فاينانشيال تايمز يبدو أن رئيس الوزراء الإيطالي ماتيو رينزي يواجه العديد من المشاكل ويحارب في جميع الجبهات، حيث أدى نزوح اللاجئين إلى إيطاليا إضافة إلى اقتصادها الضعيف إلى غضب عارم في الشارع، ما يضع الحزب الحاكم في إيطاليا في وضع حرج جداً قبيل الانتخابات التي اقترب موعدها. وقد أضاف قرار رئيس الوزراء إنقاذ البنوك الإيطالية المتعثرة المزيد من التوتر في علاقتها مع الاتحاد الأوروبي، وهدف قراره إجراء استفتاء على الإصلاحات السياسية إلى منح حزبه زخماً جديداً، الأمر الذي يمكن أن ينقلب عليه. أما الخوف الأكبر فيتمثل في أن المستثمرين بدأوا الآن في اعتبار إيطاليا خطراً كبيراً يهدد استقرار منطقة اليورو ككل. وفي التقييم الذي أجراه صندوق النقد الدولي على الاقتصاد الإيطالي مؤخراً والذي تم نشره هذا الأسبوع، يبدو أن التقييم الكلي لم يكن إيجابياً. فبعد التصويت المفاجئ بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، توقع الصندوق أن يشهد النمو الاقتصادي الأوروبي تراجعاً بمقدار 1%، مع نظرة مستقبلية إيجابية للعام 2017 الذي توقعت فيه أن يتحسن الأداء إجمالاً. وحذر تقرير الصندوق من أن إيطاليا التي تعتبر الاقتصاد الأوروبي الوحيد الذي لم يتمكن من استعادة مستواه قبل الأزمة المالية العالمية، من المرجح ألا تتمكن من الخروج من أزمتها الاقتصادية حتى أواسط العام 2020. حيث تواجه الدولة عقدين من النمو الاقتصادي المتباطئ، والذي ألقى بظلال سلبية على معدلات البطالة والرواتب، وهي ذات الفترة التي شهدت نمواً مطرداً في اقتصادات دول أوروبية مجاورة. وتعتبر مسألة النمو الاقتصادي المتباطئ أكبر مشكلة تواجه رئيس الوزراء الإيطالي رينزي، حيث تعاني إيطاليا انخفاضاً حاداً في تدفق الاستثمارات، وقلة مساهمة الأيدي العاملة، إضافة إلى انعدام معدلات نمو الإنتاجية تقريباً. وقدرت آفاق نمو الاقتصاد الإيطالي ب 0.1-%. وتعيد هذه المشكلات التي تواجهها إيطاليا منطقة اليورو إلى المربع الأول في أزمتها، إضافة إلى سنوات عديدة من التقشف. وعزا اقتصاديون الأمر إلى عدم التعامل الأمثل مع الموارد المتاحة والكفاءات وعدم استغلالها بطريقة مثلى في الشركات والمؤسسات الكبرى، علاوة على أن هنالك العديد من المؤسسات التجارية الصغيرة التي لا تشهد أي معدلات نمو. كما ساهمت البنوك الإيطالية في الأزمة التي تعانيها إيطاليا عبر توفير روابط بين المقرضين والمستفيدين من الائتمان، حيث إن النمو المتباطئ حالياً يجعل من الصعب على القطاعات المالية استعادة عافيتها. أما الأمر الإيجابي فهو أن الإصلاحات التي بدأ رينزي في تطبيقها على أرض الواقع من المتوقع أن تؤتي أكلها في القريب العاجل إذا ما تم تنفيذها بطريقة مثلى، إضافة إلى الإصلاحات التي أجراها على النظام القانوني لجعله أكثر فاعلية في دعم التنافسية في القطاعات الخدمية، وتشجيع أصحاب العمل على نقل أعمالهم وأنشطتهم إلى المناطق الأكثر فقراً، فضلاً عن معالجة مشاكل القطاعات المصرفية والمالية. ومن واقع الحال وبالنظر إلى العوامل التي يمكن أن تلعب لصالح أي من الاحتمالات، فإنه وفي الدول التي بدأت تعاني أزمات اقتصادية خلال السنوات ال 10 الأخيرة، فإن إصلاح الأنظمة الاقتصادية كما هو الحال في دولة مثل إيطاليا يكون أصعب بكثير من الدول التي عانت أزمات عابرة. وبالتالي فإنه يترتب على رينزي دراسة أفضل الحلول الممكنة لحل الأزمة الاقتصادية والمالية التي تعانيها إيطاليا.
مشاركة :