القاهرة ـ حمل عدد يوليو/تموز 2017 من سلسلة "كتب الهلال للأولاد والبنات" - التي تصدرها دار الهلال بالقاهرة ويرأس تحريرها الكاتب الصحفي محمد الحمامصي - ديوان شعر جديد للأطفال للشاعر أحمد فضل شبلول بعنوان "أحب الحياة"، وهو عبارة عن قصائد جديدة ومختارات من قصائد سابقة لصاحب "أشجار الشارع أخواتي" الحاصل على جائزة الدولة التشجيعية في شعر الأطفال عام 2007. وما يميز هذا الديوان – الذي قامت برسم قصائده رشا سالم - عن دواوين شبلول السابقة للأطفال أنه كتب مقدمة تحمل عنوان "شعر الأطفال متعة وجدانية وفكرية" يشرح فيها للأطفال (12 – 15 سنة) ما هو الشعر، فيقول: الشعر هو الكلام الجميل ذو الوقع الموسيقي الطيب على الأذن وعلى القلب، فترتاح له النفس وتطرب له الحواس، وهو من الفنون الجميلة عند العرب الأقدمين، وكانت القبيلة العربية تقيم الاحتفالات وتعقد الولائم عندما يكتشف أهل القبيلة نبوغ شاعر بينهم، لأنهم يعلمون جيدا أهمية أن يكون هناك شاعر وسطهم يتغنى بأمجادهم ويدافع عنهم بالكلمة الشاعرة، ويهجو أعداءهم، ويفخر بانتسابه لتلك القبيلة، ويا حبذا لو كان هذا الشاعر فارسا أيضا فتزداد البهجة ويعلو السرور وسط أبناء القبيلة. ويضيف الكاتب: هناك تعريفات عديدة للشعر على امتداد العصور منها أنه الكلام الموزون المقفَّى (أي الذي يعتمد على وجود قافية واحدة طوال القصيدة) والذي يدل على معنى، ولكن مع تطور الشعر عصرا بعد عصر، وزمنا بعد زمن، وُجدت تعريفات أخرى للشعر فهو الكلماتُ التي تحملُ معاني لغويّة تؤثّرُ على الإنسان عند قراءته، أو سماعه، وأيُّ كلامٍ لا يحتوي على وزنٍ شعريّ لا يُصنّفُ ضمن الشّعر، وغير ذلك من التعريفات التي وقف عندها النقاد وأهل الأدب والبلاغة، ومنهم من أكد على أهمية وجود عنصر الصورة الشعرية من خلال التشبيه أو الاستعارة وغيرها من صنوف البديع. ويؤكد شبلول في مقدمته أن الشعر المكتوب للأطفال لا يخرج كثيرا عن هذه التعريفات السابقة، ولكنه يختلف في مستوى الأداء اللغوي والصورة والموسيقى التي تكتب بها القصيدة الموجهة للطفل، ولاشك أن اللغة والصورة الشعرية والأوزان أو موسيقى الشعر تختلف اختلافا بيَّنا في شعر الأطفال عنها في شعر الكبار، فالشعر الموجه أو المكتوب للأطفال تتصف موسيقاه بنبرة أعلى تجذب انتباه الطفل ومسامعه وتحرضه على الحركة والاستمتاع. ثم يمضي شارحا طقوس كتابته لشعر الصغار فيقول: طقوس الكتابة للصغار عندي تختلف عن طقوس كتابة الشعر العادي (أي الذي أكتبه لنفسي)، فانا لا أكتب للأطفال مثلا وأنا في حالة وجع أو تشاؤم أو حزن أو شجن حتى لا ينطبع هذا على ما أقدمه للأطفال، فما ذنبهم؟ نحن نريد أن يستقبل الأطفال العالم أكثر إشراقا وأكثر بهجة ومرحا حتى وإن كان الواقع أكثر يأسا وإحباطا ووجعا، وكاتب الأطفال في هذا الأمر لا يكذب ولا يتجمل ولا يزيف الواقع، ولكنه يريد للوردة أن تتفتح وتصبح أكثر إشراقا وجمالا، ويريد مستقبلا أفضل للبشرية وللعالم. والطفل هو الوردة التي تتفتح وهو المستقبل الأفضل للبشرية بطبيعة الحال. ماذا تصنع الوردة إذا أنا قدمت لها الإحباط واليأس أو زرعت حولها الدمار والفشل وسقيتها من الدماء بدلا من الماء، إنها سرعان ما تذوي وتذبل وتموت، فليس لديها عوامل المقاومة بعد، وعلى ذلك نحكم على كل الورود والأزهار بالموت السريع، قبل أن تتشبث بأي أمل في الحياة، وهكذا الطفل. لذا أسميت هذه المجموعة الشعرية للأطفال "أحب الحياة" لأن الطفل ولد لكي يحيا وسط أسرته وبين أصدقائه وفي مجتمعه، ينمو كل يوم جسديا وعقليا، ويزداد معرفةً وثقافة وعلمًا وتعليما وانتماءً لأسرته ووطنه، ويكتسب خبرات ومهارات، ويعشق الطبيعة إذا رأى البحر والحدائق والمتنزهات، ويحب عالم الحيوان والطيور، ويتجاوب مع الجماد، ويحب الأغنية ويحفظها ويرددها إذا صادفت هوى في نفسه ولامست أحاسسيه ووجدانه. كما أنه يتوق إلى مصاحبة معلم أو معلمة فصله أو مدرسته، ويتخذها مثلا أعلى إذا كانت على درجة من التواصل والاهتمام بهذا الطفل. ويوضح شبلول أنه في هذه المجموعة الشعرية "أحب الحياة" حاولت أن أتحدث عن كل هذا من خلال مشاعر الطفل نفسه الذي تجيء على لسانه تلك القصائد، ومن خلال العلاقة بين الأشقاء أو الأصدقاء مثل قصيدة "عيد ميلاد محمود" التي يتساءل فيها الطفل ماذا يقدم لأخيه الفنان الرسام محمود في عيد ميلاده، وهو الذي يهديهم اللوحات والرسوم الجميلة: "هو يُهدينا الفرحةَ واللوحةَ والحبّْ ماذا أهديه أنا الآخر .. من أعماقِ القلب؟" كما تبزغ العلاقة بين الطفل ومدرسته أو معلمته من خلال قصيدتين هما: في مدرستي، ووجه معلمتي الذي هو مضييء مثل وجه الشمس: "وجهُ مُعلمتي مثل الشمسْ في أثناءِ الدرسْ كانت تضحكُ مثل الهمسْ" والطفل في هذه المجموعة لا يستهين بأحجار بيته التي يقيم حوارا معها في قصيدة "أحجار البيت تناديني"، فالأحجار تبوح للطفل بالكثير من أسرارها وتخبره عن رحلتها من الجبل إلى عالم البناء كي يعيش الإنسان حياة آمنة كريمة: "أحجارُ البيتِ تناديني كي تروي قصتها لي كي تحكي كلَّ الأسرار عن عائلةِ الأحجار في كل مكان في كل زمان" ويبزغ عنصر الطبيعة جليا في قصيدة "فوق رمال الشاطئ"، بينما حب العلم والمعرفة نجده راسخا في قصيدة "العودة إلى الواحة" ونقصد بها واحة العلم والمعرفة والكتب والأفكار بعد قضاء عطلة الصيف وأخذ قسط من اللعب والراحة، وهو ما يبرر وجود قصيدة أخرى بعنوان "كتابي نهر معلومات" التي تتغنى بالكتاب وأهميته في حياة الإنسان، فالكتاب يحمل بداخله الكون، ويقول الطفل الذي تجيء على لسانه تلك القصيدة: "أرى الأكوانَ في كتبي وأقرؤها مع الأدبِ وقال الشاعرُ العربي أبو الطيب: "وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابْ" وهنا نجد عنصر القصيدة البحثية التي تعطي معلومات مفيدة للطفل القارئ في إطار موسيقي وفني شيق سهل الحفظ وذي جاذبية خاصة. والطفل وهو يعيش تلك الحياة، قد يحتار كثيرا في اختياراته بين الأشياء، فأيها هو الأنسب له في لحظة معينة، وهنا يحتاج إلى النصيحة والمشورة من الأقربين له مثل الأب أو الأم، وهو ما نجده في قصيدة "حيرة": "أحيانا أصحابي .. لا أعرفُ ماذا أكتب! لا أعرفُ ماذا اقرأ! أعرفُ أني محتارْ بين كتابٍ للأشعارْ أو قصصٍ أو أخبارْ ارسمُ بحرًا .. أم أنهارْ؟" ويجد الحل دائما عند الكبار أصحاب الخبرة والتجربة، وهنا نجد النصيحة الغالية متمثلة في قول الأب والأم: "افعلْ ما شئتْ واحببْ ما تعملْ واخترْ ما عشتْ الأنبلَ .. والأجملْ" لقد حاولت قصائد "أحب الحياة" أن تلامس عالم الطفل خلال السنوات من 12 إلى 15 سنة، وهي مرحلة شديدة الخصوصية والخصوبة، وشديدة التحول العاطفي والفكري، وهي مقدمة لمرحلة المراهقة الصعبة التي يفضل أن يجتازها الطفل الذي سيصبح شابا بعد أعوام قليلة جدا، بمزيد من الحرص ومزيد من المتعة الوجدانية والفكرية، فيجتاز تلك المرحلة بأمان وسلام. يذكر أن صدر للشاعر أحمد فضل شبلول في مجال أدب الأطفال كتبه: حديث الشمس والقمر ـ شعر. بيريه الحكيم يتحدث (تبسيط بعض أعمال توفيق الحكيم للصغار). طائرة ومدينة ـ شعر. عائلة الأحجار. أشجار الشارع أخواتي ـ شعر. تكنولوجيا أدب الأطفال. آلاء والبحر ـ شعر. حوار مع ملكة الفواكه. دوائر الحياة ـ شعر. وسبق له أن حصل على الجائزة الأولى من المجلس الأعلى للثقافة (لجنة الدراسات الأدبية واللغوية) ودرع ندوة الثقافة والعلوم بدبي ـ عن بحثه "ثقافة الطفل في عصر التكنولوجيا". ودرع الاتحاد العام للكتاب والأدباء العرب واتحاد الكتاب الجزائريين. وجائزة الدولة التشجيعية في الآداب.
مشاركة :