بع يارجّال - عبد العزيز المحمد الذكير

  • 7/9/2013
  • 00:00
  • 30
  • 0
  • 0
news-picture

ليت الأمر يقف هنا، بل يرى البائع حالات من الدفع والجر من الأيدي المخيطة، ويتمسك البعض بثوبه (ثوب العارض أو الجالب) وقد يشقّه، وترى البائع وقد سقطت غترته في الأرض. هذا ماكان يجري في مدننا وقرانا قبل حوالي المائة عام. ومن الرواة من شهد ذلك بعينه. فعندما يحضر رجل من البادية ومعه غَنم أو إبل أو كومة من الحطب أو السمن يُعاني الأمرين قبل أن تتم البيعة. وأهل المدينة أو القرية إما شركاء في ربح إعادة البيع أو أن ثريّا أوصى أحدهم بشراء السلعة. والمندوب مستعد للمزايدة و"الجرجرة" أيضا..! والناظر إلى تاريخ البيع والشراء في بلادنا يلاحظ التطور الكبير جدا. فالقطاعي يجرى في مجمعات كبيرة يولغ في زخرفتها والعناية بها. والجديد من الآليات ومعدات المنزل صار عبر معارض وشركات وصالات كبيرة. وتجارة اللحوم والأطعمة من مصانع ومستودعات تبريد وغيرها. إلا أن ما يُلفت النظر أن نوعاً آخر من التجارة لا زالت آليته مثل آلية تجارة الإبل قبل قرن من الزمان. وما أقصده هو تجارة معارض السيارات المستعملة. والحالة كما تظهر للناظر لا أمل في جعلها ذات صبغة مدنية، يرتاح من خلالها البائع والمشتري والباحث عن مطلبه. فالسوق متروك لأفراد يستقبلون المركبة قبل وصولها إلى أرض المعرض أو ساحة المزاد. يزدحمون حول السائق ويدقون الزجاج، وبعضهم يمسك يدك حتى تضطر للوقوف مكرها. كل ذاك وأنت لم تصل إلى الساحة. يعبرون الشارع جزافاً بمجرد لمحهم لسيارة قادمة، بعضهم يرمي لك العربون. ولديهم من الفنون والألغاز بينهم الكثير مما يجهله غير الممارس (وهذه ميزة أو فن نمتاز بها). وقد حاولت أكثر من سلطة وضع حدٍ للفوضى السائدة حالياً في فضاءات البيع كالوقوف والاعتراض والتزوير بالإضافة إلى التلاعب بالأسعار دون رقابة الذي يدفع ثمنها المستهلك. لكنْ أيّ من تلك المحاولات لم تنفع، لأن المسألة مسألة عقول. وما يُشاع ويذاع أن أولئك بينهم نوع من التعاون بأن يتركوا البائع حائراً من ضآلة السعر. وأن القصد هو الحصول على كسب من جهل البائع أو شرود ذهنه. وهذا في العرف والدين لا يحل ولا يجوز. ومن العسير أن يفهم المرء التقدم والتمدن في ميدان من ميادين التعامل والهبوط إلى درجة كبيرة في ميادين يومية أخرى.

مشاركة :