A يُقاس مدى رُقيّ المجتمعات بمقدار تواجد المرأة على ساحاتِها، وكيفية تعامل الجنس الآخر مع هذا التواجد، خُلقنا من ضلع آدم لِنكون الى جانبه، نوحد الهِمَمَ، ونُشَمِر عن السواعد لنرقى بأوطاننا معا. وإن مملكتنا الحبيبة قد بدأت فعلياً في تبني مسؤولية دمج المرأة في مجتمعها، وإعطائها ما تستحق من حقوق ومكانة، لتتوافق مع رؤية المملكة ٢٠٣٠، والتي من شأنها ولادة مملكة جديدة معاصرة، تجمع بين دينٍ بما فيه من أحكام وضوابط، ودنيا بما فيها من حرية فكر وعمل ورؤى مستقبلية ثاقبة. وبالنظر لجمع القرارات المُعلن عنها فيما يخص هذا الشأن من قيادة المرأة للسيارة وحضورها للمباريات، وتوليها لعدة مناصب مختلفة، فإننا يجب أن نقف هنا، وننظر حولنا ونتساءل: هل يا ترى المجتمع السعودي جاهز لتفعيل هذه القرارات؟ فنجد أن الناس في المملكة فور صدور هذه القرارات قد انقسموا الى قسمين بين مُرحب ومهلل كان ينتظر مثل هذه القرارات التطويرية لبلاده، وآخر يقبل ولكن على مضَض فهو مازال وفيا للعادات المجتمعية والقبلية التي عاش بها فترات طويلة من الزمن. نحن أمام مهمة صعبة، وأقصد بقولي نحن، حكومتنا الرشيدة ودورها في وضع القوانين الرادعة لكلِ جاهل يتخطى الضوابط ويتعداها، والآباء والأمهات في المنازل ودورهم في تفتيح عقول أبنائهم وتربيتهم تربية حضارية، شبابنا وفتياتنا في الشوارع وتأقلمهم مع الأمر والتعامل معه بشكل طبيعي كما هو حاصل في أي مجتمع آخر، فلا نجد الفتاة تتبهرج وتتزين عند خروجها لحضور مباراة مثلا وكأنها في دعوة لزواجٍ ما، عليها هي أولاً أن تتعامل مع الأمر بأريحية وطبيعية أكثر لنستطيع الطلب من الجنس الآخر تَقَبُل الأمر والتأقلم معه، والدور الأكبر للأئمة في المساجد ومنابر الإعلام والتي يقع على عاتقها توعية الناس وتوجيههم نحو أسس التحضر والتحرر الديني الوسطي. كل شيء مباح ما لم يتعارض مع الضوابط الشرعية وما لم يَضُر، هذا شعار المرحلة التي يجب أن نعي جيداً معانيه وندرس جوانبه، وإن أردنا اللحاق برَكب الدول المتقدمة فَعلينا الإسراع في وضع حزام الأمان والانطلاق ضمن قيود الطريق الموضوعة.
مشاركة :