهتين (كمال وعزّت) أن قياداتهما هاربون للخارج، ويقيمون ما بين تركيا وقطر ودول أوروبا مثل بريطانيا والنمسا»، يلفت صلاح الدين حسن إلى أن التنظيمات المنبثقة عن «الإخوان» الآن تعرضت لضربات شديدة استفادت منها جبهة عزت. وبالتالي، تحاول مع وجود أجهزة مخابرات خارجية السيطرة على عمليات العنف داخل مصر، لماذا؟ لأن لديها وجهة نظر أن الاستمرار في القتال المسلح سوف يقضي على «الإخوان» إيماناً منها ببقاء التنظيم في المشهد... لكن الجماعة تعاني من «الهرجلة» في الداخل والخارج، واعتمدت على إحداث نوع من الصخب والمعارضة، حتى لا تتعالى صيحات النقد لقيادات الجماعة التي تسببت في إلقاء قيادات الصف الأول والشباب في السجون بسبب الصدام مع الدولة المصرية. ويستطرد حسن في شرحه قائلاً إن الجماعة «تحاول الآن الخروج من (النفق المظلم)، وليس لديها الآن مجال للدخول في مفاوضات مع الدولة، لأن السلطات المصرية تشترط أن تكون المفاوضات من دون شروط. والجماعة إلى وقت قريب كانت ترفض ذلك، إلا أنها وافقت أخيراً على ذلك، لكن مصر لا تريد أن تعتبرهم جزءاً من الوطن، بل تريد أن يعودوا مواطنين شرفاء». وعقب «30 يونيو» وما تلا ذلك من أحداث تراجعت جماعة الإخوان خطوة إلى الخلف لتعمل من داخل «تحالف دعم الشرعية» وتحت مظلته، لكسر عزلتها الشعبية حينها، والتأكيد على وجود انقسام بين القوى السياسية في البلاد حول حقيقة ما جرى في يوليو (تموز) بعد عزل مرسي، لكن سرعان ما فشل هذا التحالف. - قيادات الجماعة وعن قيادات الجماعة الباقية، قال أحمد بان إن «جبهة محمود عزت ما زالت موجودة ككتلة لا يتجاوز عددها 15 في المائة من الصف الإخواني، فضلاً عن القيادات التي سيطرت على مكاتب الإخوان في ربوع مصر». وهنا يشير حسن إلى أن «مكان محمود عزت غير معروف، والبعض يقول إنه في تركيا... وهناك قيادات لم تكن معروفة إعلامياً وكانت في المكاتب الإدارية بالمحافظات في الصفوف الثالثة والرابعة وهي الموجودة الآن، والأمن نجح في تفكيك هذه المكاتب»، لافتاً إلى أن جموع الإخوان خارج السجون يمارسون حياتهم الطبيعية وفي حالة «كمون» كبير، وبعضهم يسعى لتوفير نفقاته الأسرية، والبعض الآخر يحاول الاستجابة لأوامر قياداته ويتعرضون للتوقيف والسجن. - إعلام الخارج وحول الإعلام الإخواني في الخارج، قال صلاح الدين حسن: «بعد هروب عدد كبير من الإخوان للخارج، فكرت الجماعة في إنشاء فضائيات، لكنها واجهت الإغلاق بسبب المعاناة المالية، وبعض القنوات مثل (الشرق) اشتراها أيمن نور وتعتمد على خطاب إعلامي متطرّف، وتعاني من أزمات مالية. وبالمناسبة الجماعة تدّعي أنها لا تمتلك هذه القنوات مباشرة، وتعتمد فقط على فضائيات ومواقع تحتضن خطابها فقط، وترى الجماعة في هذا الصدد أنها ليست في حاجة لأن تمتلك قنوات إعلامية حتى لا تتحمل مواردها الكثيرة». أما أحمد بان فيتهم الإعلام الإخواني في الخارج بأنه «عبارة عن مساحة للارتزاق، فهم مجموعات خرجت من مصر ولم يعد لديها ما تخسره، ومتمسكة به عبر هذه المعارضة العابرة للحدود». ويشار هنا إلى أنه طيلة الوقت كانت «الإخوان» لا تمتلك وسائل إعلامية بشكل مباشر، حتى قبل «25 يناير»، ما دام أن هناك من يستطيع تبني خطابها الإعلامي. وقبل أيام أدرجت محكمة مصرية إعلاميين موالين لـ«الإخوان» مقيمين خارج مصر؛ هم معتز مطر ومحمد ناصر وحمزة زوبع ووجدي غنيم على قوائم التنظيمات الإرهابية... واتهمتهم المحكمة بتشكيل «جناح تنظيمي» للجماعة عبر حركة «حسم» يتكون من 3 لجان؛ الأولى تضطلع بمسؤولية العمل النوعي المسلح داخل البلاد، والإشراف على مجموعات الرصد وجمع المعلومات وإعداد وتصنيع العبوات الناسفة، وأساليب الاغتيالات وحرب المدن ومجموعات التنفيذ. والثانية اللجنة المالية التي تتولى الدعم المالي واللوجيستى لعناصر التنظيم. والثالثة اللجنة الإعلامية التي تتولى التغطية الإعلامية للتنظيم وتشكيل خلايا لجان إعلامية وإلكترونية تعمل بشكل فردي سرّي تلافياً للرصد الأمني، وتضطلع بنشر الأخبار الكاذبة والمغلوطة لإثارة وتحريض المصريين على التجمهر. - النصر على «حسم» في سياق موازٍ، خلال فبراير (شباط) الماضي، أدرجت الولايات المتحدة الأميركية حركتي «حسم» و«لواء الثورة» على قائمة المنظمات الإرهابية... وسبق هذه الخطوة قرار بريطاني في ديسمبر الماضي بإدراج الحركتين على قائمة الإرهاب، وهو القرار الذي أرجعته بريطانيا لثبوت إدانتهما بالاعتداء على أفراد الأمن المصريين والشخصيات العامة. وكانت حركة «لواء الثورة» قد أعلنت عن ظهورها الأول في مصر خلال أغسطس 2016، عقب تبنيها الهجوم على كمين العجيزي في مدينة السادات بمحافظة المنوفية في دلتا مصر... وتحت شعار على هيئة رشيش «كلاشنيكوف» متبوعاً بعبارة «بسواعدنا نحمي ثورتنا»، أعلنت الحركة عن نفسها في يناير عام 2014. وعلى الرغم من أن «حسم» وصفت نفسها في البداية بأنها «حركة ثورية» تهدف إلى استعادة روح ثورة 25 يناير، فإنها سرعان ما تحوّلت إلى حركة دموية، وعدلت عن رؤيتها وتبنت أعمالاً تخريبية وعمليات اغتيال. ويقول مراقبون متابعون إن جماعة «الإخوان» كانت قد اعتمدت منذ نشأتها على التنظيمات السرية للتخلص من خصومها... و«حسم» و«لواء الثورة» محاولتان من «التنظيم الخاص» لـ«الإخوان» لمحاربة مؤسسات الدولة في مصر وضباط الشرطة والجيش. من جهته، قال عمرو عبد المنعم، المتخصص في شؤون الحركات الإسلامية لـ«الشرق الأوسط»، إن هناك فارقاً بين «لواء الثورة» و«حسم»... فـ«لواء الثورة» كانت تستهدف رجال السلطة القضائية كرد فعل على الأحكام التي تصدر بحق قيادات الجماعة خصوصاً الهاربين في الخارج، فضلاً عن شنها عمليات انتقامية من بعض أمناء الشرطة، وعناصرها درسوا كتاب «دليل المقاومة» واعتمدوا على «البلاغات الكاذبة» لإرباك السلطات وإثارة الانفلات الأمني. أما عن «حسم»، فقال أحمد بان إنه «بالنظر إلى المفردات التي استخدمتها الحركة في بدايتها، فإنها لم تخرج عن نطاق تعابير مثل (الثورة والثأر). وكان يبدو أنها لا تنتمي للتنظيمات المتشددة الأخرى التي تنادي بتطبيق الشريعة كـ(ولاية سيناء) مثلاً، فخطابها يتطابق منذ البداية مع خطاب الإخوان... و(حسم) اختارت أهدافاً رخوة مثل استهداف كمين أو مرتكز أمني، لكن أبرز عملياتها تمثلت في محاولتي اغتيال النائب العام المساعد ومفتي مصر السابق علي جمعة». وعن عمليات «حسم» و«لواء الثورة» الآن، قال صلاح الدين حسن، إن «مؤشر عملياتها تراجع. إذ مرّ فترة عام ونصف العام لم تقم خلالها بتنفيذ عمليات داخل مصر، وذلك يدل على نجاح الأمن المصري في توقيف عناصرها». - يونيو... الاستقرار في العام الماضي، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في كلمة للمصريين بثها التلفزيون الرسمي بمناسبة ذكرى «30 يونيو» الماضية، إنه بعد سنوات بات صوت مصر مسموعاً، ورؤيتها لإعادة الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط موضعاً للتقدير ومحلاً للتنفيذ، وظهرت النيات التي كانت مستترة من بعض الأشقاء (لم يسمِّهم السيسي) وغير الأشقاء على حقيقتها. ثم أضاف: «في مثل هذه الأيام انتفض المصريون بأعداد غير مسبوقة ليسطّروا ملحمة وطنية فريدة عمادها الحفاظ على الوطن، أرضه وهويته واستقلاله وحريته، من قوى تصورت أنها نجحت في السيطرة على مقدرات هذا الشعب». وتوقف السيسي في كلمته عند مسارين؛ الأول رفض الحكم الفاشي الديني، ورفض الاستئثار بالسلطة، ومواجهة ما يترتب على هذا الرفض من إرهاب وعنف، إذ أعلنت الثورة منذ البداية أن شعب مصر لا يقبل ولن يقبل سطوة أي جماعة أو فئة، وأن الدين لله والوطن للجميع، فرفضت مصر الرضوخ للإرهاب، سواء المادي أو المعنوي، وأمر الشعب قواته المسلحة وشرطته بمواجهة الإرهاب والقضاء عليه. وأردف: «أما المسار الثاني الذي فرضته الثورة، فكان مواجهة القوى الخارجية الداعمة للإرهاب وجماعات التطرف (لم يسمها)، فكانت الثورة بداية لاستعادة مصر لدورها الإقليمي النشط، ومواجهتها للدول التي تسعى في المنطقة خراباً عن طريق تمويل ورعاية الإرهاب وجماعاته»... وسبق أن أعلن عدد من الدول في مقدمتها المملكة العربية السعودية ومصر والإمارات والبحرين قطع العلاقات الدبلوماسية مع قطر لتمويل الجماعات الإرهابية. ... بلا حراك أما عن حراك «الإخوان» الميداني في الشارع، فقال أحمد بان إن «القائمين على القنوات الفضائية في الخارج يعتمدون على التقاط صورة من شارع خلفي أو حارة أو زقاق في مصر، يتم التقاطها ثم تطييرها إلى القنوات لإظهار أن هناك حراكاً، لكن الحراك هو محض أوهام في هذه الأبواق الإعلامية، والواقع يقول إنه لا وجود لأي حراك على الإطلاق». ويوافق صلاح الدين حسن على ذلك قائلاً: «لقد فشلت الجماعة تماماً داخل مصر في أي حراك... ومنذ عام 2015 ليس هناك أي حراك احتجاجي، ولم يعد ذات جدوى، وتم رفضه شعبياً قبل أن يُرفض من قبل الدولة، فكان الحراك وقتها من جانب الجماعة فقط، ولم ينضم لها أي شرائح أو تيارات أخرى من المجتمع، وباتت (معزولة)». وحول مصادر تمويل «الإخوان» الآن، قال حسن: «في الداخل هناك نوع من التكافل بين العناصر الإخوانية، نسبة تُدفع للجماعة مثل السابق، ولجان سرّية تتشكل لمساعدة الفقراء في الجماعة، لكنها بشكل محدود للغاية... أما التحويلات الخارجية فباتت صعبة، ذلك أن الإخوان في حالة مُزرية للغاية، وهم متروكون لأنفسهم في مسألة الدعم، وكل عضو يحاول أن يكفيه دخله الشهري، ولم يعد للإخوان اقتصاد بعد أن تم تجفيف مصادرها... وأيضاً عناصرها في الخارج تعاني من ضائقة مالية». - مُبادرات «جس النبض» للمُصالحة > بين الحين والآخر، تتبنى أطراف من قيادات «الإخوان» في الخارج طرح مبادرات، في محاولة لأخذ يد الجماعة للعودة إلى المشهد السياسي. آخر المبادرات كانت ليوسف ندا، المعروف بأنه المفوّض السابق للعلاقات الدولية لـ«الإخوان»، وهي دعوة وجهها لمرسي من قناة «الجزيرة» القطرية، بالتخلي عن مطالبته بالحكم - على حد زعمه بأحقيته في شرعية الحكم - . وقبله إبراهيم منير، نائب مرشد «الإخوان» الذي قال في مبادرة له، إن «الجماعة مستعدة للتفاوض مع النظام المصري وفقاً لشروط على رأسها إطلاق سراح السجناء وبينهم مرسي»... فضلاً عن مبادرة للمصالحة أطلقها القيادي المنشق عن «الإخوان» كمال الهلباوي، لكنه اعتذر عنها في وقت لاحق. من جانبه، قال عمرو عبد المنعم، إن «تلك المبادرات الإخوانية مجرد (بالونات اختبار) وعمليات جسّ لنبض الحكومة المصرية كمحاولة لإنجاح فكرة المصالحة، ويطلقها قادة الإخوان من وقت لآخر»، مضيفاً أن «هذه المبادرات والدعوات تزيد من كراهية المصريين للجماعة». وفي يناير الماضي، قال السيسي عن إمكانية الإفراج عن عناصر «الإخوان»: «نضطر إلى الحزم في التعامل مع من يهدد مصر بالإرهاب... تلك الجماعات هي من بدأت بالخراب والدمار وتسعى لهدم الدولة، ونحن لم ولن نتركهم، وذلك للحفاظ على الدولة»، بعدما أكد أن موضوع المصالحة يبقى بيد الشعب المصري وليس بيد أي سياسي. - ضربات استباقية للأمن المصري خاضت وزارة الداخلية المصرية على مدار السنوات الخمس الماضية حرباً مع الأذرع المسلحة لجماعة الإخوان عبر الضربات الاستباقية. وقالت مصادر في وزارة الداخلية إن «أجهزة الأمن نجحت في توجيه ضربات استباقية خصوصاً في المناطق الملتهبة، مثل سيناء، باستهداف العناصر المتطرفة قبل ارتكابها أي أعمال تخريبية تستهدف أمن واستقرار البلاد، فضلاً عن الحملات الأمنية لاستهداف المساكن المؤجرة التي يستخدمها (الإرهابيون) أوكاراً لإدارة أعمالهم الإرهابية، ومعامل لتصنيع المواد المتفجرة في بعض الأحياء الشعبية». وقبل 3 أيام من ذكرى «30 يونيو»، أحبطت الأجهزة الأمنية مخططاً إرهابياً جديداً، لارتكاب سلسلة أعمال تخريبية تزامناً مع الاحتفالات بالذكرى الخامسة للثورة، باستهداف خلية إرهابية جديدة في صعيد مصر. وكشفت التحقيقات تردد عناصر متطرفة على منطقة نائية في منطقة الغنايم بمحافظة أسيوط (في صعيد مصر)، وتم استهداف أماكن وجود المتهمين، الذين استشعروا اقتراب الأمن منهم، ففتحوا النيران على قوات الأمن التي بادلتهم الأعيرة النارية، ما أسفر عن مقتل أفراد الخلية الأربعة. وعثرت الأجهزة الأمنية على أسلحة ووسائل إعاشة كانت بحوزة العناصر الإرهابية، وتبين أنهم كانوا يقيمون بالمنطقة بعيداً عن الملاحقات الأمنية، للتخطيط لتنفيذ عدة أعمال تخريبية تستهدف مؤسسات الدولة خلال الأيام المقبلة. وأشارت المعلومات إلى أن هذه العناصر المتطرفة تتواصل مع القيادات الإرهابية الهاربة بالخارج، وتحصل منها على الأموال لشراء المتفجرات والأسلحة لتنفيذ الأعمال التخريبية بها، فضلاً عن اللجوء للصعيد بعيداً عن المنطقة المركزية للتجهيز لعمليات إرهابية كبيرة، للظهور على المشهد من جديد لكسب ود القيادات الإرهابية بالخارج والحصول على مزيد من المال. وأكدت المعلومات أن الضربات الاستباقية التي تنتهجها الأجهزة الأمنية أسهمت بشكل كبير في إحباط العمليات الإرهابية قبل وقوعها من الأساس، بناءً على معلومات دقيقة للأجهزة الأمنية.
مشاركة :