لم أشأ رش الملح على جروح المصريين وطرح هذا الموضوع، وسط بحر الكآبة والحزن الذى أحسسنا به عقب منافسات المونديال حين انتهت سريعا بالنسبة لنا من الدور الأول، بعد أداء ضعيف، وعديم الخيال أو مقتول الطموحات. بإمكانى طرح ملف اللاعب «محمد صلاح» على نحو واضح لا تزويق فيه، فهذا اللاعب حقق إنجازه بذراعه وخارج نطاق المنظومة الرياضية المصرية على الإطلاق، وليس لأحد أى فضل عليه، فكل ما واجهه فى مصر عند بداياته كان عمليات إعاقة وكعبلة من النوع الذى يجيده ويحترفه معظم أصحاب أى قرار فى بلدنا، ولكننا بعد ما التمع اسم صلاح كالشهاب فى سماء كرة القدم الدولية، صرنا نسمع أصوات من يدعون ـ زورا وبهتانا ـ أنهم أول من اكتشف صلاح، وأن اللاعب «شرب من نيلها وتمرغ فى ترابها»، وراحت معظم الأجهزة المصرية تتصرف إزاء هذا اللاعب الدولى المحترف على نحو فيه عشم غير مبرر، أو تحاول الركوب على كتفى نجاحه واستغلال اسمه لتحقيق مكاسب رخيصة، ولقد بدأنا بوضع صورة اللاعب على طائرة المنتخب اعتداء على حقوقه وحقوق الشركة التى تحتكر استخدام صوره، ثم انتهينا بتوريط محمد صلاح فى «معجنة» و«سبوبة» فساد إقامة معسكر المنتخب فى الشيشان، ومنح صلاح لقب المواطن الفخرى من رئيس الشيشان رمضان قديروف بما أثار الإعلام الأجنبى وأمامى صور من «الإندبندنت» و«التلجراف» و«CNN» وبيان من منظمة «هيومن رايتس ووتش» ـ رغم تحفظاتنا عليها ـ تدين صلاح بأنه أصبح أداة بروبجاندا «دعاية» فى يد رمضان قديروف الذى تراه وسائل الإعلام تلك ديكتاتورا يسفك دماء ميليشيات إسلاموية، صحيح أننا ضدها، ولكن من سمح لأى طرف أن يستغل صلاح هذا الاستغلال «السياسى جدا».. لقد آن الأوان أن يرفع الجميع أياديهم عن محمد صلاح ويتوقفوا عن الإضرار به، أو محاولة استغلاله ومواصلة تعويقه و«كعبلته» فهذا الموهوب الفنان، والمواطن الصالح الذى لا يتوقف عن الإسهام فى الأعمال الإنسانية والخيرية فى بلده لا يحتاج من أحد أن يزهق أنفاسه محاولا توجيه حركته أو إضفاء دلالات غير حقيقية عليها، اتركوا صلاح فى حاله لتعود ابتسامته ويواصل إبداعه، بدلا من ذلك الوجه الحزين الكئيب الذى نجحتم فى ظهور صلاح به فى تلك البطولة الكارثية.