مسرحيون: ضعف الدعم المالي مشكلتنا الأساسية

  • 7/2/2018
  • 00:00
  • 2
  • 0
  • 0
news-picture

الشارقة: عثمان حسن انشغل الوسط الفني في الإمارات، خلال السنوات القليلة الماضية، بالبحث عن مخرجات لتطوير المسرح عند فئة الشباب، وكان التحدي الأكبر، هو كيفية رفد الساحة بطاقات ومواهب شابة، في الإخراج والتمثيل والتأليف والسينوغرافيا، لتضيف إلى رصيد المنجز في الساحة المسرحية الإماراتية، هذه الساحة التي أولت هذا القطاع أهمية قصوى، من خلال المهرجانات المسرحية الشابة كمهرجان دبي لمسرح الشباب، ومهرجان الشارقة للمسرحيات القصيرة، وقد أسهمت هذه النوافذ، في بروز أسماء كثيرة أصبحت مؤثرة في المشهد الفني المسرحي، وأصبحت تشارك في مسرح الكبار، وحصلت على جوائز محلية وخليجية، كما أصبحت تمثل الدولة في كثير من المواسم والمهرجانات العربية.في الوقت الذي بذلت فيه جهود كثيرة، لعقد دورات وورش متخصصة في الفنون المسرحية كافة، من استضافة خبراء، وندوات على هامش المهرجانات المتخصصة، ومع بروز الكثير من الإيجابيات، فقد برزت عدة مسائل لها علاقة بضعف بعض النصوص المكتوبة، وفقدان البوصلة ما بين النص والإخراج وكذلك الاشتغال على الممثل، وتأثيث الفضاء المسرحي، ناهيك عن سطوة وتحديات الدراما التلفزيونية وغيرها.الاستطلاع التالي، يرصد مشكلات وهموم المسرح الشبابي، من واقع تجربة عدد من المخرجين والمؤلفين الشباب، الذين ركز معظمهم على ضعف الدعم المادي والإداري والفني، حيث شخص هؤلاء المبدعون الواقع الراهن لمسرح الشباب، وعبروا عن طموحاتهم لتحقيق انتشار أوسع للفن المسرحي، بالاعتماد على كفاءات الشباب ودورهم في النهضة الثقافية والفنية.الممثل والكاتب حميد فارس كانت انطلاقته من خلال مهرجان دبي لمسرح الشباب، حيث فاز بجائزة أفضل كاتب في إحدى دورات المهرجان، تلاها فوزه بجائزة أفضل ممثل في أيام الشارقة المسرحية، وأفضل ممثل في مهرجان الخليج المسرحي، وغيرها من الجوائز.كتب فارس نص «العزبة» لمهرجان دبي لمسرح الشباب، وحصلت المسرحية على جائزتين، وشارك في ذات المهرجان بأكثر من عمل، فاز أحدها بأفضل عمل متكامل، وأفضل نص وأفضل إخراج، وهو مسرحية «العاصفة»، كما كتب نص مسرحية «زلة عمر» لمسرح أم القيوين الوطني، وله أعمال عدة شارك من خلالها في أيام الشارقة المسرحية.يؤمن فارس بجدية التمارين المكثفة، ويستفيد من تجربة الممثلين الكبار سواء من الممثلين أو الكتاب أو المخرجين، ومن واقع حرصه على تطور مسيرة مسرح الشباب في الإمارات، يعتقد بضرورة البناء على ما راكمه هذا الفضاء، كما يسمح لنفسه بتقديم ملاحظات بشأن فكرة المسرح الشبابي بوجه عام، وملخص فكرته يؤكد على ضرورة الفصل بين مفهوم الورشة وعنصر التدريب للممثل الشاب، من دون أن يتحول المهرجان -أي مهرجان- يعنى بمسرح الشباب إلى ورشة فنية بالمعنى الحرفي للكلمة، وهذا يعني من وجهة نظره، أن يتم تلقي كافة أنواع التدريبات والورش الفنية، وأن يكون المهرجان خاصا بالعروض.الفنان مرتضى جمعة مخرج شاب خاض غمار تجربة أيام الشارقة المسرحية من خلال أعماله: «كن صديقي» 2016، و«خارج اللعبة» 2017، وكانت له تجارب ناجحة في «دبي لمسرح الشباب» من خلال: «رسم حديث» 2011، و«الجلاد» 2012، و«أصابع الياسمين» 2013، و«بقع» 2014، يعتقد جمعة أن الشباب ركيزة مهمة تضخ في شرايين الفن المسرحي، ومن واقع خبرته يؤكد أن ما صنعته التظاهرة الخاصة بمسرح الشباب مهمة للغاية، لأنها قدمت العديد من الطاقات المسرحية في الإخراج والتمثيل والتأليف، وكذلك في الديكور والأزياء والإضاءة.يرى جمعة أن أي إضافة جديدة في المسرح، لا بد من دراستها جيدا، وفي هذا الإطار يتفق مع زميله حميد فارس على ضرورة عدم التداخل بين مفهوم الورشة والعرض المسرحي، بمعنى، أن تسبق المهرجانات المسرحية الخاصة بالشباب مجموعة من الورش والتدريبات في الأندية والمسارح المختلفة، وبعد انقضاء فترات التأهيل المناسبة، يحق للممثل أو المسرحي الشاب التقدم للمشاركة في أي مهرجان مسرحي، بعد أن يكون قد استوفى حقه في الدورات سواء كانت في السينوغرافيا أو التمثيل أوالإخراج.يشير جمعة إلى أن الدعم المادي للفرق وللطواقم المسرحية جيد، وهو يفي بمتطلبات العرض المسرحي، ويصر على أن مفهوم الورشة يجب أن يسبق موسم المهرجانات المسرحية، كما أن الحفاظ على وتيرة أي مهرجان خاص بالشباب وضخ دماء جديدة في شرايين المسرح الإماراتي، يجب أن تظل متوهجة، وألا تسمح بأية أخطاء غير مدروسة على صعيد تراكم التجربة والبناء عليها.حسن يوسف الذي قدم أكثر من 30 عملا مسرحيا كممثل ومخرج ومصمم أزياء، وفاز بجوائز كثيرة خلال مسيرته المسرحية التي بدأها وهو بعمر العاشرة، يطرح سؤالا مهما حول استراتيجية الفن المسرحي، فهو يعتقد ومن خلال مشاركاته في المواسم المسرحية في الإمارات أو في الخارج، أن حجم ما بذلته الإدارات المسرحية مهم ومؤثر، لجهة ضخ دماء جديدة وفاعلة في المسرح المحلي، لكنّ هذه الطاقات من وجهة نظره، لم تتم متابعتها، ولم يتم استشارتها أو الاستفادة من خبراتها في المجتمع، وهذا نتيجة إلى عدم وضوح أو تشتت الجهود المفروض أن تكون محددة وواضحة، وتلبي أهداف المهرجان وغاياته. خطط وبرامج المخرج أحمد الشامسي، انطلق من مهرجان المسرح الجامعي، وسبق له تقديم «جثة على الرصيف» إعدادا وإخراجا وسينوغرافيا، كما أعد وقدم سينوغرافيا مسرحية «اللعبة»، وقدم «رياح الخردة» يقول: «سبق وطالبنا بضرورة وجود معهد فني مسرحي، ولقد استبشرنا خيرا بما طرحه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، الذي وعد بتأسيس معهد فنون مسرحية بالشراكة مع خبرات كندية وبريطانية، ومن المتوقع أن يعلن عنها خلال الدورة الجديدة لمهرجان أيام الشارقة المسرحية هذا العام».في ذات الإطار يرى أحمد الشامسي أن هناك حاجة ملحة لبروز فكرة «استوديو الممثل» وهو مكان مجهز وخاص بالورش التدريبية المسرحية، وهذا الاستوديو يتبنى مجموعة من الخطط والبرامج الواضحة، في الإخراج والتمثيل والسينوغرافيا، على غرار ما هو معمول به في الدول المتقدمة.الورش التدريبية مهمة جدا لصقل التجارب الفنية الشابة، كما يؤكد الشامسي، وهو يوجه بعض النقد لما يطلق عليه فوضى الورش، فهي في مرات كثيرة، تعقد في مناطق بعيدة عن الفعالية الفنية أو الحدث الرئيسي، كما أنها تكون بعيدة عن تواجد الفنانين الشباب، فلا يحضرها سوى عدد قليل من سكان المناطق التي تعقد فيها هذه الورش، كما هو حال الورش التي تعقد في مدينة كلباء على هامش مهرجان المسرحيات القصيرة.يحتاج المسرحيون الشباب كما يؤكد الشامسي، إلى دعم مالي أكثر مما هو مخصص الآن، حيث متوسط ميزانية العرض المسرحي لا تتجاوز 60 ألف درهم، وهذا المبلغ لا يدفع، إلا قبيل بدء العرض، أي في نهاية مرحلة «البروفات»، فتكون أعباء مصروفات العرض مقصورة على الفرق المشاركة.ويتفق الشامسي مع ما سبق وأشار إليه حسن يوسف من تشتيت الجهد المسرحي، لعدم تبني خطط واضحة ومحددة لأهداف المهرجانات الخاصة بالشباب خاصة من واقع تجربته مع مسرح دبي للشباب.تؤكد المخرجة عائشة الشويهي التي سبق لها المشاركة في الدورة الثالثة لمهرجان المسرحيات القصيرة بعمل «نزهة في ميدان المعركة» لفرناندو أربل، أن المشكلة الرئيسية التي تواجه المسرحيين الشباب، هي عدم احتوائهم من قبل المؤسسات والدوائر المختصة بالعمل الفني، كما يشكو هذا القطاع الذي يتمتع بالمواهب الفنية، من افتقاره إلى الدعم المالي المنتظم، وهو الذي يعني ترك هذا القطاع رهن الظروف واجتهاد الفنان الشخصي في ملاحقة المهرجانات والمواسم بهدف المشاركة فيها.وتثمن الشويهي تجربة المسرحيات القصيرة، التي تخرج المواهب الفنية، خصوصا من خلال الدورات المرافقة، وتتوقف عند مسألة الدعم المالي الذي يقدم لمخرجي الأعمال وكذلك للممثلين والطواقم، مؤكدة أنها قليلة، وهو ما يجب أن تأخذه الدوائر المختصة بالمسرح بعين الاعتبار. حلقة مفقودة آمنة محمد علي التي لها مشاركات في الإخراج والتأليف المسرحي، حيث عرض لها «صفحة من الزمن» كما قامت بتأليف وإخراج مسرحية «عون» لإحدى دورات أيام الشارقة التراثية، تؤكد على أهمية أن يكون هناك دعم منتظم يرتقي بالفعل المسرحي للشباب، وتقول «يشكو هذا القطاع من قلة الدعم المالي المطلوب، فالمسرح يحتاج إلى كلف مادية مقنعة من أجل إنجاز مسرحيات تستوفي شروط العرض كتجهيز الديكور والفضاء السينوغرافي، وما يتبع ذلك من كلف الطواقم الفنية ودعم الممثلين والمخرجين».وتتحدث آمنة محمد من واقع تجربتها الشخصية بالمسرح المدرسي، فهذا القطاع من وجهة نظرها، يعتمد على اجتهادات المعلمين، ممن تتوفر فيهم موهبة التأليف والإخراج، وهؤلاء في الغالب يقدمون أعمالهم لتشارك في المواسم المسرحية المدرسية، من دون توفر صلات مباشرة بينهم وبين مختلف إدارات المسرح النافذة في الدولة، فلا يوجد هناك ورش منتظمة تعقد لهؤلاء الموهوبين من فناني ومخرجي المسرح المدرسي، والمعلم الذي يقوم بإنجاز عمل أو اثنين، قد يتوقف عن المتابعة، نظرا لأعبائه الدراسية، وهذه الحلقة المفقودة من وجهة نظر آمنة محمد تحتاج إلى تسليط الضوء عليها من قبل الجهات الراعية للفن المسرحي.ومن واقع تجربتها الشخصية أيضا، تتساءل آمنة محمد عن مصير المشاركات في جوائز التأليف المسرحي، حيث تصدر الأعمال الفائزة في كتاب، ولا تقوم الجهات المعنية بإعطاء شهادات مشاركة لمن لم يفوزوا، أو حتى التنويه بأعمالهم، لكي تتم متابعة نقاط الخلل في هذه الأعمال.إن تشجيع قطاع المسرح الشبابي كما تعتقد آمنة محمد، يستوجب متابعة النصوص التي لم يتسنَ لها الفوز بالمسابقات، بعقد ورش متخصصة للوقوف على نقاط الضعف فيها، ومن خلال ذلك نضمن تفاعلا أكبر، ونحقق الفائدة المرجوة لجعل المسرح نافذة للثقافة والتنوير، وتحقيق دوره في التطور ونهضة المجتمع. أدوار تربوية بدورها تؤكد ليلى حنيفة، على أهمية المسرح، وضرورة أن يكون حاضرا في المجتمع، فهي تؤمن بدوره التربوي والتوعوي، وفي ذات الإطار تثمن الجهود التي تبذلها الإمارات في هذا المجال، من أجل خلق جيل مثقف يتذوق فن المسرح.وليلى حنيفة من الأسماء التي شاركت بأكثر من عمل من خلال بوابة المسرح المدرسي في الشارقة، وقد سبق لها إخراج «كذبة ليلى»، التي فازت بالمركز الأول على صعيد التأليف ضمن الدورة الرابعة من المهرجان، كما قامت بتأليف «حيلة حذاء» التي فازت بالمرتبة الأولى كذلك في فئة معلمي المسرح، ولها أعمال أخرى كـ «تاج الملكة» تأليفاً وإخراجاً حيث فاز بالمركز الأول في مسابقة نظمتها وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.تؤكد ليلى حنيفة على ضرورة أن يكون هناك ناد للمواهب، وأن تحظى الأعمال الفائزة في الإخراج والتأليف المسرحي بفرص العرض في المناسبات الوطنية، وفي الأعياد وغيرها، كما تؤكد على الدور المهم الذي تلعبه دائرة الثقافة في الشارقة لدعم المسرح المدرسي، غير أنها تلفت النظر إلى مسألة الورش، التي تلاحظ انخفاض وتيرتها في هذه الأيام، حيث تؤكد على ضرورة استمرار هذه الورش وتفعيلها، وفي الشق المتعلق بالدعم المسرحي، ترى أنه لا يكفي، وفي هذا الإطار تخاطب الجهات المعنية بتوفير ميزانيات سنوية لمسرح الشباب. صعوبات كثيرة أسماء إبراهيم الحمادي، قدمت عدة أعمال في المسرح المدرسي منها على سبيل المثال: تأليف وإخراج «أزرق» لمدرسة خورفكان للتعليم الأساسي، بنين، التي شاركت ضمن عروض الدورة السادسة لمهرجان الشارقة للمسرح المدرسي.والعرض يناقش مفهوم التنوع الكبير للحياة على الأرض، والتكامل والاندماج بين عناصرها المختلفة (الإنسان والحيوان والنبات)، وذلك من خلال معالجة تمزج الواقع بالخيال، كما كتبت الحمادي سيناريو مسرحية «الغابة العطشى» للمؤلف علاء الدين الحريري، وهي من إخراج نجاة جاسم محمد، وترصد أثر الماء وأهميته للحياة.تتوقف أسماء الحمادي عند مسألة الإخراج في المسرح المدرسي، وتعتقد أنه يواجه صعوبات كثيرة، لأن معظم من يقوم بمهمة الإخراج هم معلمون، ورغم ما يتمتعون به من موهبة وحدس فني، فلا خبرة مسرحية لديهم، لكنهم مع ذلك موهوبون، وهؤلاء في الغالب الأعم، يقدمون عملا أو اثنين، ثم تنقطع صلتهم بالمسرح، بسبب الأعباء الدراسية، كما أن متابعة المسرح من وجهة نظرها، تحتاج إلى دعم مادي متواصل، ولا سيما أن المسرح المدرسي على وجه الخصوص يعتمد في غالبيته على الجهود الشخصية، ولا يوجد من يدعمه ماديا، والجهة الوحيدة التي تشرف عليه، هي لجنة النشاط في المدرسة، وهنا، تؤكد الحمادي على ضرورة دعم هذا القطاع وتخصيص ميزانيات مالية كافية، كما أن هذا المسرح يحتاج إلى دورات متخصصة دائمة، حتى يصبح رئة واثقة تضخ المواهب الفنية، وفي ذات الإطار تقترح الحمادي، أن يوجه المعنيون بشؤون الفن المسرحي في الإمارات إلى مسألة التفرغ الإبداعي.الممثل سالم طاهر التميمي بدأت انطلاقته الفنية من مهرجان أيام الشارقة المسرحية في عام 2004 كممثل في «حبة رمل» من تأليف ناجي الحاي وإخراج أحمد الأنصاري، ثم أتبعها بعدة أعمال، منها، تمثيله للإمارات في المسرح المدرسي الخليجي، وكانت له مشاركات في «دبي للشباب» من خلال عرض «العاصفة»، إخراج حسن يوسف في 2010.يقسم سالم طاهر المشكلات التي يعاني منها مسرح الشباب في الإمارات إلى مشكلات مادية وأخرى إدارية، وثالثة فنية، ففي الشق الأول، هو يؤكد كما غيره من المسرحيين الشباب على عدم كفاية الدعم المادي لهذا القطاع المهم الذي يرفد الساحة الإماراتية بالمواهب الفنية المختلفة.وفي الجانب الإداري، يسلط سالم طاهر الضوء على الورش والتدريبات الفنية، فهو أولا، يعتقد بأهمية هذه الورش، حيث انتظم في ثلاث دورات منها (إعداد الممثلين) واستفاد منها كثيرا، وفي هذا الإطار، يرى أن هناك مشكلة حقيقية تخص أماكن عقد الورش، فهي تعاني من سوء توزيعها جغرافياً في مدن الإمارات، فلا يتسنى لجميع المهتمين بالشأن الفني من الشباب حضورها، لا سيما من يعيشون في مدن ومناطق بعيدة نسبيا عن مكان انعقادها.ويلفت سالم طاهر إلى مسألة غاية في الأهمية من وجهة نظره، وهـي غياب الجمهور عـــن حضـــور فعاليــات المسرح الجاد، وانصرافه إلى كل ما هو تجاري ويعرض للتسلية أحيانا للتهريج، على حساب الكوميديا الجادة.وبوجه عام، يؤكد سالم طاهر على أن الإمارات رغم ما تشهده من نهضة على مستوى الحركة الفنية، إلا أنها في قطاع مسرح الشباب على وجه الخصوص بحاجة إلى عناية أكثر واهتمام من قبل المسؤولين لتقف بموازاة هذه التجربة في الدول العربية. المسرح.. علم وفن الورشة بحسب ما يذكر الباحث والناقد في علوم المسرح د. يحيى الحاج، يجب أن لا يقل زمنها عن شهر أو ستة أسابيع، وهي تسد العجز الأكاديمي في الدول التي لا يوجد فيها كليات ومعاهد فنون مسرحية، وتهدف إلى اكتساب الخبرة والممارسة العملية، في مجال الكتابة أو الإخراج أو التمثيل.ويشدد الحاج على ضرورة أن يكون المشرف على الورشة خبيرا وأكاديميا متخصصا، وأن يكون فاهما لأبعاد ومرامي الفن المسرحي، وقادرا على شرح ألغاز ودلالات العرض، فالمسرح له علاقة بسيمياء الدلالة، أو ما يعرف بالمنهج السيمولوجي، الذي يدرس النص الأدبي والفني، باعتبارهما علامات لغوية وغير لغوية تفكيكا وتركيبا. من هنا، تنطلق أهمية الورشة كما يوضح الحاج، بوصفها تضبط طريقة التعامل مع حركات الممثلين على الخشبة، كما تضبط آليات التناغم بين هؤلاء وبقية العناصر المكملة للعرض المسرحي، من إخراج وإضاءة وديكور وألوان، كما تضبط طريقة الإلقاء الصحيح، والورشة بهذا المفهوم كما يؤكد هي نتاج عمل جماعي تأليفا وإخراجا وتمثيلاً.أسهم الحاج في تخريج العديد من الكوادر المسرحية في الإمارات، ويدرك أكثر من غيره فلسفة الورشة، حيث يأخذ على بعض الورش استعجالها وقصر زمنها، ويشبهها بـ «الوجبات السريعة»، هذه بحسب ما يوضح لا تؤدي غرض الورشة، فالورشة يجب أن تنفذ ما يؤديه «كورس» أو «منهج» دارسي المسرح في مقرر جامعي، ولكي تؤدي غرضها، يجب أن تلعب دورها ليتمكن الدارس من استيعاب آليات المسرح في توصيل الأفكار، وتهيئة الممثل لإدراك وفهم مرامي النص، وأبعاده، وقدرته على التعاطي مع الشخصيات على الخشبة، فضلا عن تنمية إدراكه بمكملات العرض وعناصر الإخراج، وتناغمه مع بقية الطواقم الفنية، وفق قراءة تحليلية وواعية، حيث المسرح كما يقول الحاج «علم في أصول الثقافة والمعرفة».في ذات الإطار، يؤكد الحاج على الدور الذي لعبته إمارة الشارقة في توطيد صلتها بالفن المسرحي، وتعاملها معه بوصفه هاجساً إنسانياً، ضمن خططها في الثقافة والتنوير، كما ينوه بكثير من الورش التي عقدتها ولا تزال، ضمن رؤيتها لترسيخ الفن المسرحي الذي يحتاج إلى ما يمكن تسميته بـ «العلوم المجاورة» كعلم النفس التحليلي والتربوي وعلم الاجتماع، وهو فضاء مشرع على التراث والقصة والحكاية والأسطورة وثقافات الشعوب.ويختتم الحاج حديثه بالتأكيد على ضرورة تأهيل كوادر واعية في المسرح، هذا الفضاء الذي يركز على الأعمال التي تحاكي الذات والمشاعر الإنسانية، ويستفيد من كتب التراث والأشعار والقصص وغيرها، ومن المثير في الموضوع المسرحي قدرته على استيعاب النظريات العلمية، وقدرته أيضاً على أن يكون حيوياً ويحاكي واقع الإنسان المعاصر. البحث مستمر عن المواهب لعل الحاجة الماسة لتطوير الأداء المسرحي والبحث عن المواهب والأخذ بها، كانت أهم الأسباب التي دفعت عبدالله صالح لخوض تجربة الورشة التدريبية بكل ما تقدمه الورشة من تحفيز وتأهيل مسرحي، وقد مارس صالح مهمة التدريب هذه، في السنوات العشر الأولى ما بين 1980 إلى 1990، فتبنى خلالها مجموعة من الورش الفنية، كانت بدايتها في الأنشطة الصيفية، التي تقيمها مدارس الشارقة ودبي، ثم انتقل بعدها إلى مسرح دبي الشعبي، بدأها بورشة مسرحية شارك فيها 14 ممثلا، وكانت نواة لمجموعة من الممثلين وهم: علي جمال، وحمد الحمادي، ومروان عبدالله، وجمال السميطي، وعبدالله الجفالي، وعبدالله بن لندن، ومجموعة أخرى من الأسماء، وهنا يقول: «في ختام الورشة التي استمرت 45 يوما تدرب الشباب على مجموعة من التمارين المسرحية، التي نفذتها، بعد أن تسنت لي فرص الاحتكاك مع أساتذة أجلاء مخرجين ومعلمين أمثال: الريح عبدالقادر، ويحيى الحاج، ومحسن محمد، وأحمد جلال ومجموعة كبيرة ضاعفت من رصيد خبرتي في مفهوم الورش المسرحية، وهو ما نقلته بدوري لهذه المجموعة، لأسطر معهم أولى تجاربي مع مسرح دبي الشعبي».وفي تقييمه لهذه الورش، ومن واقع ما عكسته في تجارب الأسماء التي عددها صالح، والتي أصبح لها شأن، ناهيك عن تحرك العديد من المؤسسات والدوائر والوزارات في البحث عن أشكال جديدة لهذه الدورات والورش، يقول «أنا راض تماما عن هذه الورش، وما قدمته فيها، وبلغ عددها نحو 30، تميزت بأسلوبي الخاص، وهو الذي أسهم في إبراز الكثير من المواهب، وأتاح لهم فرص التميز على الساحة المسرحية المحلية، وهذا أيضا، عمق من أدواتي في الشرح، وتوصيل المعلومة لكل موهوب يعشق المسرح».وحول أهمية الورش والجهود الرسمية التي تبذل لتطوير المسرح في الإمارات، يؤمن صالح بأهمية استمرارها، فهي تخرج مواهب فذة، لأن مسرح الإمارات، كما يؤكد ما زال يبحث عن المواهب المسرحية، وهو يتمنى استمرار دعمها بكل الإمكانيات، وأن يتاح للفنان الإماراتي الذي قضى عمره على الخشبة ليقدم للأجيال خبرته، وينقل لهم عطاءه من خلال دعوته لإقامة الورش والدورات المسرحية.في ذات الإطار يشير صالح إلى كوكبة من الممثلين والممثلات الذين ظهروا مؤخرا، وقد كان له بعض الفضل في تكوينهم الفني مثل: حسن يوسف، وإبراهيم أستادي، وعذاري، وطلال محمود، وغانم ناصر، وأحمد مال الله، وعبدالله راشد، وعبدالله مسعود، وخليفة التخلوفة، وأشواق، وسالم العيان، إلى جانب ابنه مروان، وعلي جمال، وحمد الحمادي، ومحمد عطية وغيرهم.

مشاركة :