عندما تصيب الكآبة الأطفال وتحرمهم متعة الحياة

  • 12/10/2014
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

مصافحة حانية، نظرة خجولة، انبعثت الكلمات من فم الفتاة أنابل بشكل خافت قائلة: "بدأ الأمر قبل عامين، لم يكن لدي أي رغبة في أي شيء، كنت أريد الرقاد في الفراش فقط، كنت شديدة الحزن". ثم انحرفت أنابل (تم تغيير الاسم)، بجسدها وتواصلت بنظرها فترة قصيرة مع مخاطبها ثم عادت تنظر للأرض، وضحت بشكل مرتبك ثم ساد السكون. تبلغ أنابل من العمر 14 (سنة) وأصبح أمرها معروفا لدى زملائها وخيار أصدقائها وأمها التي كانت أول من تسر إليها أنابل بأمرها. تقول أمها: "في البداية بررت حالتها ببلوغ سن المراهقة، ولكن تذبذب حالتها النفسية لم يعد أمرا عاديا". ثم بدأت الأم وابنتها قبل عام الاستعانة بطبيب نفسي. تشير التقديرات إلى أن هناك تزايدا في الحالات التي تُشخّص بالاكتئاب لدى الفتيان والفتيات. وحسب الإحصاءات فإن واحدا من بين كل 20 فتى وفتاة في ألمانيا يعانون من هذا الاكتئاب. بل إن هذا العدد يرتفع إلى ستة أمثاله إذا أخذنا في الاعتبار أعداد المرضى النفسيين في المستشفيات المتخصصة. بلغ عدد المصابين بالاكتئاب في ألمانيا 2145 حالة فقط عام 2000 ، وذلك حسب بيانات مكتب الإحصاء الألماني. وأشار المكتب إلى أن هذا العدد ارتفع بعد 12 عاما إلى 12567 شابا يعالج في المستشفيات من أعراض الاكتئاب. ترددت أنابل هي الأخرى على إحداها لمدة خمسة أشهر. يرى الدكتور مارتن هولتمان في مستشفى مدينة هام الجامعي، أنه لا يمكن تفسير هذا التزايد في حالات الاكتئاب بمجرد تحسن أساليب التشخيص وتزايد استعداد المصابين للتعامل مع هذا المرض "فمن الممكن أن يساعد تعرض الشخص لمطالب مبالغ فيها من والديه بالتفوق في المدرسة وكذلك تغير تصور الإنسان في ألمانيا عما تعنيه الأسرة على الإصابة بالاكتئاب". وتشير الجمعية الألمانية للطب النفسي للأطفال والشبيبة، إلى أن المراهقة المبكرة تزيد أيضا من احتمال الإصابة بالاكتئاب. من النادر أن يعرف الأطباء سبب الاكتئاب بشكل دقيق، فغالبا ما يحدث الاكتئاب بسبب تداخل عدة عوامل يمكن أن تتراوح بين الضغط النفسي في المدرسة إلى انفصال الوالدين، حسبما أوضح البروفيسور هولتمان. ولا تعرف الفتاة أنابل هي الأخرى سبب إصابتها بالاكتئاب "هي مدرسة وشخصية" حسبما قالت هامسة. ولم تبح أنابل بأكثر من ذلك. حارت والدة أنابل في أمر ابنتها "أقول لها دائما إن عليها أن تخبرني بما تشعر به لأني لا أستطيع أن أضع نفسي مكانها". ولكن أنابل تلتزم الصمت وتبوح لآخرين بحالها، كما أنها تحتاج في البداية لاكتساب الثقة في طبيبها النفسي الذي تتردد عليه مرة كل أسبوع وتتحدث معه عن مشاعرها، تتحدث معه عما يؤرقها، وأحيانا تكون أمها معها، لأن معالجة الأطفال نفسيا هي دائما معالجة أسرية، حسب خبرة البروفيسور هولتمان. ولكن والدة أنابل تبقى غالبا عاجزة "عندما أعتقد أننا أصبحنا الآن على طريق جيد، تعود أنابل لتتعثر مرة أخرى في حفرة". من الصعب على الأم وابنتها التعامل مع هذا الوضع "فكل مأزق يختلف عن الآخر"، حسبما قالت أنابل بنبرة أقرب للاعتذار، مضيفة أن الأمر يبدأ لديها بتعكر مزاجها ثم يسيطر عليها الاكتئاب، حسبما حاولت أنابل شرح حالتها. قالت أنابل إن هذا الاكتئاب يبدأ أحيانا من بعض الأرق الذي يعتبر أحد أعراض مرض الاكتئاب إلى جانب مشاكل التركيز وفقدان الحافز على الحياة وتراجع الثقة بالنفس "حيث تظن أنابل أنها لا قيمة لها وأن الجميع تآمروا عليها"، حسبما تحكي أمها باندهاش. ولا تعرف الأم مصدر هذه الأفكار التي تنتاب ابنتها وتخاف عليها ولا تعرف ما الذي يدور بخلدها. ربما استفادت والدة أنابل من تبادل تجارب الآباء الآخرين الذين يعانون من مشاكل مشابهة مع أولادهم حسبما أوضحت يوليا ايبهارت، مديرة مشروع فيديو (مكافحة الاكتئاب على الانترنت)، وهو عبارة عن موقع إلكتروني لتبادل الآراء بشأن الاكتئاب بين المصابين وذويهم بشكل مجهول. وتوضح ايبهارت أن "الكثير من الشباب يعانون من مشكلات مثل مشكلة التحرش من قبل أقرانهم ومشكلة تدني الأداء المدرسي والتعامل مع آبائهم". لا تريد التلميذة أنابل التشاور مع غرباء بشأن حالتها النفسية لأنها تجد صعوبة في ذلك "وبدلا من ذلك فهي تتحدث مع غيرها من الشباب المصابين بالاكتئاب والذين تعرفت عليهم من خلال علاجها النفسي، هذا أمر لا يعجبني أبدا". حسبما أكدت أمها، مضيفة: "فأنا لا أعرف فيما يتحدث هؤلاء مع بعضهم البعض وما إذا كانوا يتطرقون إلى أفكار حمقاء". هذه الأفكار الحمقاء هي الأفكار المتعلقة بالانتحار، وهو أمر ليس نادرا لدى الشباب المصابين بالاكتئاب، حسبما أوضح البروفيسور هولتمان المتخصص في الطب النفسي لدى الأطفال والشبيبة. أما أنابل فالتزمت الصمت تجاه هذا الكلام واكتفت بهز رأسها مدافعة عن نفسها، ثم ابتسمت مرة أخيرة وصافحتني قبل أن تنسحب إلى غرفتها.

مشاركة :