تحتفي مصر اليوم ـ 30 يونيو/ حزيران ـ بذكرى ثورة شعب أطاحت بحكم جماعة الإخوان المسلمين، حين تحركت الملايين وفي طليعتها الشباب، تريد إسقاط النظام ، وأن تتحرر من عبء «جماعة» أصابت أعصاب الأمة وطاقاتها ومواردها بالترهل، حتى أصبحت غير قادرة على أن تصلب عودها !! وكان استدعاء الشعب لجيشه طلبا للإنقاذ، أبرز صور ثورة الثلاثين من يونيو، للخروج من أزمة خطيرة تهدد وجود الدولة، وفي تحد لم تواجهه مصر على طول ما واجهته في تاريخها الحديث من تجارب..وكان استدعاء الشعب المصري أكثر تحديدا في صورة القائد العام للقوات المسلحة،وزير الدفاع ، الفريق أول عبد الفتاح السيسي، ليخلص مصر من حكم الإخوان ومن شبح الانقسام والإرهاب. ويشير سياسيون وخبراء، إلى الصورة التي كانت حاكمة قبل ثورة 30 يونيو/ حزيران 2013، حين بدأت الأوضاع تتوالى وتتداعى تأثيراتها، مع انكشاف سلطة الحكم، وظهور مركزين للقوة في مصر: أحدهما فوق هضبة المقطم «مكتب الإرشاد العام لجماعة الإخوان»، والآخر في وسط القاهرة، مقر الحزب الحاكم «الحرية والعدالة»، وقد تصرفوا بمقدار ما فهموا، وركزوا جميعا على السلطة، والنتيجة أوضاع كانت على وشك الانهيار اقتصاديا، وأوضاع ترهلت وتآكلت مفاصلها سياسيا وتنبئ بفراغ قوة خطير للدولة، وفوضى غير محكومة وغير منضبطة، وثمة كتلة من الجماهير يشعرون بالإحباط والغضب، ولذلك ـ بحسب تعبير أستاذ علم الاجتماع السياسي، د. وليد خالد، للغد، فإن ذكرى 30 يونيو لن تكون تاريخا عابرا فى حياة المصريين ففى هذا اليوم انتفض فيه الجميع لحماية الوطن واستعادته من يد جماعة الاخوان، واستطاعت مصر أن تعبر هذه المرحلة الغابرة فى تاريخها الطويل وعادت مرة أخرى بلد الوسطية والأمن والسلام. ويؤكد سياسيون ومفكرون، أن هذه الذكرى، سوف تبقى علامة محفورة فى ذاكرة المصريين فقد استعادوا فى هذا اليوم دولتهم بعد اختطافها لمدة عام كامل على يد جماعة «الإخوان» التى استباحت البلاد لمصلحة أهداف خاصة وأجندات خارجية .. ويقول المحلل السياسي والكاتب الصحفي، نبيل زكى، المتحدث الرسمى باسم حزب التجمع، إن الاحتفال بثورة 30 يونيو، سيظل باقيا أبد الدهر فهذه الثورة تجسيد حقيقى لعظمة المصريين كما أنها من أكثر الثورات شعبية فى تاريخ مصر ويتجاوز عدد من شاركوا فيها الأعداد التى شاركت فى ثورة 1919. وأضاف: إن أهم مايميز ثوة 30 يونيو انها ثورة كل المصريين ولم تكن مثل الثورات التقليدية التى يقودها فى الغالب النخبة بل شارك فيها جميع أفراد الشعب مثقفون وعمالا وفنانون وفلاحون، الجميع تكاتفوا لانقاذ مصر من الجماعة الإرهابية كما أن ثورة 30يونيو تعد الثورة الأولى ضد المتاجرين بالدين، وسيظل الاحتفال بثورة 30 يونيو باقيا أبد الدهر. ويؤكد السفير محمد جلال، عضو المجلس المصري للشئون الخارجية، للغد، أن تحديات كبيرة وعقبات صعبة تمكنت الدولة المصرية من تخطيها عقب ثورة 30 يونيو التى قادها الشعب المصرى لإسقاط نظام جماعة الإخوان التى أضعفت دور المؤسسات المصرية، وخاصة ملف العلاقات الخارجية، وكان الهم الأول لمصر هو استعادة ثقلها الإقليمى والدولى والعودة إلى لعب دور مهم وحيوى فى الملفات التى طالما عكفت مصر عليها، وأبرزها الاهتمام بالقضايا الإفريقية وتعزيز التعاون والتنسيق مع دول القارة السمراء، لذا عملت الدولة المصرية على استعادة عضويتها فى الاتحاد الإفريقى التى تم تجميدها عقب 30 يونيو، وهى من أبرز المهام الصعبة التى نجحت القيادة السياسية فى تخطيها والعودة إلى القارة السمراء بشكل أقوى مما كانت عليه العلاقات المصرية الإفريقية خلال العقود الأخيرة. وأضاف للغد: لقد استعاد الشعب المصرى من خلال ثورة الـ٣٠ من يونيو / حزيران، هويته، وصوب بها مساره، ليثبت للعالم أجمع أن إرادته لا يمكن كسرها أو كبحها، وأن عزيمته راسخة لتحقيق تطلعاته المشروعة فى حياة أفضل ومستقبل مشرق لأبنائه، وحرصت مصر منذ ثورة 30 يونيو على إعطاء الأولوية لرعاية مصالحها الحيوية، وسرعة استعادتها مكانتها، ودورها المحوري وقوة تأثيرها في حل المشكلات الإقليمية والعالمية، مؤكدة التزامها بالمبادئ والقيم التي تحكم العلاقات الدولية، وتنمية العلاقات وفق قواعد الاحترام المتبادل ومبادئ القانون الدولي، مع توضيح رؤيتها وتأكيد موقفها تجاه القضايا العربية، وفى مقدمتها القضية الفلسطينية. وتقول الكاتبة سكينة فؤاد، إن ثورة الثلاثين من يونيو، كان لها عددا من الانجازات على الصعيد السياسي، فقد تصدت لاستكمال المخطط الامريكي الصهيوني، ومنعت تفكيك مصر، فضلًا عن الحرب على الارهاب الذي قادها جيشنا، والذي ما زال يواصل مواجهة الارهاب وتجفيف منابعه، لقد واجهت الثورة ميراثا كبيرا من الفساد عانى منه المصريون على مدار سنين، فضلًا عن التأكيد على إرادة الشعب المصري لأنه الصانع الحقيقي لثورة الـ30 من يونيو. وتسجل ثورة 30 يونيو، حقيقة أن مصر قبلت التحدي وهي تواجه انحيازا امريكيا ـ غربيا مكشوفا وسافرار إلى جانب الإسلاميين، بعد الصدمة التي تلقاها التنظيم الدولي للإخوان، وصدمة فشل تقدير الحسابات لدى الولايات المتحدة والغرب ، والتي عبر عنها الحاضرون في محضر الاجتماع السداسي في القاعدة العسكرية الأمريكية بمنطقة «دار مشتارت»، في الفترة من 16 إلى 18 أغسطس /آب 2013 بحضور ممثلي أجهزة الإستخبارات الأمريكية ( وكالة الأمن القومي NSA ، ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية CIA )، وممثل عن الموساد الإسرائيلي، وممثل عن القوات البريطانية في قبرص، وممثل عن وزارة الدفاع الفرنسية، وممثل غرفة العمليات لحلف شمال الأطلسي «الناتو».. وصدر عن الإجتماع 29 تقريرا مسجلة تصنيف «سري جدا»، تم تسريب تفاصيلها بعد ثمانية أشهر، وجاء في محضر الإجتماع السداسي : أن (( قرار إسقاط الإخوان كان مفاجأة سيئة لنا، إذ إن كل التقارير التي عرضت علينا أشارت إلى غياب قدرة اتخاذ القرار عند القيادة الانتقالية الحالية، وأن ضعف هذا التحليل أدى إلى مفاجأتنا بشكل أثر سلبا على مسار عملنا على مستوى استراتيجي، وقد ثبت أيضا، أن المناورات الدبلوماسية التي بذلناها لم تكن على المستوى المطلوب، إذ أنها لم تنجح في اكتساب دور الوسيط ، ولا استطاعت ربح الوقت ولا التأثير على القرار المصري، كما أن تبعثر مواقف المتحالفين معنا يقتضي العمل على إعادة توحيد وتنسيق مواقفهم بإشراف موحد، والتأكيد على القيادة التركية ألا تبالغ في إظهار مواقفها كما فعلت في سوريا، بحيث تتمكن من لعب الأدوار التي ستوكل إليها بشكل ذكي، وتعزيز التنسيق مع إسرائيل بحيث يتم اتخاذ القرارات الآلية، وتسهيل مرور الموارد المطلوبة required resources عبر النقب وسيناء إلى مصر)) !! ويؤكد سياسيون، أن أبرز انجازات ثورة 30 يونيو/ حزيران، كان فتح افاق العلاقات المصرية وانهاء احتكار وسيطرة القرار الامريكي وعودة مصر قلبا نابضا لقضايا امتها العربية، بالإضافة إلى عودتها لافريقيا وتنويع مصادر التسليح وعودة مصر لكونها رقماً صحيحا في المعادلة ومواصلة تدعيم اركان الدولة.
مشاركة :