كتبتْ امرأة أمريكية عن تجربتها في العيش في السعودية برفقة زوجها والغربيون يكتبون الوقائع كما جرت لا كما تتطلبهُ بعض الإجراءات والتحرز والاحتياط. قالت إن زوجها أودع التوقيف لثلاث ليال لأنه ذهب إلى الشرطة للإبلاغ عن سرقة سيارته. (كتبت كتابها ذاك في السبعينات الميلادية) وقالت عبارة إنجليزية هكذا: Landed in jail because his car was stolen وتعمدت أن تضع ((his بخط إمالة مختلف والظاهر أن ثمة سوء فهم جرى من المناوب الليلي – ربما – فترك الرجل في التوقيف بانتظار تعليمات، أو أن ذاك كله نتج عن تبادل النوبات بين من يعرف الموضوع ومن لا يعرفه، وتطلّب ذلك الإمساك بالرجل لتلك المدة. أو أن المركبة عليها ملاحظات فحجزوا صاحبها بانتظار أن ينجلي الأمر. والسيارات هجمتْ على مجتمعنا هجمة لم نتحضّر لها، هجمت مع زمن القلم والدفتر والصادر والوارد والسير بالدفتر رفق المعاملة ليوقع عليه كل من يستلم، وتلك العمليات تأخذ وقتا، وربما كان زوج الكاتبة أتاه حظ من فوق السحاب أظهرهُ بثلاثة أيام. هجمة السيارات أكبر من سرعة أفكارنا لإيجاد بنية وبيئة تتواءم مع الزخم الصناعي السريع ن ونتائج الازدحام، وحوادث استشهاد معلمات وطالبات واجهن أجلهن ذاهبات أو آتيات من مدارسهن. وسيل وصول السيارات إلى بلادنا أسرع بكثير من قدرة أفكار المشرعين ومُخططي الحضر (أمانات المدن والمرور ومجلس الشورى)، وقد يأتي اليوم الذي نرى فيه السير متوقفاً (Still)، وليس هذا رأي غير مختص أو اجتهاد مجتهد، بل سنراه رأي العين. البلدان التي سارت فيها المركبات قبلنا بعقود، وهي البلدان التي تداركت نفسها وسيطرت على سطوة الزخم النازل إلى الأسواق من مركبات ورافعات وحافلات وصهاريج، وأعادت تخطيط بيئتها ومتابعة الجديد والمندثر من المركبات وحصلت على أرقام اهتدت بها لمسايرة الأزمات قبل أن تُصبح كوارث. فوجدنا الأمريكي يترك سيارته في محطات مواصلات خارج المدينة ويستقل المواصلات العامة طوعا ودون أن يجبره أحد على فعل ذلك. فالحوادث المرورية المميتة عندهم قليلة، وكذا المساءلات المرورية و"التوقيف" معدومين. أقول بعد همة مسؤولي الحضر لإنجاز مشاريع النقل في مدننا الكبرى، تكون السيارات زادت وينطبق المثل الشعبي "إلا امطرتوا ويلانا سايلين".
مشاركة :